ادب وفن

لقاء مع الفنان العراقي سلام الصكر

أجرى اللقاء- حامد شعلان وصلاح الصكر
مسيرة استمرت ما يقارب خمسة وأربعين عاما على الخشبة. عشرات الاعمال المسرحية.. محطات مهمة بغداد واليمن وكردستان وسوريا وأخيرا السويد.. ما الذي تشكله تلك السنين لتجربتك المسرحية؟
- بالتأكيد اضافة وتراكم.. تعلم الجديد. تجارب ليس لها حدود او خطوط حمر. خروج عن المألوف. تتلمذ على المستجدات. مواكبة لهموم الناس وأمانيهم.. اسئلة ابحث لها عن اجوبة عند الاخرين. تحليق في سماء الحرية وتهميش دائم اعتز وافتخر بأسبابه.
 يتضح ان موضوعة النص وأفكاره تشكل همك الأساسي..فأي النصوص تثير اهتمامك ورغبتك لإخراجها؟
- من المؤكد ان الموضوعة تثير اهتمامي وأحاسيس لتناول النص.. واستغرب احيانا ان فنانا من بلدنا مثل العراق لا تثيره هموم شعبه. آلاف المصائب صغيرها وكبيرها تستحق تناولها والتأمل فيها.. لتنتج اعمالا كبيرة. مملوءة بالوعي والجمال وليس سرا ان فترة اختياري للنص تطول لندرة النصوص الجيدة او استسهال كتابته احيانا. يضاف الى ذلك شح الامكانات المتوافرة ما يجعلني اعدل عن اخراج نصوص أعشقها، كل ذلك دفعني اخيرا الى محاولة كتابة نصوص تتلاءم وإمكانات فرقتنا ومكان تواجدنا في الغربة. واعتقد ان فرقتنا من الفرق القلائل المستمرة في عملها استنادا الى فهمنا لطبيعة المسرح ودوره رغم الظروف الصعبة والمحبطة لشح امكاناتنا. ولذا نجهد في طرح موضوعات مهمة وجريئة معتمدين على قدرات فنانين محترفين...
 حقيقة من يتابع اعمالك يلاحظ ذلك الفقر المتناهي في العناصر المسرحية المكملة للعرض المسرحي. هل بسبب شح الانتاج ام اسلوبك في الاخراج للتركيز على ممثليك، وبالتالي على الافكار التي تريد طرحها؟
- في كلتا الحالتين واستنادا الى تجربتي في كردستان العراق كمقاتل ضد الدكتاتورية هناك حيث تفتقد ادواتك لتقديم عرض مسرحي، فلا نص ولا ممثل ولا خشبة ناهيك عن العناصر الأخرى، تجربة علمتني كيف اتعامل مع الاشياء لأنتج منها أشياء اخرى اكثر جمالا وبهاء.. اكتشاف وتطويع ومحاولات لا تنتهي شاركني فيها اناس بسطاء لكنهم مملؤون بالجمال والطيبة.
- لإنتاج منجز إبداعي لأتحول أخيرا الى غجري يتنقل حاملا اكسسواره على ظهره. متنقلا بين القواطع لعرض اعماله لجمهور احيانا لم يشاهد شاشة التلفاز.. ان شح الانتاج يولد بالضرورة اهتماما جديا بالموضوعة والأفكار التي تحملها ومن هنا كان للممثل دور اساسي في التأثير ولذا اجهد في اداء الممثل والأشكال والصور التي أقدمها.
 من حديثك عن تجربتك في كردستان.. الا ترى معي ان الإعلام مقصر في اطلاع المتتبعين والدارسين للمسرح على تلك التجارب لكونها محطة وتجربة مضيئة في تاريخ مسرحنا العراقي؟

- بالتأكيد هو تقصير واضح وهي ككل القضايا المضيئة في حياتنا الثقافية يجري تهميشها. فمن يتحكم بإعلامنا أصحاب النفوذ.. طائفيون يعتاشون على التخلف.. ولن تثيرهم ثقافة شعبهم ولا تجاربه الا ان ما يحزنني اكثر ان اعلاميين ومثقفين ولدوا في رحم ثقافتنا وأصبحوا أسماء كبيرة وبسببها تشاركوا هذا التهميش المتعمد..

 بالمناسبة استغرب ان بلدنا العراق لم يحتف بك ولم يكرمك رغم سنينك على الخشبة وأعمالك التي غالبا ما يكون الهم العراقي موضوعها الاساسي في الوقت الذي تكرمك مسارح اخرى وكما حصل مؤخرا وأنت تكرم في الجزائر؟

- لابد اولا صديقي ان اقدم امتناني للجزائر وشعبها.. حقيقة وأنا اعتلي الخشبة شعرت بالفخر والاعتزاز فالمسرحيون الجزائريون لم يكرموا سلام الصكر كمبدع فقط بل كرموا مسرحنا العراقي ومبدعيه ايضا.. تاريخه وعروضه الجادة وفي الوقت ذاته احسست بألم وحزن شديد لا على من يحكمنا بل لقبولنا وسكوتنا كمثقفين وفنانين عمن يحكمنا ويتحكم بثقافتنا...

 وهل تنتظر متغيرات في السياسة الثقافية لبلدنا؟

لا اعتقد ذلك ولا انتظر متغيراً على المدى القصير. فما زالت اجواء الطائفية وثقافتها سائدة وتغذى يوميا وبشكل مستمر من قادة مصالحهم ونفوذهم تتناقض مع انتعاش الثقافة والفنون. الا ان المتتبع لابد ان يرصد ظواهر نمو وتجديد لثقافتنا بعيدا عن المجالات الرسمية ودوائرها.. نمو لحركة لا تتوقف لشباب مبدع مستغلا فسحة الحرية المتوافرة. وما يحدث في شارع المتنبي يحدث في كل مدننا العراقية.. وعلى هؤلاء اعول الكثير لاستنهاض ثقافتنا ودورها التنويري لمجتمعنا مستندين الى برنامج ثقافي وطني وان كان عفوياً يبتعد عن المسميات الطائفية والقومية والمناطقية لينطلق في رحاب وسماء وطن حضارته تمتد آلاف السنين.