ادب وفن

اتحاد الادباء ينظم ندوة بمناسبة مرور عام على سقوط الموصل / بسام عبد الرزاق

استذكر الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق، صباح امس، "اليوم الانتكاسة" التي تعرضت لها محافظة نينوى والتي ادت الى سقوط مدينة الموصل بايدي عناصر تنظيم "داعش" الارهابي، هذا السقوط الذي طغى تأريخه على غالبية العناوين العراقية بعد 2003 ليصبح تاريخا جديدا من خلاله تحديد ملامح جديدة للبلاد.
الحواضن الداخلية لعبت دورها
رئيس الاتحاد العام للادباء والكتاب فاضل ثامر كان اول المتحدثين، الذي كشف عن مخاطر كبيرة من عودة وهيمنة الخطاب الديني، قائلا ان "هناك مخاطر كبيرة في صعود الاسلام السني والشيعي معا في الوطن العربي، وفي العالم الاسلامي، وهنا صعدت التيارات الدينية سنية وشيعية بخطاباتها وادت الى خلق نوع من الاحتراب والتناقض المستفحل داخل المجتمع العراقي" مبينا انه "لهذا بدا المجتمع مفككا وهشا وصنف من قبل الكثير من علماء السياسة والاجتماع بانه من المجتمعات الفاشلة".
ولفت ثامر الى ان "ثورة 14 تموز وخلال اربع سنوات انجزت الكثير وهناك دول تمكنت خلال عشر سنوات من تحقيق نقلات وتطورات كبيرة، إلا اننا في العراق تأخرنا في عمليات التنمية البشرية التي كان عليها ان تنطلق منذ زمن طويل".
واوضح ان "قوى الردة والتخريب كلها كانت تتآمر على العراق، على المستوى الدولي والاقليمي والمحلي، وان الحواضن الداخلية لعبت دورا كبيرا في تفكيك عرى المجتمع وفي خلق الازمات والصراعات، لكننا كان ينبغي ان ننتبه وان لا نخادع انفسنا، فقد كنا نتحدث عن جيش واكتشفنا انه كان وهما وان ظاهرة الجنود الفضائيين كانت مخجلة ومؤسفة".
لا جدية في محاسبة المسؤولين عن السقوط
ويذكر ثامر "حدثني احد الضباط الكبار في نينوى قبل سقوط الموصل وقال ان الموصل محتلة بالكامل من قبل داعش والقاعدة ولا نستطيع التحرك إلا في حدود قواعدنا العسكرية، اما هم فياخذون الاتاوات ويفرضون على الناس حياتهم، واكد لي وجود حاضنات كبيرة حتى على مستوى الدولة والمحافظة، وذكر لي ايضا ان المحافظة ساقطة، فلماذا تستغربون، ولا تحتاج الى غزوة وكان بامكانهم انتزاع الموصل في اي لحظة ارادوا".
ويبين ثامر انه "يجب ان لا نستبعد عنصر المؤامرة نهائيا، فهناك قوى معينة سيكشف عنها المستقبل أسهمت في عملية ترهيب الناس والقوات المسلحة ودفعها الى الانسحاب في لحظة معينة" لافتا الى انه "لا توجد جدية في محاسبة المسؤولين عن سقوط الموصل واجزاء من صلاح الدين والانبار".
ويرى ثامر ان هناك ضرورة لتحشيد قواتنا الامنية والحشد الشعبي، شريطة ان لا تستثمر بخطاب ديني وتوجهات طائفية او مذهبية، لاننا بحاجة الى مخاطبة جميع الفصائل حتى يكون شعارها وطنيا، وحسن تغيير شعارات المرحلة الى "لبيك يا عراق"، يجب ان لا يتم استدراجنا الى فخاخ الدولة الدينية ودولة الفقيه، ويجب ان نكون صريحين لان دستورنا حدد طبيعة دولتنا وعلينا ان نسير بهذا الاتجاه.
ودعا الى فصل الدين عن السياسة كما فعلت اوربا ويجب النضال من اجل ذلك لكي لا تتحول التجربة العراقية الى تجربة ظلامية تعاني منها الاجيال على يد شرائح طفيلية شرهة تتضخم على حساب المجتمع.
أربعة احتمالات
الكاتب والصحفي رئيس تحرير جريدة الصباح عبد المنعم الاعسم فضلا عن طرحه العديد من التساؤلات الآنية والمستقبلية وضع اربعة احتمالات للاجابة عن سؤال ماذا سيحدث؟.
ووصف احتماله الاول بالاسوأ حيث تتمكن "داعش" من فرض مزيد من السيطرة على المناطق قد تصل الى حزام بغداد وتخترقه وصولا الى حدود المنطقة الخضراء، حينذاك ندخل نفقا معتما، الكل فيه يحارب الكل، وهو احتمال مفزع حسب وصف الاعسم.
الاحتمالات الثلاثة الاخرى تتحدث عن مستويات معينة لكسر شوكة داعش منها ما يبقي للتنظيم الارهابي مكانا في المعادلة من خلال حصر سيطرته في بعض المدن ومنها ما يسهم في القضاء عليه بصورة نهائية.
ويوضح الاعسم ان "هذه الاحتمالات لها مقومات تحقق على الارض وامام كل احتمال تحديات، ويقف امام كل هذه الاحتمالات ما تستمد قوته منه، من صراعات خارج الساحة وتوازن القوى في المنطقة وما تؤول اليه الحرب في سوريا واليمن وما يحدث في لبنان والخليج وصولا الى الصراع ما بين واشنطن وطهران.
ويبين ان "جميع الاحتمالات ستتأثر بما يحيط العراق من تحديات وارادات، ونحن الى الان لم نكشف عن جميع اوراق اللاعبين خارج الساحة، ذلك لان الكثير منهم لا يعطون جزءا من الحقيقة، اذ لا يصح ونحن نحمل العقل والارادة والخوف على العراق ان نطمئن الى الشعارات والتطمينات والسيناريوهات المشرقة البهيجة فخلف كل هذا تفاصيل لعينة.
"تنظيم" لتحقيق شهوة المهمشين

