ادب وفن

المثقفون يطلقون تسمية "الهبة الشعبية" على الحراك الجماهيري

بغداد - ماتع:
قال المخرج محمد الدراجي ان "ثلث بغداد قد خرجوا اليوم الى ساحة التحرير"، وكان يدلي رأيه في تظاهرة الجمعة 28 آب 2015. وما قاله هو ما كان يبدو ليس للذي حضر وشارك فحسب، بل حتى لمن بيته بعيد عن وسط العاصمة. ومن كان يشاهد قوافل "الكوسترات" وهي تنقل المتظاهرين يتصور أن البغاددة قد عافوا البيوت والأسواق وحجوا الى ساحة التحرير. وبصدق تحققت نبوءة المعمار رفعت الچادرچي الذي صمم اللافتة العملاقة لنصب الحرية. فهكذا لافتة هي ما تصلح لهذه الجموع الهادرة التي وصفها المتنبي:
خميسٌ بشرق الأرض والغرب زَحْفُهُ
وفي أُذُنِ الجَوزاء منهُ زَمَازِمُ
- جئنا نتضامن مع المتظاهرين ومطالبهم.
هذا ما قاله أحد أبناء التيار الصدري لوكالة اخبارية، وهكذا بقيت الساحة مدنية بشعاراتها، شعبية بمطالبها، تعبر عن نبض الشارع وتحمل آلام الناس وآمالهم.
ولأول مرة، يتجمع المثقفون عند ساحة النصر بألوانهم كافة، الأدباء والإعلاميون والشعراء الشعبيون والخطاطون والفنانون من ممثلين ومسرحيين وتشكيليين وسينمائيين وموسيقيين ومذيعين ومصورين، ثم ينطلقون الى ساحة التحرير، مرددين الهتافات والأهازيج والهوسات والقصائد. وقد تميزوا هذه الجمعة بكونهم رددوا: (هبة.. هبة شعبية - ما أگول آني شعليه)، فأطلقوا وصف "الهبة الشعبية" على الحراك الجماهيري الذي يعم العراق لجمعة خامسة.
وهذه الجمعة، لم يكن الماء فقط مبذولا. بل عشرات العربات كانت توزع العصير والشرابت الباردة مجانا على المتظاهرين. ولم تكن القوات الأمنية لوحدها تفتش بل بادر المتظاهرون الى تشكيل حواجز تفتيشية رديفة. ولم يكن التنظيم جميلا فحسب بل كان أرتب وأدق وأرقى من جمعات سابقة.
ولم يقلل من سلمية المشهد البانورامي تهور البعض في محاولة عبور الجسر ما دعا الأمن الى استخدام القنابل المسيلة للدموع. لكن الحال لم يتحول الى ما يشبه حادثة جسر الأئمة عندما صاح فتى: حزام ناسف.. اذ سرعان ما أعتقل هذا "المندس" الظريف ذو المزحة الثقيلة المرعبة.