ادب وفن

خارج النسق... / ياسين النصير

تعيش الثقافة العراقية في جدب فكري مميت،إذ ليس من مجلة ثقافية متخصصة باتجاه او حقل معرفي معين، حقل ينسجم ومهمات القرن العشرين في مجالات الفلسفة والعمارة والفكر والتقنية والعلوم والثقافة، ما يصدر من مجلات عندنا تجاوزها العالم واصبحت طرق اعدادها من مبتدئات العملية الثقافية،اليوم للمجلة حضورها ليس بوصفها مختصة، إنما تغطي وتستوعب جوانب مهمة من الانتاج الثقافي، وسيقولون لي كيف ذلك، ولدينا مجلات مثل الاقلام والثقافة الاجنبية ، ولدينا عدد من المجلات التي يصدرها نخبة من المثقفين العراقيين وعلى حسابهم الخاص. ومع ذلك كله، اقول ليس لدينا مجلات، في الوقت الذي يلاحق المثقف العراقي ما يصدر في مصر وفي الكويت و البحرين و الامارات وعمان و لبنان من مجلات، لا احد إلا القلة تفكر النشر في مجلة الاقلام، والسبب ليس لانها لا تنتشر ولا تصل حتى للعراقيين في المحافظات، إنما أنها بلا منهجية ولاخطة ولا تصور. في حين يلاحق مثقفنا مجلات عربية عديدة مثل: مجلة عالم المعرفة، والفكر المعاصر، ونزوى، والبحرين، ودبي الثقافية، والفنون الكويتية، وسلسلة عالم المعرفة، والثقافة العالمية، وفصول، والآداب، وغيرها كثير؟ مع ان هذه البلدان لا تمتلك ثرواتنا ولا قدرات كتابنا الذين يملأون صفحات هذه المجلات.ومع ذلك يمكن الإشارة إلى وجود مجلة الكوفة،بالرغم من عمرها القصير حققت حضورا، وإلى مجلة الثقافة الاجنبية، بوصفها نافذة على الآخر، وهما المجلتان اللتان تصرف عليهما جهات حكومية، في حين ان مجلات عراقية كثيرة تصدر وبنوايا طيبة وبمسؤولية عالية تجاه الثقافة والمثقف العراقي، قد لا تستمر طويلا بالرغم من الكفاءات العلمية والادبية التي تشرف عليها، تلجأ الدول المتقدمة إلى الاشتراط على المؤسسات الاهلية والبنوك والبلديات لأن تخصيص معونات للأنشطة الثقافية، ومن بينها المجلات،والكتب، وتتراوح هذه المعونات من تغطية النفقات الكاملة إلى تغطية اجزاء من الكلفة، إلا الشرط الأساس في ديمومة هذه المجلات والانشطة هو ان تكون مسجلة وفق قوانين البلديات، ولها هيئة تحرير محددة، ولها حساب بنكي، ولهابعد ذلك خطط لتطوير توزيعاتها والمجالات التي تغطيها.
وإذا اعتبرنا الثقافة فقط ما يختص بالأدب من شعروقصة ومسرح، فقد اُبعدت هذه الحقول من سياسة واهتمام المجلات الغربية، وتركتها للملاحق الادبية ولمخططات دور النشر،فمثل هذه الحقول لا تدخل في ميادين الاختصاص،إنما هي جزء من الابداع الذاتي الذي يجد مجاله في الصحافة والملاحق الثقافية وخطط دور النشر للكتب.نحن لم نصل بعد إلى مثل هذا التخطيط، ولو اردنا حقيقة يمكننا أن نصل لاننا نمتلك كفاءات حقيقية في مجالي التنظيم والتخطيط،. ولكن؟!!
مادامت المجلات حكومية، والمشرفون عليها من بطانة الفئات الحاكمة لا تتوقع ان يكون لأي مجلة صوت نقدي، او برنامج واضح، فهي كما هو معمول به في جميع المجالات اصبحت الوظيفة وملحقاتها تشريفا للقائمين عليها بغض النظرعن كفاءاتهم وقدراتهم.،اليس بالامكان ان تخصص هذه المجلات عدداً من الصفحات لاستكتاب مثقفين او الدعوة إلى كتابة نصوص لمكافحة الارهاب والتخلف والطائفية؟ قد يقول البعض هم رجعنا لسياسة التكليف- ولكن مهمة وطنية مثل هذا يمكن للمثقف ان يمارس دورا تنويريا والعالم المبتلى بمثل ما ابتلي العراق به من حقه على مثقفيه ان يكلفهم القيام بدور وطني.