عميد كلية العلوم السياسية في كلية النهرين عامر حسن فياض يرى في تنظيم داعش انه "افضل تنظيم معولم قدم وسائل غير مشروعة لتحقيق الشهوة للمهمشين في العالم، وهي منظمة تحقق الشهوات غير المشروعة للمال والجنس والسلطة والدم"، مبينا ان "الهدف من وراء ما يحصل هي الدولة وفكرة الدولة بمحاولة تجريفها من العقل وتحطيمها كمؤسسات على الارض".
ويذكر فياض ان "قوة داعش تكمن في الخارج، النفعية الغربية والتوسعية الاسرائيلية والمال الخليجي والاخوانية التركية ومشتقاتها في المنطقة، لكن التركيز على الخارج لا يمكن ان يبعدنا عن قوته الداخلية العقائدية واعتمادها على النص الديني بالتعامل مع غير المسلم بقضايا الجزية والقتل والتعامل مع المسلم بخيار واحد وهو القتل لانه مرتد وهذا يعتمد على النص والعقيدة".
وطرح عميد كلية العلوم السياسية العديد من التساؤلات حول المصالحة الوطنية واهمية الحشد الشعبي والحاجة اليه، مؤكدا ان "الحل النهائي هو الديمقراطية، خاصة اذا فهمنا بانها في العراق مثلها مثل الحجر الكريم في مستنقع آسن وعلينا ان نضعها في اجواء وحاضنة نقية".
وينهي فياض حديثه بالقول: "يجب التفكير بتحويل الحشد الشعبي الى الجهد الامني الوطني، لا كما يريد البعض في ان يضعه كبديل او رديف للجيش".

