ادب وفن

الفنان فيصل المقدادي: أنا كاتب ملتزم أمام الشعب / ماهر حميد

شعّت ثقافة الدكتور فيصل إبراهيم المقدادي بعد أن تأثر بكتابات وقصص الكاتب اللبناني محمد دكروب وكتابات الكاتب كاظم السماوي في سنة 1959 ولقاءه بسعدي يوسف وسعدي الحديثي ومظفر النواب "أبو عادل" والفريد سمعان وفاضل ثامر في الأعوام 1964 و1965 ، و1966 وكانوا جمعيا في قاوش واحد في نكرة السلمان واولى محاولاته في القصة القصيرة القاها في ندوة في نكرة السلمان وتم تقيمها من قبل فاضل ثامر وتقديم الفريد سمعان وبحضور مظفر النواب وكاظم السماوي وزهير الدجيلي في سنة 1964 وفي سنة 1966 رأى ان مكانه الحقيقي في أكاديمية الفنون الجميلة لوجود الحماس والقناعة وبسبب اتجاه السياسي كان يحبذ المسرحيات الجيدة مثل مسرحيات برخت ، القاعدة والاستثناء والتوافق والمعارض وكانت واقعية ونقدية مثل الخطوبة وطلب زواج، إضافة إلى ذلك بعض المسرحيات، مثل القطب الواحد لجيكوف وقد شاهدة أول مسرحية على مسرح في معهد الفنون الجميلة وقدم يوسف العاني وخليل شوقي.
من فرقة المسرح الفني الحديث مسرحية آني أمك ياشاكر والفنانة زينب وقدمت في مناسبة المؤتمر الأول في زمن الجمهورية الذي يعد المؤتمر الثاني في تاريخ اتحاد الطلبة وكانت المسرحية مؤثرة ولطيفة ودفعتني الى أن أعمل مقارنة في كتاباتي في أطروحة الدكتوراه "عن أعداد الممثل في المسرح العراقي وكانت تجمع بين الإخراج والتمثيل" ومصدرها يوسف العاني الذي كان متأثرا برواية الام لمكسيم غوركي .
حاليا يعمل أستاذاً محاضراً في كلية الفنون الجميلة في أربيل،
التقت "طريق الشعب" الدكتور فيصل إبراهيم المقدادي وكان الحوار التالي:
كيف تقرأ التجريب في العمل المسرحي ؟

العمل المسرحي التجريبي هو حالة متقدمة وحالة طبيعية في ظروف طبيعية تسمح للفنان عندما يتطور أن يصل إلى مستوى التجريبي عند توفر الخبرة والموهبة. نرى بعض الشباب والأساتذة خارج البلد كما شاهدت في الأردن عراقيين يعرضون أنتاجهم وحين نسألهم هل تم عرض هذا العمل في بلدكم العراق وهذه من شروط المسرح أن يعرض على جمهور العراق، ثم ينتقل الى البلدان الأخرى، ولم يحصل ذلك. وهناك الاجتهادات التجريبية في اللقاءات الصحفية يتحدثون عنها كثيرا.
المسرح التجريبي في البلدان المستقرة يتطور والذين يكتبون عن هذا المسرح التجريبي ليسوا نقادا وانما نقاد غير متخصصين والنقاد المختصون يسمون هذا المسرح التقليدي أو التعليمي أو التجريبي وأنا في العراق أشك في هذه التسمية.

أين ترى المسرح العراقي حاليا، وهل استطاع أن يصل الى العالمية؟

هذا الموضوع بحثي، وبحاجة الى التفكير وكما تعرف المسرح في ظل هذه الظروف الاستثنائية والمعقدة التي يعيشها البلد وتعرضه الى ضغوطات سياسية، لاحظ مثلا قبول أساتذة وطلاب ومخرجين تبعا لولاءات سياسية. وتخرجوا وأصبحوا بدرجة أستاذ وأستاذ مساعد ويمثلون العراق في المؤتمرات الدولية مما كان له تأثير كبير على المسرح العراقي لكونهم غير مؤهلين، بينما لدينا كفاءات عراقية جيدة الآن في بريطانيا والسويد، لم يأتوا إلى العراق بسبب هذه الظروف السيئة.

