ادب وفن

هجاء الحجر / عبد الكريم كاصد

قال الحكيم:
" السعادةُ أن تدخلَ بحرَ الناس
وتصيرَ سمكةً "
قال الآخر:
" صغيرةً أم كبيرةً؟ "
قال الحكيم:
" تلك هي المسألة "
* " دائماً يحدثُ العكس "
قال المهرّج
وقد رأى ظلّهُ على السقف
* حين رأى الملكُ شعبَهُ عارياً
قال: " ما أجملَ الشعبَ في أثوابه الزاهيهة !"
* قال العابر:
" في الغابة المسكونة بالوحوش
نمنا بسلام "
قال المقيم:
" في مدننا الآهلةِ بالبشر
لم نأمن الوحوش "
* قالت الأشجار
وقد سالت ظلالُها كالحبر:
" منْ يكتبنا على الطريق؟ "
* قال العاشق لمعشوقته:
" سأقودك إلى غابةٍ من فضّةٍ
وعشبٍ من الذهب
لنقيم هناك "
قالت المعشوقة:" وكيف نأمن الوحوش؟ "
قال العاشق:
" بالذهب والفضّة يا حبيبتي "
* كان أبي يقول:
" رصاصةٌ واحدةٌ لا تصنع غيرَ ميْتٍ واحد
وفكرةٌ واحدةٌ تصنع آلافاً من الناس "
وحين مات أبي متشبّثاً بفكرته الواحدة
التي أطلقها كالرصاص على الناس
لم يسرْ في جنازته أحد
* قال اللصُّ وقد أطربهُ المديح:
"مالُ الناس للصوص
وما للصوص للناس"
* شيئان كدّرا حياتي
أصدقائي
والشعر
* لماذا أشهر المغنين
أسوأهم جميعاً؟
* الشعراء الكبار
يأكلون الصغار
ويتضوّرون جوعاً
* لا أريد أن أعرّف الشعر
أريدهُ أنْ يعرّفني
* على النبع
انحنى فمُ الطريق
ليشرب
*هل تقفُ الأشجار
حداداً على الطريق؟
* في المنفى التقيتهُ،
قال لي:" منذ فارقتك وأنا أتقلّدُ المناصب
نائباً فوزيراً ووزيراً ثانيةً
ورئيساً كما ترى، وأنتَ؟ "
قلتُ له:" منذ فارقتك وأنا من أسوأ إلى أسوأ "
* ربّما أعذرُ الصديق
حين يشربُ نخبَ العدوّ
ولكنْ
كيف أعذرهُ
حين يشربُ دمَ الصديق
* قال المتدارك:
" هل نمحو الخطأ الفادح
بصوابٍ أفدح؟ "
* يريدون
الجريمةَ أن تقيمَ العدل
والعدلَ أن يقيمَ الجريمة
* ما الشجاعةُ إنْ أسلمتنا إلى الضعف
والأمانةُ إن أسلمتنا إلى الوعود؟
* فضائلنا
أننشرها فوق حبل الرذيلة
ثم نرزمها في صرر الخاطئين؟
* البطولات
تقاسمناها جميعاً
أشراراً وطيّبين
ولم يبق منها
ما يزوّدنا في الطريق
* لكلّ غابةٍ شريعةٌ
- قال -
ولم يخطرْ في بالهِ قطّ
أنّ لبعض الشرائع غابةً أيضاً
* حاضرُنا
كيف نجتازه
وقد اكتظّ بأيّامنا الماضية؟
* بابليّون
أكديّون
سومريّون
ولا بأس أن تحفرَ بعد
* لماذا الأشرار
يقصدون السماء؟
والأخيار
يريدون باطنَ الأرض؟
(عن ابن المقفع)
* بشفاهٍ من الحجر
ينشدون الطريق
* سأضع كلّ شيء في مكانه - كما كان -
وأقول لنفسي: " كم تغيّرتِ "..