الكل وقف بالضد من مؤسسة عسكرية وامنية قوية

الخبير الامني اللواء عبد الكريم خلف يرى ان ما حدث في حزيران 2014 لم يكن صدفة بل هو متوقع، وهذا الامر يسحبنا الى الكيفية التي تم من خلالها بناء المؤسسة الامنية والعسكرية.
ويذكر ان الجميع كان متفق على تدمير المؤسسة العسكرية".
ويوضح ان "لهذا السبب تم بناء مؤسسة عسكرية من 14 فرقة 13 منها تتألف من الهمرات التي تستخدمها الشرطة والحرس الوطني الامريكيين في قضايا حفظ الامن الداخلي وفرقة مدرعة واحدة مكونة من لواءين".
ويقول: "حينها سألت الفريق عبود قنبر لو ان فرقتين مدرعتين دخلتا من الكويت وباسناد طيران سمتي اين تقف هاتين الفرقتين؟ هل يستطيع احد ايقافهما؟ وبعد مرور وقت اجابني بعدم القدرة على ايقافهما.
القائمون على الحكم تعمدوا سياسة "شرطنة" الجيش وعدم تحويل الملف الداخلي الى وزارة الداخلية، بحسب خلف.
ويبين ان "الخلل الاخر، هو بناء المؤسسة على اساس الولاءات، وبعض الفرق في الجيش لا تخضع لامرة القائد العام للقوات المسلحة" لافتا الى ان "شرعنة الفساد كانت من داخل مكتب القائد العام للقوات المسلحة
ويكشف خلف ان "لولا التدخل السياسي لاستطاعت القوات الامنية البقاء في الموصل ومقاومة عناصر داعش الذين دخلو المدينة، لكن اصحاب القرار السياسي يريدون للجيش ان يضمحل ويتراجع الى الخلف ولا تكون هناك هوية وطنية، هؤلاء الاسلاميون يرون ان الهوية الوطنية كفر ويسعون الى جعل اذرع عديدة اقوى من الجيش بكثير".
ويضيف ان "وجود داعش في المناطق السنية مع عدم وجود حلول سياسية وضعها في موقع قوة، اذ انخرط الكثير من اهالي تلك المناطق في صفوف التنظيم، فماذا ستفعل الدولة؟ ستقتلهم جميعهم؟ هكذا ستكون عمليات القتل مستمرة، وهذا يخلق مشكلة كبيرة لا سيما ان داعش قام بتوريط الكثيرين معه وهو يتقصد هذا الامر ويمارسه مع جميع المناطق التي احتلتها".
ويشير خلف الى ان "بناء القوات المسلحة يحتاج الى ثلاث سنوات ولن يكون جيشا قويا ايضا، لكنه يستطيع على الاقل الدفاع عن حدود العراق".

طمس حضارتنا وراء هذا

رئيس قسم الاثار في كلية الاداب جامعة بغداد حيدر فرحان تناول الجانب الاثاري والحضاري الذي تعرض ويتعرض الى التدمير والسرقات، مؤكدا ان "الانتكاسات في هذا الجانب يقف خلفها الساسة باستمرار في السابق وحاليا".
ويرى فرحان ان "المبررات الحقيقية لسرقة وتدمير الاثار هي لطمس تاريخ وحضارة العراق، التي توالت منذ 9000 عام واقساها بعد 2003 حيث تم قصف المتاحف في تكريت والبصرة اضافة الى اتخاذ المواقع الاثرية كثكنات عسكرية" مبينا ان "هذا الامر مقصود لاسيما ما حدث لامهات المدن اور وبابل واشور ونينوى وسامراء".
ويذكر انه "كان بامكان القوات الامريكية ان تتخذ اماكن بديلة وتجنب المناطق الحضارية التدمير وتعريضها لاضرار في اصالة وسلامة تلك المناطق وضياع الادلة المادية على الحضارة، ياتي بعدها تدمير السجل الوطني للاثار لانهاء الاوليات والمعلومات والغرض منه عدم القدرة على استعادتها، لان جميع التفاصيل موجودة في هذا السجل ومن خلاله وحده يمكن مطالبة الانتربول باستعادة الاثار".
ويبين رئيس قسم الاثار ان "داعش قامت بسرقة واتلاف العديد من الاثار ومنها ما لا يشكل عليه شرعا في جميع المذاهب الاسلامية فما مبرر هذا الامر؟ اعتقد ان من يطمس حضارتنا هدفه واحد ومن يقف خلفه واحد ايضا".