كيف تتعامل الذائقة العراقية مع العمل المسرحي حاليا؟

سأجيبك كالآتي: كتبت أكثر من 60 نصا مسرحيا منشورا و30 كتابا والذين كتبوا عن هذه الكتب وقيموها غير متخصصين. الذائقة تعتمد على الكاتب والبعض يكتب لهذا الحاكم نصا او المساومة لجهة سياسية، وإذا تحدثت عن نفسي أرى أني كاتب ملتزم أمام الشعب العراقي. وقبل أيام التقيت الناشطة العراقية سافرة جميل الحافظ في محفل، فقد أطرت كثيرا على كتاب به خمس مسرحيات وقالت لأول مرة نرى كاتبا مسرحيا يكتب نصوصا للمرأة.. في الواقع أنا أعتبر المرأة في مجتمعنا مضطهدة.
أحد الكتب المسرحية التي صدرت لي يتحدث عن إعدام الدكتور شمس الدين فارس وهو فنان تشكيلي، وكذلك فنان آخر، وكيف تم تغييبهم. وأيضا أخرجت مسرحية لكاتب أمريكي يساري ومترجمة من قبل المترجم اليمني محمد أنعم بعنوان "في انتظار اليسار" وعرضت لمدة يومين، ثم منعت من قبل النظام السابق، وكتبت عنها في حينها مجلة الثقافة الجديدة، وبعد شهر تم اقتياد خمسة من الممثلين من قبل أزلام النظام المقبور وغيبوهم بعد ذلك مثل كاظم علي حيدر وصباح الموسوي، ودريد، وماهر كاظم شقيق الكاتب عادل كاظم.
هل لدينا في العراق اتجاه ينمو نحو المسرح الصامت؟

المسرح الصامت مسرح جميل جدا وأكثر ما يميزه الكوميديا والمفارقة، وانه مقبول لأنه تمويه حقيقي ومن المفترض أن يكون الممثل متمرسا ولديه خبرة كبيرة.

هل تعتقد ان الفنان أسعد راشد عيدان أجاد التمثيل في المسرح الصامت؟

نعم إنه فنان مسرحي جيد وأجاد التمثيل في المسرح الصامت، وكذلك الممثل طلعت السماوي في فرقة بغداد للتمثيل الذي تم تدريبه من قبلي، وهو مجتهد ويمتع الجمهور بمسرحياته.

ما رأيك بشركات الإنتاج الحالية، هل تفرض على الأعمال الدرامية شروطا تضعف من حبكة العمل وأدواته؟

بالتأكيد لكونها شركات، فهي تريد أن تستفيد، أحيانا تعتمد على تقديرها بأن "الجمهور عايز كده"، والجمهور يريد أعمال خفيفة وكوميدية تضحك الجمهور، وهذا يوصلنا الى مسرح الغجر الذي كان سائدا في العراق.
الآن مسرحنا بحاجة الى مسرح هادف ولا أقصد المسرح السياسي والمباشر أو التسجيلي فقط، وإنما المسرح الجيد الذي يجمع بين الملاذ والكوميديا والنقد والأفكار، وأن لا يكون تجاريا، وأنا لا أتعامل مع هذه الشركات وإنما أراقبها من بعد وهي تعرف مع من تتعامل.

ما رأيك بالدراما العربية والمسرح العربي؟ وهل هناك أعمال مميزة؟

بالتأكيد توجد أعمال مميزة، وسابقا كانت مصر متمثلة بسعد أردش بالذات، أيام "عبد الناصر"، وكان مسرحه متميزا، وهناك كتّاب كبار أمثال العقاد وطه حسين، وكان لديهم مبدأ ابراز الكتاب الشباب، وغالبية المبدعين المصريين تلاميذهم جيدون. وفي سوريا أيضا كانت محاولات جميلة وجادة لسليم شاكر والفنان جواد الأسدي، ومسرحه مسرح متميز وبسبب الوضع المتردي في البلد الآن هو في لبنان.