ادب وفن

الزعيم الركن عبد الكريم قاسم.. / مقداد مسعود

ألقيت في إحتفالية اللحنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في البصرة بمناسبة الشمعة الثامنة والخمسين..لثورة 14
تموز
مقداد مسعود

في اللحظاتِ الأخيرة لإندلاع 14 تموز 1958
يتأملُ الزعيمُ الركن عبد الكريم قاسم وجَهه ُ في المرايا ..
فيرى ذلك المعلمَ
في تلك المدرسة الإبتدائية
المعلم الذي كان يشبهه تماما
هاهما وجهاً لوجه : الزعيمُ / المعلّم ُ..
هاهما ليس هما..
يرفعُ الزعيمُ كفيه ، ليعدّل ياختَه ُ العسكرية َ
فيستروحُ رائحة َ طباشير
يتأمل أناملَه
فيراها بيضاءَ ملطخة ً بالطفولة
يتذكرُ مستقبلا يريده ُ بالألوان لنا
بعد الثورة ..وهو يلّوح بذراعه ِ أثناء الخطابة
سيرى تلاميذ ُ ذلك المعلم الذي يُشبهه
يرفعون أصابَعهم العشرة َ للإجابة
ولايرى مندساً يتأبط رشاشة َ بورسعيد ..
وحين يحشر الزعيم قدميه ِ في بسطاله
سيرى..
حفاة ً
حفاة ً
حفاة ً ...
عزلاً ..مقيدين
تقودهم مذأبة ٌ ...إلى فيلم بالأسود والأحمر
وسيشمُ الزعيمُ رائحة َ شواءٍ بشريّ يتشظى بتوقيتِ مزاج ٍ وثنيّ
في عراق مابعد 2003
يهرول الزعيمُ صارخاً في هذه الخريطة ِ التي مزقتها الفوهات الوطنية والمستوطنة
وسيرى طيوراً أبابيلَ عراقية ً
تنقض على الأنجاس وتخيط ثياباً طاهرة ً مطهرة ً للعراق .
يواصل الزعيمُ صراخَه الدامي : عراق ليس سوى العراق .
وسيخلع سترتَه ُ العسكرية
على معلمة ٍ من خجلِ البصرة ِ وطيبِتها
خلعت عليها سيارة ٌ مفخخة ٌ ثوبا ناريا
.....................................................
مايزال الزعيم يسعى بين بياضين : ثلج الفاو وملح زاخو..
والكلُ
الكل ُ رأى ظللا أخضر يتقدم الزعيم حينا وحينا يكون خلفه أو على يمينه أو يساره
وهناك مَن رأى الزعيم َ يطيرُ بأجنحة ٍ خضر
وحين هبط الزعيم
صار نقطة ً خضراءَ مِن غيرِ سوء
وسط َدائرة ٍ
مِن عراقيات ٍ وعراقيين
بصوتٍ خفيضٍ متكسرٍ إنكسارَ الغصونِ الطرية
خاطبهُ الكل ُّ
:وحَدك
أيها الزعيم ..
أيها المفدّى
أيها الزعيم المفدّى الحبيبُ المحبوب
وحَدك ..
مَن أوصلتنا
إلى هذا الدرك ِ المعتم ِ
من المياه ِ الثقيلة ..