ادب وفن

قصيدتان / مؤيد الراوي

شجرة العائلة
وإذا أبصرتَ شجرةً خضراءَ
تتحدّثُ بلغاتٍ مُبهمةٍ، يَتفياْ تحتها اعرابيونَ
يومئونَ للريحِ الآتيةِ من الجنّة
بيدهم كتابٌ
يُلوّحونَ بهِ للنجومِ، وقد تحجّرَت في السماء
شجرةٌ من ضفافِ الجنّةِ
تحملُ ثماراً
وتنادي
هذه يدي أفتحها للطيور
أعشاشها غذاء ٌللأفاعي
ولطلقةِ صيّادٍ ماكر
شجرةٌ مزروعةٌ بكهفِ المخيّلة
تلقي بعصاها في البحرِ
تشقّهُ
وتقلب سُفنهُ
إذا أبصرتها أبصرتَ الشجرةَ
وهيَ ترمي للأشباحِ ثمارَها
خُذْ فأساً
واقطعْ بها جذعَ الشجرة
ثم اغرز في أغصانها المسامير
هذهِ الصحراءُ "نحنُ رُعاتها" حقولٌ للثعالبِ المرقّطةِ
مرَّتْ في مراياها سَبعُ سَنواتٍ عجاف
أكلتِ الطيرُ من رؤوسنا
وعَصَفَ بواحاتنا الطاعون
وهذهِ معاطفُ الليلِ "لباسُنا" تَجتمعُ فيها عيونٌ مطفأة ٌبالشوكِ
ونحنُ نُدفَنُ فيها
نَرتديها
وتليقُ بنا
لتَتَقدّمَ القيامةُ خطوةً
فنسيرُ، قافلةً منَ العُراةِ
مُبتهجينَ
نحوَ الجحيمِ
الذي يَفتحُ بابَهُ
تحتَ الشَجَرَةِ
***
زيارة
كلّ صباحٍ
والنومُ يُثقلُ جفني
يأتي إليّ هذا الطائرُ المبهمُ
ينقرُ على الزجاج، إذا كانتِ النوافذُ مغلقةً والستائرُ مسدلة
ينقرُ واقفاً في الثلجِ
الذي يُغطّي باحةَ الدارِ، ويواري معه أيّامي
يجيء إليّ عاتباً
لا ليغنّي
بل ليتحدّث
عن الجبالِ التي قطعها
والمدن التي رآها
والناس الذينِ غنّى لهم
ليسكبَ ليَ الرائحة
واضعاً أمامي
شريطاً من تداعياتٍ قديمة
هكذا
يَسرقُ منّي
هذا الطائرُ المبهمُ
بجناحيهِ
الهواء