ادب وفن

خيام اللامي: العراق حاضر دائما في مشروعي الموسيقي

طريق الشعب- خاص
المولود في دمشق من أبوين عراقيين "البريطاني الجنسية ومدرس الموسيقى في جامعة ساوس في لندن". يحاكي ذاكرة عراقية لم يعرفها إلا من خلال أحاديث الأهل ونشرات الأخبار، وطن سمع عنه ولم يعشه، لكنه شكل حالة نفسية لديه وإن اتسمت بالسواد تارة وبالتفاؤل تارة أخرى.
في متحف محمود درويش حيث يقف اللامي مأخوذا برمزية المكان قدم عددا من مقطوعاته الموسيقية.. وكان لنا هذا اللقاء أثناء زيارته الأخيرة لفلسطين.

-بما قدمته من موسيقى
عن العراق قلت أن هناك ملفات كثيرة لا تود فتحها لكن في ظل الأوضاع المعاشة أرى أن لا مناص من فتح هذه الأبواب...

في مشروعي الموسيقي "رنين أقل" العراق موجود وحاضر كرموز، وهو تعبير عن مرحلة نفسية، والعراق بالنسبة لي ليس مجرد وطن وهو مرتبط بعدة أشياء، هو تاريخ، تاريخ أهلي وعلاقتهم مع المكان وذكرياتهم، وعلاقتي أنا مع هذا الحلم أو الفكرة والذاكرة، وعلاقتي بكل ما حصل من أحداث لهذا البلد، وهو كرموز موسيقية يعبر عنها بحركات نغمية أعتبرها من البصمات العراقية الموسيقية، وهي موجودة كملامح هناك في العراق - تعبر عن شيء، أما هنا فتعبر عن شيء آخر.

- حفظنا عن مظفر النواب مقولة " أن يعود اللحن عراقيا حتى وإن كان حزيناً" ولم تخل مقطوعاتك الموسيقية من هذا الحزن الكربلائي العراقي.

بالنسبة لي أرى أن هناك جزءا أسود من تاريخ هذا البلد قد نسميه الظلم، خاصة في التاريخ المعاصر، وهو ما أثر فيّ عبر ذاكرة الناس والمأساة الحاصلة، هناك تضاد في علاقتي مع هذه المأساة والتاريخ ورنين أقل "مشروع موسيقى للفنان"، هو تعبير عنها وهي معركة مع هذه الأشياء، في المقطوعة الرابعة التي اسمها "ألف أوج" هي قمة العمل والتعبير عن هذه الحالة وهي الحالة التي يشعر بها الإنسان أنه قادر على التعبير عن كل شيء ويكسر الحواجز النفسية، وهي قمة المرحلة الإبداعية، يليها مباشرة مقطوعة "توازن أقل" وهي الصدمة التي تأتي بعد الفرحة بتكسير الأبواب والحواجز النفسية لتذكرك بأن المناطق السوداء ما زالت طاغية، وكأنها تقول لك الطريق ما زالت طويلة والسواد أكثر وممكن بأي لحظة أن ترتد إلى الخلف، في مقطوعة "هبوط" وهي تستخدم جزءا من مقام عراقي اسمه " نوى" وهي ما تجسد فكرة وجود العراق في هذا العمل، لأن الجملة هي عراقية قديمة، وهي تعبر عن تاريخ ضخم مع "الأسود" أما المقطوعة الأخيرة " حلم اليقظة" فمبنية على هيكل جملة عراقية بمقام مركب وهي الأمل، حلم اليقظة الذي يأتي بعد الهبوط الذي معه يشعر الإنسان بالتوازن نوعا ما ليعيد التفكير في الأمور ويصل إلى مرحلة أن هناك أملا دائما.

- بشكل شخصي خيام عراقي مواليد سوريا، وبالشكل العام هناك مأساة عامة ابتدأت من العراق وانتشر السواد إلى كل العالم العربي، هل تنسحب مقطوعات "رنين أقل" على الوضع العام أم أنه حالة عراقية فقط؟

مقطوعاتي هي نتاج مرحلة نفسية تأثرت بها، بالتأكيد أن العالم العربي موجود، لكن أثناء تأليف العمل علاقتي مع الشرق الأوسط كانت محدودة جدا، بعد العمل ومع الجولات الفنية صارت العلاقة مع العالم العربي أعمق ومعقدة أكثر، أظن أن هذه العلاقة التي تحدثت عنها ستظهر في العمل الجديد أكثر، هذا العمل داخلي جدا..

هذا العمل حقق لك شيئا من التوازن النفسي؟
 أكيد حاولت أن أكون رمزيا جدا وليس حرفيا لأننا تعودنا على حرفية الأمور حتى بمصطلحاتنا كالغربة والمنفى علما أن الحقيقة معقدة أكثر من هذه الحرفية، والآن صارت أسوأ، لدرجة أن لا أحد يفهم ما الذي يحدث الآن، فالتوازن النفسي حققته من وراء آلة العود، بتعلمي لها وتأثيري فيها أيضا ومن خلال الجولات، واستطعت أن أخرج شيئا من الأسود الذي كان في داخلي ولكن أثناء هذه العملية اكتشفت أن هناك أبوابا أخرى ما زالت مقفلة.

-في الحديث عن الرمزية أنت اليوم في فلسطين وفي متحف محمود درويش ما الذي يرمز اليه وجودك هنا؟

لا شك أن هناك رمزية عالية "أنا مغرم على الرموز" أحب الرمزية، من هنا وتحت اسم محمود درويش أقدم عملا عنوانه متأثر بدرويش، "رنين أقل" و" ورد أقل" ويتحدث عن علاقتي بآلتي كما كان لدرويش علاقته مع قلمه ووطنه وحلمه، لدرجة أنني كنت متوترا جدا وهذه أول مرة أشعر بهكذا توتر، الرمزية عالية جدا هنا أمامك درويش وفلسطين معا.
ـــــــــــــــــ
عن صحيفة "الحياة الجديدة" الصادرة في رام الله