ادب وفن

ثلاثة نصوص شعرية في ذكرى يوم الشهيد الشيوعي / شعر: د. حسن البياتي

-1-
سلام عادل
(الذي صدق وعده فكُتب اسمه
في سجل الشهداء الخالدين)
كان صديقي...
إنني أعرف في جبينه الصمود والإصرارْ،
أعانق الأفكار
يبذرها،
وقلبه الوديعْ
ينبوع نور خالدٍ
يحيل ليلنا نهارا
وأرضَـنا اليبابْ
جنائن مشرعة الابوابْ
يؤمها الجميع.
كان صديقي...
إنني أكاد، رغم ضجة البحار،
أسمع صوته الرهيبَ، صوته العملاقْ
يصيح في وجوههم،
يصرخ : يا أشرار!
لن تسرقوا من فميَ الأسرار ...
فلتقلعوا الأظفـارْ!
ولـْـتطفئوا الأحداق!
لن تستطيعوا!
إنني أقسمت لـن أبــوحْ
ولتقتلوني!
لن أبوحَ، لن أبوح!
الموت أحلى،
إنني أموتْ
لكنما العراقُ
لن يموت لن يموت لن يموت!!
لكنه ما ماتْ،
ما زال يحيا بيننا،
في كل عرق نابض : عــراقْ ...
فكرته – الحياة ْ
تشربها القلوب والأحداق
وصوته العملاق
ما زال يفــرش المدى
ويرعب الطغاة
موسكو - آذار 1963
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ألقيت من إذاعة موسكو، باللغتين العربية والروسية في نيسان 1963. نشرت في جريدة الاخبار اللبنانية (لسان حال الحزب الشيوعي اللبناني) في نيسان 1963. ونشرت مترجمة الى اللغة الروسية في الصحيفة الادبية الاسبوعية (ليتيراتورنايا كازيتا) – لسان حال اتحاد الكتاب السوفيت – في الشهر نفسه.
أعادت نشرها جريدة (طريق الشعب) لسان حال الحزب الشيوعي العراقي – آذار 2004 مصحوبة بتخطيط تشكيلي للفنان أياد صادق، الذي تفضلت به الصحيفة.
-2-
الإرادة
(الى المناضل الشهيد جمال الحيدري)
قيل للبحار: مهلا ً، لا تجازفْ!
إنّ هذا البحر مجنون العواصفْ،
جامحٌ، لا يتأنــّى، لا يحابي،
مزبدُ الموج، عتيُّ الريح، محموم العـُبابِ،
جارفٌ، تعترض الحيتانُ فيه كلَّ مركبْ،
مغرقٌ، مختلج القاع بما يذهل، يرعبْ...
لا تجازف!
أنت ما زلت طريَّ العود، أزغبْ ...
لا تجازف!
سوف تـشقى، سوف تـتعبْ!...
رَدَّ : يا قومُ ، كفاكم، و اسمعوني :
إنني صممت أن أركب هذا البحر، حتما ً، فـدعوني!
طالما خضتُ بحارا ً، قبله، أدهى و أغربْ ...
أنا ماض ٍ، لستُ آبِهْ،
افهموني!
سوف أرعى في فضاءات رحابِهْ،
أرتوي - رشفا ً و نهلا ً - من قوارير حـَـبابهْ،
مازجا ً أسمى تراتيل شجوني
بأنين النغم النابع من شـجْو ِ رَبابهْ ...
صدقوني!
ليست الرحلة ُ في بحر العواصفْ
هي أمضى خطراً من ليل جلاد العواطفْ ...
سأجازفْ!
لندن ـ 14/11/2006
-3-
وضاح
الى المناضل الشهيد وضاح حسن (سعدون)
ببساطهْ :
كان إنسانا ً عراقيا ً أصيلا
قلبه ُ للوطن الحالم بالنور ِ
و للشعب الذي أنجبَ مثله ْ ...
كان إنسانا ً عراقيا ً جميلا
يعشق الورد َ و تغريد َ العصافير ِ و أفياءَ الخميله ْ
و حكايات ِ الطفوله ْ
و زغاريد َ صبيات ِ المحلــّــه ْ
لم ْ يقل ْ لليل ِ أطبــِــق ْ،
لم يقل للشمس غيـبي!
كان في كل القلوب ِ
أملا ً حلوا ً و حبا ً و ابتسامات ِ أهلــّــه ْ،
كان إنسانا ً عراقيا ً أصيلا،
نابعا ً من رحــِــم ِ الأرض التي قالت له ُ :
يا ولدي كــُـن ْ مثــلما شئت، فكان ْ
دوحة ً نابضة َ العــِــرق بأعماق الزمان ْ
يتفيــّــا ظلــَّـــها عالــَـــمــُــنا جيلا ً فــجيلا ...
كان إنسانا ً عراقيا ً جميلا.
ببساطهْ :
أنا لا أبكــيه ِ، لن أبكي َ يوما ً
وطنا ً يحتضن الأفـْـق َ
و شعبا ً يتحدّى الليل َ و الويل َ
و فكرا ً خالدا ً أنجب َ مثــلــَـــه ْ
لندن 15/11/2004