ادب وفن

قصص قصيرة جدا / رسمي رحومي الهيتي

خيبة
.... شيخ طاعن في العمر، منظره يثير الشفقة، وهو يعرض أمامه علب المناديل الورقية للبيع، ذلك أمر محزن دفعني ان ابتاع واحدة، مع انها من النوعيات الرديئة .. ناولني واحدة، فدفعت له خمسة آلاف دينار لا أملك غيرها مع ان سعرها ألف دينار، ثم حدجته بنظرة خاطفة، ضمنتها مغزى، تمنيت لو انه عرفه!.. وأنا أهم بالانسحاب متوجها الى منزلي وهو في مرمى البصر، ولم تمض الا ثوان، حتى تناهى الى سمعي نداؤه :"عمي، يا ولد، اخوية"، لم اشك انه يقصدني.. كرر ذلك أكثر من مرة، قلت في نفسي، كم نبيل وطيب هذا الشيخ، فهو يعتقد انني قد نسيت المتبقي ليّ! تغافلت كل تلك النداءات، الا انه فاجأني وقد لحق بي وهو يضع يده على كتفي وباليد الأخرى يحمل تلك الورقة النقدية، دافعا بها اليّ بتهكم شديد قائلا : انها مزورة!
كمين
ما أثار استغرابه ودهشته ان الجميع في هذا السوق يشبهونه.. ذات الملامح والأوصاف، وحتى الملابس!
بائع الخضراوات يشبهه، أو هو يشبه بائع الخضراوات. سائقو العجلات يشبهونه، أو هو يشبههم! جميع المتبضعين، بعضهم يشبه البعض في أدق التفاصيل، والكل يشبهونه! الطول والعيون، لون الشعر، تدويرة الوجه.. كل شيء.. كل شيء! اذن هل هو هم؟ وهل هم هو؟
فكر مليا في الأمر، وجرب أن يقتل نفسه ليرى! وفعل.. وحين أيقن الجميع انه قد مات، نزعوا الاقنعة!
تداول
....بعد أن ساءت أحوال المملكة، وتدهورت مرافق الحياة، ودب الفساد فيها، أرتأى الملك ان يستأنس برأي ابنته الكبرى حول تغيير الوزير الأول "زوجها" مقترحاً صهراً آخر لهذه المهمة، الأمر الذي أثار غضبها، وأشعل غيرتها، الا انها وبذكاء مداهن، سارعت الى عقد صفقة مع أختها "غريمتها"، أسفرت عن استلام زوجها العرش، مخلية منصب زوجها لـ " نسيبها"، فيما تولى أبوهما مهمة رئيس الشرطة!
خبرة
اعتمدت على حدسها وفراستها، وحاولت استدراجه الى ما يريد :- تفضل " عمو "
اربكته مبادرتها، فحاول مداراة ذلك بما يعتقده لباقة وذكاء! " ان اخي وهو كبير في السن يعاني من ارتفاع ضغط الدم".
قاطعته، كذلك ارتفاع السكر، اليس كذلك؟.... نعم، نعم . استدارت الى رف قريب، سحبت منه شريطا ووضعته في كف الرجل العجوز قائلة :- سوف لن يخذلك ! .... اقصد "اخوك".
غادر الصيدلية وهو يتمتم .... "ايتها الملعونة"!