ادب وفن

خليل شوقي.. المبدع المتنوع / سامي عبد الحميد

يتميز الفنان الراحل خليل شوقي في بادائه الابداعي المتنوع سواء في حقل التمثيل أم في حقل الاخراج وفي الفنون المسرحية والتلفزيونية والسينمائية. وفي هذه المقالة يتم التطرق الى ذلك التنوع الذي إن دل على شيء فهو يدل على الموهبة التي يتحلى بها الراحل وعلى الدربة المتخصصة التي اهلته لأن يكون فناناً متقدماً.
في مجال التمثيل في المسرح تميز الراحل بأدائه المبتكر وتنوع تشخيصه وتحويله وابتعاده تماماً عن "النمطية" فتراه في هذه المسرحية يختلف تماما عن تمثيله في مسرحية اخرى وقد مثل دور "الراوي" في مسرحية "الخرابة" من تأليف "يوسف العاني" واخراج "سامي عبدالحميد وقاسم محمد" ومثل دور الراوي أيضاً وبشكل مختلف في مسرحية "كان يا مكان" لقاسم محمد، وأضاف الى قدرته في التمثيل قدرة في غناء المقامات. وفي مسرحية "النخلة والجيران" لقاسم محمد وبدور "مصطفى الدلال"، يؤدي شخصيته نموذجاً لفئة كبيرة من المحتالين في المجتمعات المتخلفة، وبذلك يختلف في تمثيله لأحدى شخصيات مسرحية "الرهن" التي أعدها "عبدالامير شمخي" عن رواية "الوجه الآخر" لفؤاد التكرلي، وأخرجها سامي عبد الحميد، ويختلف أيضا عن تمثيلي دور أحد الآلهة في مسرحية "الانسان الطيب" لبريخت واخراج "عوني كرومي" ويختلف أيضا عن تمثيله دور "البخيل" في مسرحية "بغداد الأزل بين الجد والهزل".
في مجال التمثيل التلفزيوني برز "خليل شوقي" في تمثيله لدور "عبدالقادر بيك" في المسلسل "الذئب والنسر وعيون المدينة" لعادل كاظم ومن اخراج ابراهيم عبدالجليل. واذا كان يتصنع عاهة في فمه فقد كان ذلك التصنع مقنعاً للمتفرجين لكونه أداء تلقائياً وتقمصاً مقنعاً للشخصية المتجبرة.
ومن الجدير بالذكر ان خليل شوقي بقي محافظاً على الشخصية تلك وصفاتها الغريبة طيلة المسلسل التلفزيوني مما يدلل على مهارته وحرفيته المتقدمة.
وفي مجال التمثيل في السينما فقد كان خليل متفرداً في ادارة فيلم "الضامئون" من اخراج محمد شكري جميل فقد مثل شخصية ريفية من جنوب العراق واتقن اللهجة مع كونها غريبة عن لهجته البغدادية. وكذا الحال في دوره في فيلم "يوم آخر" لصاحب حداد.
في مجال الاخراج المسرحي اهتم خليل شوقي بالتفاصيل الواقعية في العرض وخصوصاً عندما اخرج مسرحية "الحلم" للمؤلف قاسم محمد، وكان اخراجه لمسرحية يوسف العاني "محامي زهكان" يسير بالاتجاه الواقعي المبسط خصوصية نقلها الى الاخراج التلفزيوني عندما اخرج السهرات التمثيلية "من نافذة الحياة" خلال اوائل الستينيات من القرن الماضي وعبر فيها عن واقع الحياة اليومية للانسان العراقي في مشاكله ومعاناته وتطلعاته الى مستقبل افضل وبالوضوح والبساطة في العملية الاخراجية استطاع ان يجتذب في تلك السهرات جماهير واسعة من المشاهدين.
ولعل افضل ما فعله خليل شوقي في حياته الفنية قيامه بدمج مجموعته "المسرح الفني" التي كان يقدم معها السهرات التمثيلية التلفزيونية مع اعضاء فرقة المسرح الحديث بعد ان الغت السلطات تراخيص الفرق المسرحية الأهلية بعد احداث شباط عام 1963، وتشكلت عندها "فرقة المسرح الفني الحديث" واتخذت من "مسرح بغداد" مقراً لها وكان خليل شوقي من أعمدة الفرقة الجديدة التي بقيت تقدم عروضها المسرحية الشعبية وبمستويات فكرية تقدمية وفنية عالية حتى سقوط النظام السابق عام 2003 حيث توقفت الفرقة عن العمل بسبب الظروف الأمنية المضطربة، وكان خليل شوقي قد غادرها قبل ذلك بسنوات عندما اضطر للهجرة خارج البلاد ابتعاداً عن ملاحقة السلطة الغاشمة التي كانت خائفة من نشاطه الفكري والفني.