ادب وفن

زاهد محمد شاعر الأناشيد والأغاني الثورية / ريسان الخزعلي

( 1 )
*.. في كتابه الموسوم /أغاني وأناشيد من تراث زاهد محمد/..، يكون الاستاذ عبدالرزاق الصافي، صاحب انتباهة أولى، في إستعادة شاعر مناضل، تمترس بوعي فكري يساري/ شيوعي منذ تفتحات وعيه المبكر، الا وهو الشاعر المعروف زاهد محمد، هذا الشاعر الذي كان له الدور الريادي في كتابة أناشيد وأغاني السجون العراقية 1949 – 1958 حيث تناوبته سجون الكوت وبعقوبة ونقرة السلمان والمواقف المتعددة، نتيجة لدوره الوطني المعروف، من اجل شعبه ووطنه وحزبه.
( 2 )
*.. كتب الشاعر العديد من الأناشيد والأغاني الثورية، وكانت تُلحن وتُغنى من قبل السجناء أنفسهم، لتكون بمثابة الرد الفني/ الروحي/ النضالي على سالبي الحرية وتطلُع الانسان الفكري، من أجل حياة أنقى ووجود أبقى، لم تكن تلك الأناشيد والأغاني حبيسة السجون، بل نفذت بسرعة الى البيوت والاجتماعات والمناسبات، والشوارع حيث التظاهرات، وأصبحت (المعادل الموضوعي) لظاهرة القمع والاعتقال. وشاع صيتها بطريقة سابقة حتى على ظاهرة احمد فؤاد نجم والشيخ إمام، زمنياً وتأثيرياً.
( 3 )
هذه الاناشيد والأغاني المكتوبة بالفصحى والشعبي، وكما أحصاها المؤلف: سالم حزبنا، رف يا حمام، نشيد أنصار السلام، هذوله إحنه، يرايح للحزب خذني، سنمضي، يا أمي لا تبكي عليّ، جبهة الشعب وحّدي، للتحرر يا شباب، يا عيد الأحرار، هاك سلاماً، عالهودلية، هب يا نسيم إمن الضفاف الخضر، صباح الخير يبلادي، تهيّب يل تهز السوط، جدارية الطاغية. تمثل السفر الشعري/ النضالي للشاعر، وقد كانت واضحة صادقة صادمة، تشير الى الاتجاه المقصود وكأنها (الأصابع في موقد النار)..، تنفرُ حيث تحمر، وتحمر حيث تنفر. انها البداية السابقة في التاسيس للاغنية السياسية في العراق، والتي أزدهرت في السبعينيات تواصلاً وتأصيلاً.
( 4 )
*.. الشاعر /زاهد محمد/ خمسيني التكوين الابداعي، وكان بالامكان ان يكون له دور ريادي في تجديد القصيدة الشعبية، إلا ان انشداده الى البناء والنمط التقليدي السائدين في القصيدة الشعبية آنذاك، وانشغاله بالهم السياسي والنقابي والعمل الحزبي، بطريقة لم تترك له من السوانح، ما يلتفت الى فكرة التجديد، حد ان رسالته في الماجستير كانت عن الشاعر (ملا عبود الكرخي).
يقول الاستاذ عبدالرزاق الصافي في مقدمته للكتاب/ بعد انتصار ثورة 14 تموز المجيدة في العام 1958 ذاع صيت زاهد محمد باعتباره شاعراً شعبياً متعدد المواهب، وعمل في الاذاعة وساهم في تقديم الكثير من البرامج التي كانت تحظى باعجاب المستمعين، ونظم الكثير من الاغاني والاناشيد الوطنية. الامر الذي اثار حقد القوى اليمينية التي اغتنمت الفرصة لفصله من الاذاعة. ولعل أشهر قصائده الشعبية بعد ثورة تموز المجيدة هي قصيدة (هربجي كرد وعرب رمز النضال) التي لحنها وغناها الفنان المشهور احمد الخليل، القصيدة/ الاغنية التي ما زالت تلهب أحاسيس ابناء الشعب وتعزز وحدة العرب والاكراد في الوطن الواحد.
وأضيف، ان للشاعر الكثير من الاغاني العاطفية التي غناها مطربو ومطربات الريف، اضافة الى اغاني بعض المسلسلات الاذاعية آنذاك.
( 5 )
*.. ما يلفت الانتباه في الكتاب، وجود قصيدة تحمل ملمحاً فنياً تطويرياً لافتاً، إنها قصيدة (يا لاهب الشوگ)..، حيث البناء والاسترسال المترابط، وتنوع التقفية، واللغة المدينية، والتكرار/ اللازمة – الذي لا يثير الملل.
لذا من المفيد، إدراج هذه القصيدة لتكون الاشارة الاضافية في تعيين أهمية الشاعر.
* يا لاهب الشوگ *
يا لاهب الشوگ بضلوعي
تفتح ورد
قداح عاطر، لو خلايا شهد
وتشكّل إحروف..،
حب او مرحبا او يا هلا!
لا تلتهب نار
خايف عالگلب يبتلا
او ما بعد يوم ابحياته
ايشوف نسمة برد
يا لاهب الشوگ
لا تهفت ولا تنطفي
يا جامع أضداد
هَمْ تظهر إوهَمْ تختفي
أدريك تلهب غضا
إو لتراب أهلك وفي
يا لاهب الشوگ
يل تحت الضلع موگدك
ما غير حب الوطن
وسط الحشا موگدك
خلصت اسنين العمر
يا حيف .. نوح إو نفي
يا لاهب الشوگ...
هَمْ يوم إو تگول.. إنطفي..؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أغاني وأناشيد من تراث زاهد محمد.. عبدالرزاق الصافي – منشورات دار الرواد المزدهرة، بغداد.