ادب وفن

في ندوة عقدتها "الثقافة الجديدة" : ورقات فكرية وسياسية حول دور المثقف في الحراك الشعبي

غالي العطوني، د. ماهر الخليلي
عقدت مجلة "الثقافة الجديدة"، صباح أمس السبت، ندوة حوارية حول دور المثقف العراقي في الحراك الشعبي الأخير، القائم في بغداد والمحافظات.
شارك في الندوة التي عقدت على قاعة المركز الثقافي النفطي في بغداد، جمع من المثقفين والأكاديميين والباحثين والناشطين والإعلاميين، الذين قدم بعضهم ورقات فكرية حول نوعية الصراع الدائر بين حركة الاحتجاج وحيتان الفساد. فيما أدارها الشاعر والإعلامي إبراهيم الخياط، مستهلا حديثه بتقديم نبذة عن المشهد السياسي العراقي الراهن، والحراك الشعبي الذي يضم أطيافا متنوعة من أبناء الشعب. وأضاف الخياط متسائلا: "أين يكمن دور المثقف في هذا المشهد؟".
بعد ذلك قدم د. عامر حسن فياض ورقة دراسية بعنوان "أسئلة البعد السياسي لمعادلة التظاهر والإصلاح"، تساءل في مطلعها: "هل المثقف العراقي فهم ما يجري لكي يفهم الآخرين ويقود التظاهرات؟"، وأجاب قائلا: "أنا أشك في فهم المثقف لما يحدث".
وأضاف قائلا: "ان التظاهر حق دستوري ولكنه غير منظم قانونيا، فالدولة لا تتفق مع الدستور في هذه الجزئية لان افعالها وتطبيقها القوانين القسرية القديمة على المتظاهرين، تؤكد وجود ثقافة العنف والاضطهاد ضد الراي المخالف والمعارض لوجهة النظر الحكومية"، متابعا قوله: "يجب الضغط على البرلمان لتشريع قانون يسمح للتظاهر وفق المادة 39 من الدستور".
وأشار د. فياض في حديثه إلى ان السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، لا تمتلك الإرادة السياسية لاتخاذ القرارات التي تدخل ضمن الإنجاز الإصلاحي، مبينا ان السبب في ذلك يعود إلى النظام السياسي القائم على أساس المحاصصة الطائفية والعنصرية.
وكانت الورقة الثانية للكاتب رضا الظاهر، وهي بعنوان "الاصلاح الثقافي"، وقد أشار فيها إلى أهمية توفير مستلزمات النهوض الثقافي، وإعادة بناء البنى التحتية لجميع مفاصل المؤسسات الثقافية، فضلا عن تفعيل دور منظمات المجتمع المدني.
وتطرق الظاهر إلى قضية تغييب دور المثقفين والنخب المبدعة، وغياب دعم الدولة للإبداع الثقافي، إلى جانب آثار الاحتلال بعد 2003، والحكومات الطائفية المتعاقبة.
كذلك تحدث الظاهر عن غياب الطبقة الوسطى، مشيرا إلى انها دائما ما تكون في صلب الوعي الثوري التقدمي وحاملة لشعار التنوير والدولة المدنية، ومشددا على تفعيل دور هذه الطبقة التي تعرضت إلى ضربات متتالية منذ سبعينيات القرن الماضي ولغاية الآن، "فهي المحرك الثقافي لحركة الوعي المجتمعي".
وشدد الظاهر في ورقته أيضا، على أهمية استقلالية الثقافة وعدم التدخل الحكومي فيها، فضلا عن وضع استراتيجية ثقافية وطنية بعيدة المدى، تشمل جميع المؤسسات الثقافية.
أما الورقة الثالثة فكانت بعنوان "دلالات مشاركة المثقفين في الحراك الشعبي"، قدمها الناقد فاضل ثامر، وتحدث فيها عن دور الطبقة السياسية في زرع الفساد والاتجاه نحو الطائفية والمذهبية، مشيرا إلى ان الفساد مستشر في مؤسسات الدولة، ومتناولا بروز ظاهرة الفساد الكبير عند طبقة العسكريين، وظاهرة الفضائيين، اللتين تسببتا في خسارة عسكرية كبيرة.
وقدم ثامر جملة حلول لهذه المرحلة، أهمها المراهنة على دور المثقفين في استمرارية وديمومة التظاهر، ورفد مشاريع الاصلاح في ظل المنظومة الحالية دون الخوض في تفاصيل العودة الى المربع الاول.
وقدم الكاتب والباحث سعد محمد رحيم ورقة بعنوان "الاحتجاجات الشعبية والوظيفة العضوية للمثقف"، تطرق فيها إلى الشريحة المثقفة التي لها رؤى واعية في تفسير شكل الصراع الدائر حاليا، ليكون المثقف جزءا من هذا الصراع، وبذلك يؤكد تفاعله مع المجتمع.
وأوضح رحيم ان مثقف اليوم يرى الظاهرة الحالية مثل الظواهر الأخرى، وله القدرة على تفسير وتفكيك نوعية الظواهر، "وبذلك يمكن القول ان الفساد الحكومي الحالي أحد الظواهر التي استطاع المثقف تفسيرها بشكل واع وثوري، ليثبت انه مثقف عضوي دائم الحركة، وله نشاط تفاعلي مع المجتمع، وليؤكد ان حراكه الفكري داخل البيئة الاجتماعية حدد نوعية الصراع الدائر بين حركة الاحتجاج وظاهرة الفساد الحكومي".
هذا وشارك في الندوة عدد من الحاضرين بتقديم المداخلات: د. أثمار الشطري، د. لاهاي عبد الحسين، د. حسان عاكف، د. جبرا الطائي، رائد فهمي، الناشط عمار الساعدي، د. أحمد إبراهيم، د. أياد العنبر، الناشط جاسم الحلفي، عضو مجلس محافظة بغداد فرحان قاسم، نقيب الفنانين العراقيين صباح المندلاوي، د. ماهر الخليلي، الكاتب سلام حربة، د. اسامة عبد الرحمن الدوري، د. عبد الهادي مشتاق، والإعلامي توفيق التميمي.
جدير بالذكر انه كان من المفترض أن يشارك في الندوة كل من د. متعب مناف، ود. إرادة الجبوري، إلا انهما لم يحضرا بسبب ظروف فيضان الامطار.