ادب وفن

صاحب حجارة .. شاعر من ثورة العشرين المجيدة / كاظم السيد علي

الهوسة الفراتية مارست فعلها المحرض وخفقت في وجدان كل ثائر من الثوار خلال ثورة العشرين، فكانت مواكبة احداثها وتوجهاتها وتغنت برجالها وشهدائها. فالكثير من الشعراء عاشوا مع الثورة علاقة انسانية كفاحية. فراح يكثف في الحيز اللغوي والشعري طاقة روحية وفكرية هائلة ليفجرها بحماسة في نفوس متلقيه الثوار.
ومن الشعراء الذين وقفوا في سوح النضال والقتال عندما اندلعت الثورة العراقية عام 1920 هو الشاعر الكبير الحاج صاحب حجارة المولود عام 1903 قرية الطحينية احدى قرى مدينة الديوانية.
شاعر اشتهر في اول شبابه بكتابة الشعر الغزلي، بعدها اتصل بالشاعرين الكبيرين طاهر المصري وحمادة عبد الحسين من شعراء الديوانية الرواد فأتقن الشعر الشعبي بكل حذافيره في مدرسيتهما، بعدها انتقل الى مدينة الكوفة عام 1926 واتصل بأمراء الشعر الشعبي آنذاك في مدينة النجف كل من عبود غفلة وابراهيم الخليل ابو شبع والملا حميد السداوي، وابدع في هذا المجال بكل فنونه واغراضه رغم انه لا يقرأ ولايكتب يقول الشعر بالسليقة، واغلب اشعاره شائعة منتشرة بين الناس ومريدوه في مدينته، اضافة الى انه من معاصري ثورة العشرين المجيدة له مواقف ادبية مشرفه عام 1920 عند قدوم الانكليز لسلب كرامة الوطن، وهتك محرماته ووقوف كل طبقات الشعب ضدهم فكان يذهب الى المدن المجاورة المحيطة بقريته، ويحفزهم على النهوض ضد المستعمرين والغاصبين، فانشد اهازيجه واشعاره وقصائده الشعبية المؤثرة بين الثوار منها التي تحفظها ذاكرته:
كل فكرك (يديلي* ) للعراق اتفوت
ما توصل العوجه ولا بالسماوة تفوت
اظن گلبك ثخين اونسه يوم الكوت
(اعظام الصوجر موجودة)
وقال ايضا وهو يخاطب المستعمرين آنذاك:
ذوله احنه بها السنة العشرين نهضتنه
عيد الموت عدنه ابدون ثايتنه
احنه التخفك عله الصين رايتنه
(اشلون انذل الكم ييهودي)
وقال ايضا وهو يشد من عزيمة الثوار في سوح المعركة ويؤكد للمستعمرين قوة العراق العظيم بشعبه، وبكل طبقاته الشجاعة الذي هبت لدحر المستعمرين:
احنه اهل العراق و بالحرب فرسان
احنه اشبول يعرب ما نهاب الدان
اظن سكران ديلي واظن سكران
اتذب الدود بحلك آفه
هذا وكما قلنا سلفا ان الشاعر صاحب حجارة شاعر شعبي ابدع في نظم الشعر الشعبي معبرا عن همومه وتطلعاته شانه شأن الشعراء الاخرين من معاصريه فله في المراسلات والاخوانيات والوجدانيات وبكل فنون ادبنا الشعبي ومنها عثرنا على بيتا من الدارمي من بين اوراقه مخاطبا فيه الشاعر الراحل عباس الحاج هجيج الحلي:
الگلب ياعباس اعتقد مالوم
اترجه للمكتوب منك بكل يوم
وله في الابوذية ايضا:
هوجي بالطراد يموت لاجن
اشجم طاغي ذبال السيف لاجن
زبيبه جي بوكت السلم لاجن
اهي الاطياب لو شبجن عليه
واخيرا نكتفي بهذا القدر عن شاعر ثورة العشرين وفاء لما قدمه لأدبنا الشعبي العراقي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* ديلي: الحاكم العسكري لمدينة الديوانية آنذاك.