ادب وفن

"عطش النخيل" مواويل بحرينية بنكهة عراقية / ريسان الخزعلي

( 1 )
*.. الشاعر /علي عبدالله خليفة/..، شاعر بحريني معروف، يكتب بالفصحى والعامية البحرينية من ستينيات القرن الماضي. لفت الأنتباه اليه منذ صدور مجموعته (أنين الصواري، عطش النخيل)..، الأولى بالفصحى، والثانية بالعامية، وقد صدرتا في عامي 1969- 1970 على التوالي؛ كما أصدر لاحقاً العديد من المجموعات الشعرية في كلا اللونين، والشاعر يحظى بحضور شعري على مستوى الوطن العربي.
( 2 )
*.. /عطش النخيل/.. تضم مجموعة مواويل متنوعة المواضيع والأساليب البنائية، وقد كانت (النخلة) - إضافة الى رمزية عنوان المجموعة – دالة الشاعر ومدلوله، حياتياً وشعرياً:
يقول الشاعر في الإهداء: الى النخيل التي تنبت فوق الظما وشراهة الملح.
*.. يا نخلةٍ شيّبت تملي عطاها سدود
إحنا انزرعنا وعشنا في ثراچ سدود
لا هم حرّ الظما وماي الرّجا مسدود
إحنا شربنا الوفا من كاسكم وافي
طيبچ معا حبّنا في الأرض متوافي
والزرع ليمن نبت في أرض الحيا وافي
يا غارسٍ في الصُبح، تالي الغوارس دود.
...،
*.. يا الگيظ، مرحبْ، تعب ويّاك ما نِخله
صُب العرگ، والبذور. لا بد بانِخله
حسبي على من سرگ منچ العذگ نخله
ربيّت كل الشّيَرْ.. بستان عمري سلف
أدفع ضمان إبقهر.. وارث سلف عن سلف
عگار يزرع نخل : غواص يحمل سلف
يا الگيظ في كل سنه آموت في نخله.
( 3 )
*.. في الأسلوب البنائي، يعتمد الشاعر الشكل السباعي، كما هو الشكل الشائع في العراق (أ، أ، أ، ب، ب، ب، أ)..، وهذا الشكل يشتغل عليه معظم المجموعة، الا انه وفي عدد محدود من الموالات يستخدم الشكل الثماني (أ، أ، أ، ب، ب، ب، ب، أ).
*.. عصفورة في اليتم غنّت زمانٍ شاب
مدّت يناح الدّفه.. رشّت ندى الأعشاب
تعطي وليفٍ بگى إمن الصُغر لي شاب
يكتب حزاوي الأمل، ويصارع الأخطار
عالگ يلمّ الغفو بجناحها لو طار
واليوم هبّ الهوا وتكاثرت لمطار
والليل داس الضوه عتبي على الأوطار
تجرح نيوم الصحو.. تملي الزلال أو شاب.
*.. ان الشكل الثماني هو الآخر شكل عراقي، والشكل العراقي ايضاً تجاوز الشكل العشري والعشريني..الخ.
ان الموال البحريني في هذه المجموعة من الناحية العروضية ياتي على البحر البسيط ايضاً (مستفعلن فاعل مستفعلن فـَعْلن) وتحولاته، ومن جمالياته ان الجناس احياناً لا يأتي مفردة مستقلة وانما جزء من المفردة كما هو واضح في النموذج السابق. كما ان اللهجة قريبة جداً من اللهجة العراقية، وأرى ان التعليل يكمن في انتشار الأغنية العراقية وتماس البحّارة البحرينيين مع مدينة البصرة من خلال موانئها. اضافة الى نباهة الشاعر واشتغالاته في اللغة واللهجة وزياراته الى العراق من خلال مهرجانات المربد، اضافة الى وجود بحرينيين من أصول عراقية يسكنون في مدن البحرين..، وقد لاحظت في جدول شرح المفردات، ان المفردة الشعبية البحرينية هي مفردة عراقية مع ملاحظة قلب الجيم الى ياء (الشجر الشيّر)..، ومن كل ما تقدم، يكون الموال البحريني ذا نكهة عراقية، بل من جذور عراقية، وتلك هي (دلمون) – الحلم الأول، الحلم المنتهي.
( 4 )
*.. الشاعر في /عطش النخيل/ كتب عن هموم الأنسان البحريني وتطلعاته برؤية فنية/ جمالية وباشتباك مع أعصاب الناس، كتب عن الأرض والحب والنضال والمستقبل:
*.. تجمل إليمن صعد سابع سمه وارتاح
لا يظن ذاك النذل: عملاق طب وانتاح
انتَ الگمر والشمس وانتَ لنا مفتاح
مفتاح كل شي صعب لي زاد عن حدّه
أفكارك البيضه بگت سيفٍ مضى حده
يوگف مع أجيال الأمل في الضيج يتحدى
يا مْعَلّم الأمه الوفا، يبگى الوفا وارتاح.
( 5 )
*.. من موالات الشاعر المغناة والتي رددها العراقيون، واستثمروا الدلالة سياسياً، هذا الموال الذي ارتكز على مفردة (أعبيد):
*.. لنّك عظيم وگوي شدّيت بك راسي
يا عبيد اصلك وفي للضيج متراسي
وانتَ شراع خطف حط في الگلب راسي
زرّاع بًذرًه أمل والماي من داره
بحّار چفه إصبرت للريح وأقداره
مهما اشوفك خلي في گيود غدّاره
ماگول: شمسك طفت لو شيّبو راسي.
*.. /عطش النخيل/.. ديوان شعبي جاء بشكل الموال، ليكون الأقرب في الوصول والتوصيل، والطريق الى الغناء الشعبي والتداول المستمر، ولم يغفل ان يقول شعراً من خارج شكل الموال بقصدية يشيء بها النموذج الاتي، والذي يُذكر بأنشودة عراقية؟!
*.. إرفع راسك.. خله فوگ
مهما يعوي يّمك ذيب
خلّك أكبرمن جرحك
اكبر من كل التعذيب
مهما گالوا : ما تگدر،
ما تطلع شمسك تچذيب
إرفع راسك خلّه فوگ
نخله تعطي فوگ الحد
واكتب اسمك : شعب إكبير
وامشي دربك، ما من حًدْ
يبگى مثلك دايم.. دوم
كل ظالم لازم ينحّدْ
إرفع راسك، عطني يديك
خل نذبح كل إسمه ذيب.