ادب وفن

فراشة في زنزانة... / خلدون جاويد

فراشة فضية في زنزانة ظلماء
ترتطم بكل الأحايين ، بالآجر المشفّرْ .
تندب حظها
فهناك خلف خصلات ليلِها المتفحّم
هناك اللآنهاياتْ
سماواتٌ تتمدد على سرير الكينونة
صباحات ٌمن ذهبٍ ارجواني
سنوات من جلنار خيّامي
ضفاف من اللآزوَرد المشَذ ّر
بأحمر شفاه القمر
وهي رهينة الداكن والأسوَد
حتى الأحلام هنا سوداء
هناك تبكي الفراشة لوحدِها
من رآى دمعة الفراشة ؟
بها اشتياق مرير الى وطنها العراق
لا السجان يرحم
ولا الأحلام وردية
ما هذا الحظ الأسوَد ؟
بها لهفة حارقة الى أخيها هناك
آخر ما تبقى لها من سلالة الفراشات
رأس الفراشة ينتكس كالأسير
بلى بلى
انها المكبلة بأصفاد الأزلْ
والأبدْ !
كم حدّثتْ نفسها بأن تنتحرْ
كم همستْ في ذاتها
لا مشنقة هنا
لا حبْلٌ لكي أتدلى
لا نار كي أمدد لها جناحي ّ
لا خنجر كي ألقي بنفسي عليه
وأحز على شفرته رقبتي الواهنة.
هكذا حدثتْ الفراشة ذاتها .
لكن لا .
لا الف لا .
الحنين للعراق أقوى من الانتحار
قوة الحياة أسمى من الموت.
تخيلتْ وجه اخيها
كم كان مؤتلقا
سُدّتْ بواباتُ الأحلام السوداءْ
راحتْ تبكي فرحا ً
لأنها رأت أمواج النور في الحلم
قادمة ًمن وجه أخيها
تبكي وتقهقه !
من رآى دمعة الفراشة ؟
من أصغى لضحكات فراشة ؟
الزنزانة الزنزانة
ربما تنهدم ذات يوم
لقد تحررت ليلى بنت لكيز
وسجناء الباستيل
ونلسون مانديلا
وسجناء بلادي .
آخرُ السجن ِحرية ٌ
آخرة ُ الليل ِالغسقُ
حتى الموت
آخرة ُ الموت ِحياة ٌ
ذات يوم سينادون على الفراشة
على كل بريء ٍ بأن يُطلق سراحُهُ
أبشروا بشروا فإن الوطنْ
بانتظار الفـَراش جميعا
الفـَراش المنطلق بالملايين من كوى الحبس
راحلٌ للوطنْ
حُلمٌ حُلمٌ حُلمٌ
أفاقت الفراشة ُمن نومِها
فاذا بها في فراشِها مشلولة َالجناحينْ
تنتظر مَن سيأتي اليها
لينقلها الى كرسيّها المتحركْ
يالسوء طالع الفراشة ْ
لا وطن ٌولا جناحانْ
لقد نزلتْ من زنزانة ِالحلم
الى زنزانة الكرسي المتحركْ
يالسوء طالع الفراشة ْ.
*******
16/7/2016