ادب وفن

بطاقات قصيرة للعام الجديد (9) / مزهر بن مدلول

غيبوبة!
آخ من وجع الاسنان.. كل (لمعة) رشقة راجمة!.. قبل ليلة من الان، زارني حلم على غير عادة، (اخبرني آمر السرية، بأنّ الاشقاء (السوفيت) قدّموا لنا اسلحة تجعل الاعداء يتساقطون كالذباب، والرصاصة التي نطلقها، تقفز الحواجز وتدخل الغرف وتلقي القبض على من نريد)!.
لكنّ وجع الاسنان المفاجئ، حوّل الحلم الى هلوسة، حتى اني تمنيت لو تدحرجتْ صخرة من قمة هذا الجبل الاقرع وسقطتْ على قدمي لكي يُتاح لي ان اختار بين وجعين!.
مازال امامي ثلاثة ايام حتى اصل الى الطبيب، وكنت اعالج الالم بدسّ رماد سجائري بين اسناني، ولكن من دون فائدة، ففمي أنتفخ من جهته اليسرى ولم اعد قادرا على النوم او الكلام !.
عندما وصلت الى المقر، ركضت مباشرة الى الطبابة، استلقيت على كرسي طبيب الأسنان الذي صنعه (ابو حسن حبيب ألبي) من خشب البلوط!، كان الطبيب (ابو بدر) مبتسما ويلقي القصائد، وحين رفعت رأسي، وجدت وجهه معلقا في سقف الغرفة!، فأكتشفت لاول مرة انه فارع الطول!....
اعدَّ الطبيب ابرة حقن البنج، كانت من الطول والسماكة ما يوحي بأنها مخصصة لأسنان بغل!، خفت طبعا!، ورددت مع نفسي: يا ربي اجّلْ موعد زيارة عزرائيل الى وقت اخر وفي مكان اخر!....
دفع الابرة في اسفل السن الملتهبة، وسرعان ما سرى مفعولها في رأسي!، دفعها مرة اخرى، فشعرت بأنّ عيوني غادرت وجهي!، وفي الدفعة الثالثة، كنت (من صيد امس)، انتقلت الى جوار ربي!!....
بعد مرور وقت لا اتذكر مداه، استيقظت على رشقات ماء بارد، فنزلت من اعالي الغيوم الى اقاصي الارض!، كانت ثيابي مبللة وكأني نمت ليلة كاملة تحت المطر!، ولمّا نظرت حولي، وجدت الطبيبة (ام هندرين) والطبيب (ابو بدر) في حالة انذار وكلا منهما يحمل سطلا!، ومن تلك الساعة وانا اكره ابرة طبيب الاسنان!!.