ادب وفن

معرض الفنان ساطع هاشم.. لا شيء غير جميل / عبد جعفر

مرة أخرى، وكل مرة، يقدم لنا الفنان ساطع هاشم جديده المتميز ضمن بحثه الدائم في دراسة تاريخ اللون، مثلما تجرى البحوث في معرفة تاريخ الكتابة وتاريخ الأزياء وغيرها، ومعرضه الأخير في المركز البولوني في لندن (كل الأشياء جميلة، أو لا شيء غير جميل) يجمع بين رؤيته الفلسفية لدلالات الألوان وبين الموضوعات التي تشغله، وهو تكريس لبحثه بأن الانسان يحاول دائما أن يرمز الأشياء، عبر الأفكار المجردة.
فاللون الأسود كان مقدسا في الحضارات العراقية القديمة، وهو ما أنعكس في مسلة حمورابي وتمثال جوديا حيث شكلا من الحجر الأسود المستورد من مناطق نائية، غير أن الديانات الإبراهيمية عاكست النظرة الى الأسود، وهو ما يعكس التناقض بالعقلية بالنظر الى الظواهر الطبيعية وترميزها على أساس عقائدي.
والشمعة في الثقافات القديمة تبعث النور، وهي تعبر عن الفداء والتضحية وأحيانا للعذاب الروحي، وبالنسبة للفنان ساطع (شيء يعيش معي كل يوم) كما يقول ويضيف (فمثلا لوحة شمعة تحترق، هي المرأة رمز العطاء والوفاء أيضا. وفي لوحة (شموع هذه الحياة) رسمتها بالأحمر وهي مهداة لأصدقائي الذين رحلوا، فأنا لم ارسم صورهم بل رسمتهم كفكرة).
وفي مزجه بين اللون والموضوع نرى ذلك واضحا في لوحة (العيد او الكرنفال)، فالألوان الزاهية، كما يقول ساطع، هي محاولة النظر الى عالم افتقدناه، من طفولة وذكريات لم تمت بعد). ويضيف (عالم قد دمروه بنجاح فائق كل من البعثيين والقوميين والأخوان المسلمين).
وأحتوى المعرض الذي افتتح يوم الاثنين 27 شباط 2017 ، على تخطيطات، وهي سلسلة من الأعمال تعبر عن احوالنا في الشرق الأوسط.
ويقول ساطع اللوحات مستمدة من أغنية أمريكية اشتهرت بالستينيات موجه ضد حرب فيتنام اسمها ( الثورة لن تنقل على شاشات التلفزيون) وكلماتها تنطبق على اوضاعنا الحالية. فهنالك الحروب والدمار لتحقيق مآرب من لديهم القدرة على التحكم بعقول البشر، واطمح ان تكون التخطيطات بمثابة نقد ووسيلة لفضح ما يجري وخصوصا القوى الظلامية التي تقتل الناس بلا سبب ولا ضمير.
المعرض نداء باللون والتشكيل الى المحافظة والدفاع عن كل شيء جميل، ورسالة متميزة لفنان عاشق لعمله حريص كل الحرص أن تحاورك لوحاته وتفيض معك بالأسئلة.