ادب وفن

في الفلسفة والتفكير العقلي واللغة / قيس مجيد المولى

تُعرف الفلسفة بغير تعريفها الاشتقاقي من الأصل اليوناني كونها حب الحكمة، تُعَرف وبرأي كانط: بأنها خروج الإنسان من قصوره الذاتي، فالإنسان مخلوق تجريبي والتجريب يستدعي طرح متواليات الأسئلة بدءا من الأشياء المحيطة والمباشرة إلى الأشياء الكونية ذات السر الغامض والدافع المحير حيث تتبلور منظومة الوعي والتي تعتبر الشك جملة قواها المحركة لأفعال الإدراك الجديد لتأمل المهم ثم الأهم في الحياة وفق القوانين التي ترتكز إلى حوافز التفكير الفلسفي ومنها الارتكاز على الغريزة وإرادة المعارف والأديان ومسائل الدهشة التي تثيرها الحواس وإدراك الموت ووعيه وكذلك مجمل المتغيرات التي تصب في مجالات التطور الإنساني وفي مجالاته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والنفسية أو النظرة للحريات وحقوق الإنسان.
الفلسفة لا تلغي التفكير العقلي إزاء القضايا المصيرية تلك ذات الدلالة الجمعية أو الفردية فهما عوامل صراع أما لكسب الإنسان لوجوده على الصعيد الروحي أو استمراريته في الحياة على الصعيد المعنوي، مادامت قوى التفكير قد حيدت فيه جانبا للمماثلة على تمثيل وجوده في الحياة وهذا التحييد لن يكون منفصلا عن معالجة الواقع الكلي بعد أن تتم معالجة جزء من الواقع بالعلوم الضرورية كالعلوم الطبيعية والرياضيات والقانون والطب والموسيقى وبهذا التداخل مع الجزئي والكلي يستطع الإنسان أن يجد موقعه من العالمين الداخلي والخارجي بعد إدراك المسلمات والتلاعب بالأسئلة التي تثار عن كيفيات الوجود كله وضمن زمن تتابعي وغير مقفل.
إن الفلسفة شأنها شأن أي منتج فكري لا تقوم في بدايات نشوئها على كمال مطلق وكذلك دون انكسارات بل تبني بالتعاقب وفق إشراقات مفكريها والبيئة الحاضنة لها فالفلسفة اليونانية مثالا لذلك قد مرت بأطوار نشوئية "النشوء- الينوع – النضج – الجمود – الانحطاط" مع تعدد مدارسها وتعدد النهج والاتجاهات التي سارت عليها تلك المدارس وكذلك الحال في الفلسفة ذات المعطيات الشرقية "بابلية- هندية- مصرية". وليس المهم أسبقيتها بل عمقها التأملي وما أضافته الى العقل الإنساني حتى وإن كانت فلسفة أقيمت على شيء من المعقول أو تلك التي تسيدت اللامعقولية نظرتها الى الحياة والعالم الأخر ما دام التناقض قائما بين الوجود نفسه والعدم نفسه أمام الوجود الجوهري للأنا وقدراتها الفائقة على تأمل الكون واكتشافه،