ادب وفن

من الروائع الخالدة للشاعر الكبير محمد صالح بحر العلوم

مقاطع من قصيدة أين حقي؟
رحت أستفسر من عقلي وهل يدرك عقلي
محنة الكون التي استعصت على العالم قبلي
ألأجل الكون أسعى أنا أم يسعى لأجلى
وإذا كان لكل فيه حق: أين حقي؟!
***
فأجاب العقل في لهجة شكاك محاذر
أنا في رأسك محفوف بأنواع المخاطر
تطلب العدل وقانون بني جنسك جائر
إن يكن عدلا فسله عن لساني: أين حقي؟!
***
أنا ضيعت كما ضيعت جهدا في هباء
باحثا عن فكرة العدل بكد وعناء
وإذا بالناس ترجوا العدل من حكم السماء
وسماء الناس كالناس تنادي: أين حقي؟!
***
إن أنا أذعنت للخلق وحاولت التعامي
كان شأني شأن من يطلب غيثا من جهام
فنظام الخلق لا يعرف وزنا لنظامي
ونظامي لم يزل يصرخ مثلي: أين حقي؟!
***
ما لبعض الناس لا يحسب للتفكير فضلا
ومتى ناقشته الرأي تعداك وولى
زاعما إبقاء ما كان على ما كان أولى
من جديد يعرف الواقع منه: أين حقي؟!
***
بان هذا الثوب مشقوقا لأرباب البصائر
فاستعار القوم ما يستر سوءات السرائر
هو ثوب العنصريات وهذا غير ساتر
وصراخ الأكثريات تعالى: أين حقي؟!
***
كيف تبقى الأكثريات ترى هذي المهازل
يكدح الشعب بلا أجر لأفراد قلائل
وملايين الضحايا بين فلاح وعامل
لم يزل يصرعها الظلم ويدعو: أين حقي؟!
***
أمن القومية الحقة يشقى الكادحونا
ويعيش الانتهازيون فيها ناعمونا
والجماهير تعاني من أذى الجوع شجونا
والأصولية تستنكر شكوى: أين حقي؟!
***
حرروا الأمة إن كنتم دعاة صادقينا
من قيود الجهل تحريرا يصد الطامعينا
وأقيموا الوزن في تأمين حق العاملينا
ودعوا الكوخ ينادى القصر دوما: أين حقي؟!
***
يا قصورا لم تكن إلا بسعي الضعفاء
هذه الأكواخ فاضت من دماء البؤساء
وبنوك استحضروا الخمرة من هذي الدماء
فسلي الكأس يجبك الدم فيه: أين حقي ؟!
***
حاسبيني إن يكن ثمة ديوان حساب
كيف أهلوك تهادوا بين لهو وشراب
وتناسوا أن شعبا في شقاء وعذاب
يجذب الحسرة والحسرة تحكي: أين حقي؟!
***
كم فتى في الكوخ أجدى من أمير في القصور
قوته اليومي لا يزداد عن قرص صغير
ثلثاه من تراب والبقايا من شعير
وبباب الكوخ كلب الشيخ يدعو: أين حقي؟!