ادب وفن

حكاية طريفة عن 1 /7 / أكرم الخاطر

أنا من مواليد 1 / 7 حسب ما تدعي "جنسيتي" القديمة التي تشبه دفتر "أبو 60 ورقة صفراء المدرسي الخركه"!
ولا أكتمكم ما عانيته وما زلت أعانيه من إحراج وألم وحسرة كلما سألني صديق أو "صديقة، وهنا الطامة الكبرى" عن يوم مولدي مقارنة بتواريخ ميلادهم "السويسرية، أم الخط ونخله وفسفورة"، بعدما شبعوا من إقامة حفلات أعياد الميلاد وقص الكيكة وإطفاء الشموع في فنادق الدرجة الأولى أم خمس نجوم ووسط صديقاتهم وزملائهم وزميلاتهم وطبعا "جنابي" المتخفي والمراوغ في تأجيل حفلة عيد ميلاده إلى "المشمش".
وعندما توكلت على الله وبهمة الخيرين من أسرتي ومعارفي وجيراني ونويت لأول مرة إقامة "احتفال كبير ومهيب" بمناسبة عيد ميلادي الثلاثين اعترضت أمي رحمها الله وسخرت من خطوتي التعبانة مدعية أنني ولدت في إحدى ليال برد العجوز التي تمتنع فيها الجواميس بقدرة قادر من دخول ماء الهور لعدة أيام من كل عام، وبات علي أن أحدد يوما ما من أيام الجواميس المتمردة على الدخول إلى ماء الهور المثلج، وهو ما يتطلب إما الاستعانة بفتاح فال سوبر أو عرافه أم سبع عيون أو أجري معايشة مع الجواميس في الهور عسى "أن يتفل الله بصورتي وتفض حسبتي"!
ولكن وفقا لرواية أبي رحمه الله وذاكرته المعطوبة والمثقوبة من أكثر من جانب فان وجبة الغداء في ظهيرة يوم مولدي الشقي كانت تتألف من "تمن ومرقة باقلا خضرة"، ومعنى هذا أنني ولدت في شمس الباقلا، بين شهري آذار – نيسان، أي في فصل الربيع والجو بديع وعلى أمي رحمها الله أن تقفل على كل المواضيع، أفل، أفل!
وعن جارتنا العجوز أم فاخر عن "أم النداف" عن زوجة "أبو طبلة" قالت: حدثتني بائعة اللبلبي أم امتاني عن جدها، عن أخيها، عن ولده "منسي" عن جاره سرحان الكذاب قال: سمعت القابلة أم عبودي تحدث جارتي أم صيوان عن ولادتك في اليوم الثالث أو الرابع من أيام عيد الأضحى المبارك، بعد عام أو عامين على "ثورة قاسم"! أخرجه كويظم الواوي بسند ضعيف. قال حجي عويد أبو البزازين: لا أعلم له علة توجب تركه!
ولحديث ابن زوريه المطيرجي أن العرضجي امشتت ابن شاغي أبو العنبه قال لعمي المختار: جاءني شقيقك زاير اشنيدخ برفقة ابنه حافي القدمين – يقصد حضرة جنابي - وطلب مني عريضة لبيان ولادة تقدير وكان ذلك بعهد نوري سعيد في آخر ترأسه لحكومة عراقية في العهد الملكي، عهد الخير، قبل لا ينشلف للمرة الأخيرة ويسحلوه بالشوارع. أخرجه عون السمكري وأبو طاسه بسند نص ردن، وصححه دايح برببش.
الرواية الأخرى عن قضية عيد ميلادي البلوة رواها لي شقيقي الأكبر "فرهاد" عن جدي لأمي "زاير انطيت رشك رديته"، عن ابنه قال: هذه "جنسية" شقيقنا الذي توفي في الرابعة من عمره وتحولت إليك بعد ولادتك لتجنب نفقات المراجعات والفايلات والعرايض والشهادات، "استفاد"!
ولكن جدتي "كيفيه" رحمها الله اعترفت قبيل وفاتها بأيام إلى خالتي "انويره" بحضور جارتنا أم لعيبي بحسب رواية المضمد امحيسن أبو الدحايس عن أمه القابلة "زايره تويثه" عن ابنتها "اسعيده الحفافه بأن نصف عائلتي دونت في دائرة النفوس بعريضة واحدة، تحولت إلى "فايل كبير أبو ال 150 ورقة" بعد أكثر من ستة شهر، وتم "تقدير" مواليدنا جميعاً في 1 / 7 وحسب الأصول!
ويبدو أن حكاية جدتي عن "موالدينا الكاذبة" هي الأقرب إلى الحقيقة، برغم أنها للأسف، هي الأكثر جهلاً بحقيقة يوم مولدي الشقي، ولكن صديق ابن شقيقي "دايح" المدعو حامد أبو طيره ذكر لأمه "انجيه أم الكيمر" أنه عثر على دفتر صغير مرسوم على غلافه صورة الزعيم عبدالكريم قاسم وفيه دون عمي المختار بخط يده تاريخ مواليد العائلة الكريمة فردا فردا وأمضى عليها.
وطبقا لما زعمه حامد أبو طيره فان ذلك يتطلب انتداب خبراء من الأدلة الجنائية لإجراء المضاهاة بين الخطوط والتواقيع المنسوبة لعمي المختار مع أخذ نماذج من خطوطه وتواقيعه وإعلام المحكمة التي ستشكل في هذه القضية بتقرير مفصل يتوجب صموده أمام قرار الطعن الذي ربما سيتخذ ضده ليكتسب الدرجة القطعية.
وبحسب المحامي حواس كدهه امجرب فان التحقق من هذه المذكرات يتطلب اللجوء إلى خبراء محليين عرف، بكسر العين، حتى انراوسهه اوياهم!
ولكنني، مع كل هذا ما زلت انظر بريبة وألم إلى ذلك اليوم "المظلوم" الذي اقترن بثلثي ولادات الشعب العراقي الكاذبة، وصار ميلاداً مقيتاً لأجيال عديدة متعاقبة لا تعرف أعياد ميلادها "الحقيقية" ولا تقيم حفلات الأنس والطرب ولا تقص الكيكة، وقطعا تعاني مثل "حظي" من الإحراج أمام كل صديقة، وتبدو كالعادة حافظة لتاريخ عيد ميلادها على ظهر قلب وتنتظر موعده بشغف لتتباهى بإقامة حفلة عيد ميلاد ليس كاذبا.