ادب وفن

الخيون ينشر رسائل (أخوان الصفا) في المقهى الثقافي العراقي في لندن /عبد جعفر

في إعادة جميلة الى زمن الإزدهار الثقافي والفكري في القرن الرابع الهجري في بغداد ، قدم الباحث الدكتور رشيد الخيون محاضرة عن (أخوان الصفا وجودهم وأرائهم) في المقهى الثقافي العراقي في لندن يوم 30-6-13
تناول الباحث قضية اختلاف المؤرخين والباحثين في معرفة منهم أخوان الصفا، وليس لدينا سوى رسائلهم التي أسموها البستان، ولم نحصل سوى على بعض الأسماء التي ذكرها أبو حيان التوحيدي.
كما اختلفوا في وصفهم هل هم مشعوذون أم علماء فلك وطب وطبيعة وغيرها. وأضاف الخيون ان السؤال لماذا هذا الكتمان في إعلان أسمائهم؟ البعض فسره هو من مخافة سلطان زمانهم، مع أن ليس في رسائلهم خروج عليه، وقيل حافظا على تنظيمهم السري، ولا أجد لديهم تنظيما، مثلما حاول معاصرون تأويل ما ورد في الرسائل على أنه تنظيم سري ثوري شبيه بالأحزاب السرية اليوم، وقالوا هم في سبب الكتمان: خشية أن تقع الرسائل بيد من لايفهمها، ولا يقدر مضمونها، فيساء فهمها، وهم يرون أن الكلام على قدر العقول، والرسائل كتبها أناس على مستوى من العلم والحكمة.
وتناول الباحث كيفية وصول أخبار هذه الجماعة ، مشيرا أنه لولا رواية التوحيدي لضاع خبر هذه الجماعة، وما كان له أن يخبر عنهم لولا سؤال إبن سعدان ت 375 هجرية، وهو وزير صمصام الدولة بن عضد الدولة البويهي، العام 373 هجرية، لما بادره بسؤال وتشكيك عن زيد بن رفاعة، بما يعني أن الوزير كان له علم بهذه الجماعة.
وعن ارائهم وافكارهم أوضح الخيون أن الحكم الذين يريدون هو حكم رمزي أي حكم اهل الخيرالتي يتر أسها الحكماء. تلك الدولة هي غايتهم القصوى، لا ينالونها عبر ثورة أو خروج على السلطان بإشهار السيوف، وأنما عبر تهيئة المجتمع، ونقله الى مستوى الحكمة والمعرفة التامة رغم أنهم لم يعطوا شكلا واضحا لهذه الدولة، هل هي خلافة بالبيعة أم وراثية في الأمامة سوى أنها دولة العدل الاجتماعي المطلق؟واشار الى أن رسائل أخوان الصفا تركت ظلالها على مقدمة إبن خلدون رغم أنه لم يشر لرسائلهم حول الدولة والمجتمع.
وهم يؤمنون بإشتراك الناس مع بعضهم البعض، كما تناولوا نشأة الكائنات بشكل واضح، حيث أشاروا الى أن ظهور الكائنات من الأركان الأربعة ، ومراتبها بداية الجماد فالنبات فالحيوان فالإنسان، وكل مرتبة تتصل بالمرتبة التي أرقى منها بكائن يحمل صفات المرتبتين، وكذلك الأرقى بالأدنى، فيكن ظهور طبيعي يمر عبر تطور في النشوء والإرتقاء، وقد كرروا ذلك في رسائل المعادن والنبات والحيوان.
وما يميز أخوان الصفا وقوفهم ضد الصراعات المذهبية العاصفة في زمانهم وإستغلال بسطاء الناس فيها، بين مختلف الفرق والمذاهب. وكانوا مؤمنين بالعقل والرأي والوقوف ضد التقليد حتى وصفوا المقلد بالأعمى والعليل.وهم يطالبون أن فحص كل أمر بالعقل ولا يعتمد على الآخر.
ومن ميزات فكرهم أيضا إيمانهم بالإختصاص في الحرف والإدارات ، وهوما نسميه بلغة عصرنا بالتكنوقراط.
وأدرك أخوان الصفا أهمية الموسيقى التي يسعمها من له حاسة سمع فالألحان تسترعي إنتباه الحيوان والإنسان على حد سواء.
واعتبروا الموسيقى مهمة لعلاج الأمراض النفسية.
ومن أفكارهم المهمة تأكيدهم على كروية الأرض في ذلك الزمان، ومعرفتهم بالدورة الدموية الصغرى قبل إبن نفيس بثلاثة قرون، كما قدموا تشريحيا للكبد ومهتمه في تصفية الدم غيرها من الأشياء.
ولهم اراء متنوعة أخرى حول الجاذبية والتنجيم والطبيعة ورمزية العدد، ووجود الإنسان وإيمانهم بفصل الدين عن الدولة وتنظيف الشريعة من كل الخزعبلات التي لحقت بها.
وأثارت هذه الندوة العديد من الأسئلة والمداخلات التي أثرت النقاش حول مادة المحاضرة.