ادب وفن

رسمي الخفاجي.. شموليته الإبداعية والإنسانية / عبد اللطيف السعدي

قدم الفنان التشكيلي العراقي، وفنان "الفيديو آرت" المعاصر، رسمي الخفاجي، أعمالاً جديدة في ما يشبه المهرجان أطلق عليه عنوان "الخريف" عبرت عن شمولية نتاجاته المتعددة الأنواع والمعاني الفنية والجمالية. أفتتح، المعرض المهرجان، في الثاني والعشرين من شهر تشرين الثاني المنصرم تواً،في كاليري "immaginaria تخيّلي" في مدينة الفن والجمال الإيطالية فلورنسا. وسيستمر عرضه حتى الخامس من شهر كانون الأول الجاري.
واصل الخفاجي، هذه المرة أيضا، نهج إحداث التغيير أو النقلات في نتاجاته وسبل ووسائل تعبيره عن مدرسته الفنية، التي تعبر عن عمق تفاعلاته مع الأحداث وحساسيته اتجاه التطورات سواء الحياتية العامة والشخصية، أم السياسية وخاصة تلك المتعلقة بعالم طفولته ونشأته العراق، والمنطقة العربية والعالم أيضا. وجاءت تسمية المعرض بالخريف تلخيصاً لتفاعله مع أحداث ما أطلق عليه "الربيع العربي" وهو يعتقد أنه الخريف بنتائجه ومساراته، "خريف ليست معروفة آفاقه المستقبلية".
وإضافة لأعماله الفنية في الرسم والتشكيل، قدم أيضاً أداءً مثيراً للإنتباه في القسم الخاص بالعمل التركيبي "installation"، وكذلك في ميدان آخر اهتماماته الفنية في "الفيديو آرت"، حيث أبدع فيه وأنتج بجرأة وخلق فني، عددا من أفلام الفيديو الفنية. ونشر اسمه على صفحات الموسوعة الحرة العالمية في "غوغل- ويكيبيديا" باعتباره واحداً من اشهرخمسة فنانين عرب معروفين في هذا الميدان الفني ذي الأهمية على المستوى العالمي، باعتباره أحد أجمل الفنون المعاصرة.
وتضمن مهرجان الخفاجي عرضاً لكتاب جمعت فيه نتاجاته الجميلة بالأسود والأبيض، والتي شكلت انعطافة أخرى في مسيرة رسم معالم مدرسته الفنية بعد عودته من العراق العام 2006، وشملت الفترة بين عاميّ 2007 و 2014. ونشرت الكتاب دار النشر الإيطالية المعروفة "فراتيني" وباللغتين الإيطالية والإنكليزية.
يدخل زائر معرض الخفاجي ليعيش أجواء الخريف. أوراق صفر وربما بعضها محمرٌ، وبرتقاليه اللون تنأى قليلاً. كما يعرض فيلم للفيديو آرت، تظهر فيه مشاهد فتاة، تلبس الأخضر "ليس صدفة"، وعيونها تتطلع إلى فوق، إلى سماء تتطلع نحو آفاق ينتظرها الفنان، بل الإنسان الموجود على إمتداد الأرض والكون، وكأن به يريد تأكيد معنى موقفه من التطورات.
وتتلاحق بعد ذلك، مشاهد رسمي 16 لوحة صغيرة من الحبر الصيني المرسوم على ورق ياباني أبيض. كما توزعت في قاعة العرض الثانية أربع لوحات بألوان مائية بالأسود والأبيض، وأكبرها، وربما أراد الفنان تلخيص جوهر فكرته أو أفكاره بها، وهي لوحة كبيرة بحجم 4 م طولا و1.30 عرضا. وينشّد الزائر وهو يلحظ وسط القاعة جهاز كومبيوتر، يظهر على شاشته عمل هام من نتاجات الفنان ويعتبر تجربة جديدة في مسيرته الفنية، فقد إستخدم رسمي هذه المرة الخشب وطرّز حفراً على سطحه بالليزر بقعا سوداء.
لقد شكل معرض رسمي الجديد، نقلة نوعية أخرى في منهج الفنان، بل إضافة جديدة ليس فقط لمسيرته الفنية بل لمسيرة الفن في بلاده وهو المتفاعل دائما معها، وكذلك هي إسهامة في مسيرة الفن الإيطالي بل والأوروبي والانفتاح على العالم.
حضر حفل الافتتاح أكثر من 200 زائر، أغلبهم من المتابعين للفن ومن النقاد والصحفيين الفنيين بل وعدد من الفنانين الإيطاليين. حشد من الإيطاليين والعرب والعراقيين ومن جنسيات أخرى. وكان من بينهم مديرة قسم الفن المعاصر في متحف "الأوفيتسي" وهو أشهر معرض ومتحف في فلورنسا وفي إيطاليا وعموم أوروبا.
بقي أن نتذكر دائما أن رسمي الخفاجي، ولد في محافظة الديوانية, ناحية سومر في جنوب العراق عام 1945, وهو خريج دار المعلمين في الديوانية عام 1964-965, و خريج معهد الفنون الجميلة, قسم الرسم, الدراسة المسائية في بغداد عام 1975- 1976. كما درس في أكاديمية الفنون الجميلة "فلورنسا" وتخرج منها عام 1984. وعمل مدرساً في ثانوية الجمهورية حتى عام 1977, حيث غادر العراق, وهو ما يزال يعيش ويعمل في منطقة براتي التابعة لمدينته الجميلة فلورنسا الواقعة شمال وسط إيطاليا.