ادب وفن

توطئة .. رحل زهير الغناء

مذ رضع الشعر من ثدي أمه، في ربوع "الشطره"، حتى اغماضة عينيه في الكويت، لم يشترط الدجيلي يوما على العراق سوى:"بلچن عذاب افراگم بهداى من ياذينى"، أمنية لم تتحقق له يوما، مذ غادر العراق مضطرا، في سبعينيات القرن الماضي. لكن صدمته، هي أن "معشوقته العراق"، جعلته في أصعب معادلة: " صار العمر روحه بلا رده ألك.. والمشكله صعبه نعيش الغربه من دونك"!
يؤنث زهير الوطن في شعره، ليغدو امرأة، أم، وحبيبة. ولطالما حلم بعراق جميل مثل أصالته وتاريخه وحضارته، وظن أن معادلة عشقه معه اكتملت:" "حسبالي عدينه الوفه والعمر وتراضينه". لكنه يفاجأ بحوت الفساد والخراب، تهاجم معشوقته، فيندهش ويردد بحزن:"وين انت كًليّ بيا بلد؟ إبيا مزاد إنبعت؟ وأرباب الفساد البيك كل ساعة يبيعونك".
يعاتب زهير حبيبته العراق على استحياء:" كان الأمل تتوضى في دجلة الشمس.. وترفع أذان النور للناس اليعبدونك.. موتبقى تتوضى بدم أحبابك وبدموع اليحبونك"!
توفي أخيرا صاحب المواهب: الشاعر، والصحفي، والكاتب، والاذاعي، والتلفزيوني، ومؤلف المسلسلات التاريخية والشعبية، وكاتب أشعار الطفولة، المناضل، الساخر، الحالم، العاشق، ابن العراق الوفي.
في الثالث من آذار، شعر بختام سفره الخالد، طوى بساطه الأخضر الجميل، من طرفه الممتد منذ ثلاثينيات القرن الماضي، الى طرف ابتسامة صغيرة علقت على شفتيه. حدق في سقف الغرفة، باحثا، من دون جدوى، عن آخر طير عراقي، من "طيوره الطايره"، فهمس لنفسه:"حرامات العمر من ينگضي بساع"!
«ثقافة»