ادب وفن

مظلتان لشخص واحد.. الشيوعي ..في الرواية الكويتية / مقداد مسعود

في رواية ( صلوات على دجلة والفرات) للدكتورة فوزية الدريع ، ، شخصية شيوعية عراقية من أهالي البصرة ، فرّت من جحيم الطاغية إلى خارج العراق . فحراس البوابة الشرقية (هؤلاء الذئاب هم وكلابهم سبب هروب زوجتي وابنتي مني .كانوا سبب دماري وتشريدي منذ أكثر من عشر سنوات .أهرب من مكان لآخر، الأرصفة وطني ../ 41) حيدر المنساب مع صوت المغني فؤاد سالم (حيدر اليساري الهارب من جحيم نظام دكتاتوري، هو بصراوي لحد النخاع كل يوم يبكيها وتبكيه .هرب بأفكار ،،وطن حرٌ وشعب ٌ سعيد ) دمرّها نظام البعث و(علّق الكثير من رجالاتها على المقاصل ورمى بعضهم بأكياس النفايات بنهر دجلة بعد تقطيعهم ../37)..وحين زادته المنافي رهقاً لاذ بالكويت في بيت أخته العلوية زينب ، المتزوجة من رجل كويتي ..حيدر في بداية عقده السادس ،لكنه أكبر من ذلك بسبب (ثلث عمره بين المطاردة والسجون ،حاله حال أغلب اليساريين الذين رفضوا أن يوقعوا على ورقة ،،براءة الذل ،، الذي أجبر نظام البعث بعضهم التوقيع عليها ..وهكذا صار حيدر(يشم رائحة البصرة في الكويت أو قد يجدها بصرته الثانية لوجود أخته فيها) ولأنها بصرته الثانية ، فكان حيدر من أوائل المنخرطين في المقاومة الكويتية ضد غزو دولة الكويت. وفي ذات يوم (سيارة جيب عسكرية ترفع العلم العراقي تطوف الشوارع، تحمل ثلاثة مشانق ، عُلقت عليها ثلاث جثث لرجال كويتيين بدشاديشهم البيض /93) وأحداها جثة حيدر الشيوعي العراقي البصراوي وجود الشخصية الشيوعية في رواية الدكتورة فوزية الدريع ، تأتي كمحاولة روائية ثانية ، أما المحاولة الأولى فقد جسدتها شخصية يعقوب اليهودي في رواية (أما بعد ) للروائي الكويتي وليد الرجيب .. وفيها يمازج المؤلف بين الارشيف والمتخيل المشروط روائيا ، وهذا ليس إكتشافي بل شهادة المؤلف نفسه في الصفحة الأولى (فكرة الرواية مأخوذة عن قصة حقيقية ، بينما الشخوص والأحداث في الرواية هي من صنع الخيال ) وشخصية الشيوعي اليهودي الكويتي( يعقوب داود عزرا) مسقط رأسه الكويت 1923ومسقط رأس والده أيضا وقد جاء والده للدنيا بعد عام من تولي الشيخ عبدالله بن صباح الثاني وبشهادة المخرج السينمائي مناحيم ليفي وهو مخرج سينمائي يساري ،كلفه الحزب الشيوعي الأسرائيلي (راكاح) بإعداد فيلم عن حياة المناضل يعقوب داود عزرا، بمناسبة عيد ميلاده السادس والثمانين ..بشهادة المخرج فيها( شيئا مميزاً لايوجد إلا عند المبدعين والفنانين ذوي الكاريزما في هيئته وملامحه الشرقية جاذبية كبار السن ،ومن شدة حبه للكويت والعراق (يتكلم بلغة عربية ذات لهجة كويتية ،أو عراقية أقرب إلى الكويت ، وكان شرطه لإجراء هذه المقابلة ../ 33)..وهو الآن يعيش وحده – عفوا – يعيش مع الصوّر المعلقة على الحائط (صوّر من الكويت القديمة، وبعض صور من العراق ../43)..وفي آواخر أيامه وعلى إيقاع المطر، يتذكر السياب ويقرأ للمرافقة ساشا وهما في الطريق مطلع (إنشودة المطر)..ثم يغمر حلمٌ عتيق لذيذ مثل نبيذ الكنائس ويبوح لساشا (أشعر بشيء جديد ، أشعر بقربي من طفولتي في الكويت ، ومن ساره ، كنت أخوض ببرك المطر أنا وموسى، ونفرح عند هطول المطر../ 60)..والبصرة بالنسبة للمناضل الشيوعي يعقوب داود عزرا، دار التهجير الأول وبشهادته (كانت رائحة البصرة تختلف عن رائحة الكويت ،ففي البصرة كانت رائحة الطين وشط العرب ، بينما رائحة الكويت ،كانت رائحة البحر والملح ، كانت بيوت البصرة مختلفة في طابعها، فمعظمها كانت مبنية من الآجر الأصفر، كانت ملابس الناس متنوعة بين العربي والإفرنجي، سواء الرجال أم النساء../180)..وفي البصرة سيعتقل – سهوا- بتهمة الإنتماء للحزب الشيوعي العراقي الذي يومها لايعرف عنه شيئا !! ويتعرض لتعذيب بشع ويتعرف في سجون البصرة إلى شيوعيين واستهوتني هذه المبادىء، كما استهوتني معاملة المعتقلين لي والمتسمة بالإنسانية / 198)ويبقى يعقوب داود مشدودا ،إلى مسقط رأسه الكويت ، فهو حين يصادفهم في ملهى ليلي..(كنت أحيانا أقابل بعض الكويتين، وأجلس لأتحدث معهم وأقوم بالدفع عنهم، باعتبارهم أهل بلدي../ 183).. وحتى يذكرونه بالعراق وتحديدا بالبصرة ، كان فريق العمل (يحضرون معهم طعاما أو شرابا، فكان يقول أحدهم ليعقوب (زوجتي طبخت لك مرقة السبزي، لتذكرك بالعراق ../189)..
*فوزية الدريع /صلوات على دجلة والفرات / دارمدارك / ط1/ 2012
*وليد الرجيب / أما بعد / دار الفارابي / ط1/ 2012