مدارات

قانون التقاعد الموحد الجديد .. إيجابيات وسلبيات / زهير ضياء الدين *

صوت مجلس النواب بتأريخ 4 شباط 2014 بالأغلبية على قانون التقاعد الموحد، بعد انتظار أمتد لسنوات من قبل شريحة تقدر بالملايين وتضم المتقاعدين وعوائلهم، وذلك لانصافهم بموجب هذا القانون بعد أن تعرضوا للتهميش والمزايدات من قبل الجميع .
وكانت ولادة القانون متعسرة وفي ظل ظروف معقدة، وقد تم استغلال الضغط الجماهيري الواسع بوجوب تمرير القانون في أسرع وقت ممكن وفي الدورة البرلمانية الحالية، فجرى اقحام عدد من المواد في القانون بشكل غير موضوعي من أجل تمريرها وبما يضمن امتيازات كبار المسؤولين في الدولة. وكان من الأفضل معالجة الرواتب التقاعدية لكبار المسؤولين من خلال قانون آخر تتم دراسته بشكل دقيق .
وعلى العموم لو قارنا الأحكام الواردة في هذا القانون مع قانون التقاعد الموحد
رقم (27) لسنة 2008 (المعدل) لبرز أمامنا تقدم ملموس والعديد من الجوانب الأيجابية. في حين لو قارنا أحكام هذا القانون مع الحقوق الموضوعية للمتقاعدين لوجدنا أنه ما زالت هنالك حاجة للمزيد من الأحكام التي تضمن الحقوق الكاملة للمتقاعدين .
وسوف نستعرض ابتداءً الجوانب الأيجابية التي تضمنها القانون وفقاً لأولوية ورودها في القانون:
كان قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2008 (المعدل) ينص على منح الحقوق التقاعدية لمن تم عزلهم وفصلهم واستقالتهم من الوظيفة اذا كان لديهم خدمة تقاعدية لا تقل عن (15) سنة ولم يتضمن منح هذا الحق لتارك الخدمة، رغم كونهم أحق ممن منحو هذا الحق. فجاءت المادة (13) من القانون الجديد لرفع هذا الحيف ونصت على منح الرواتب التقاعدية لتاركي الخدمة اذا كانت لديهم خدمة تقاعدية لا تقل عن (20) سنة وبلغت أعمارهم (50) سنة .
تضمنت الفقرة (و) من المادة (18) من القانون احتساب مدة العقد لدى الدولة بعد تأريخ 9/4/2003 خدمة تقاعدية بعد تسديد التوقيفات التقاعدية عنها والبالغة) 10بالمئة) من الأجر الذي كان يتقاضاه المتعاقد .
وتضمنت الفقرة (ثالثاً) من المادة (19) من القانون إمكانية إضافة الخدمات التقاعدية المضمونة المؤداة لدى القطاع الخاص الى الخدمة الوظفية وبما لا يتجاوز (50بالمئة) من خدمته الوظيفية الفعلية في الدولة .
في الوقت الذي منحت الفقرة) أولاً ( من المادة (12) من القانون الحق للموظف ان يطلب إحالته على التقاعد إذا كان قد أكمل الـ (50) سنة من عمره أو كانت له خدمة تقاعدية لا تقل عن (25) سنة ، عادت المادة (21) وضمن الفقرة )أولاً (وقيدت هذا الحق بالنص على عدم صرف الراتب التقاعدي عن الفترة السابقة لتأريخ إكماله السن المذكور وهذا النص غير مبرر وغير منطقي فهو يعني إمكانية توقف صرف راتب الموظف لإحالته على التقاعد وتوقف صرف الراتب التقاعدي أيضاً لحين إكمال الخمسين من العمر لمن لم يكملها بما يتطلب معالجة هذا النص غير المن?قي .
حددت الفقرة (رابعا) في المادة (21) الحد الأدنى للراتب التقاعدي بمقدار 400 ألف دينار ، مع إمكانية وصوله الى 460 ألف دينار لمن أحيل للتقاعد بعد بلوغه السن القانوني، ومن احيل لأسباب صحية وكان معيلاً لشخصين من أفراد عائلته، كأن يكونوا مازالوا دون السن القانوني أو البنات غير الموظفات المتزوجات. وستستفيد أكبر شريحة من المتقاعدين من هذا النص حيث تتجاوز نسبتهم 80 بالمئة من عموم المتقاعدين الذين يتقاضون رواتب تقاعدية لا تتجاوز 220 ألف دينار حالياً.
ومن الأحكام الإيجابية مقارنة بالقانون السابق جعل الحد الأعلى للراتب التقاعدي 100بالمئة لآخر راتب تقاضاه خلال الوظيفة مقارنة بـ 80 بالمئة في القانون السابق رغم أن هذه النسبة تعني الراتب بدون المخصصات .
ومن بين نصوص القانون الجديد إمكانية حصول المحال على التقاعد البالغ السن القانوني (63سنة) وله خدمة تقاعدية (10) سنوات أو أكثر على مبلغ مقطوع مقداره لمن أكمل (10) سنوات (150 الف دينار) ولمن بلغت خدمته (11) سنة (200 ألف دينار) ولمن بلغت خدمته (12) سنة (250 ألف دينار) ولمن بلغت خدمته (13) سنة (300 ألف دينار) ولمن بلغت خدمته (14) سنة (300 ألف دينار) .
ومن الأحكام الجديدة والإيجابية في القانون الجديد نص الفقرة (تاسعاً) من المادة (21) على صرف مكافئة نهاية الخدمة لمن أحيل على التقاعد لأكماله السن القانونية أو بناءً على طلبه أو لأسباب صحية، إذا كانت لديه خدمة تقاعدية مدتها (30) سنة فأكثر. وتحتسب هذه المكافأة على أساس الراتب الأخير للوظيفة بضمنه المخصصات مضروباً في 12 .
كما عدلت المادة (28) من القانون نسبة توزيع الراتب التقاعدي للمتوفى على المستحقين من الخلف بجعلها 80 بالمئة لمستحق واحد و90 بالمئة لمستحقين و 100 بالمئة لثلاثة مستحقين فأكثر .
ومن بين أبرز الأحكام الإيجابية في القانون شموله لجميع المتقاعدين، بضمنهم من أحيلوا على التقاعد قبل 1/1/2008 الذين تم تمييزهم وغبنهم في القانون رقم (27) لسنة 2008 (المعدل) وذلك ضمن المادة (35) الفقرة (ثالثاً) من القانون الجديد. وشمل ذلك المدنيين والعسكريين على حد سواء وأعتمد الراتب الوظيفي الأخير بتأريخ الإحالة على التقاعد أساساً في أحتساب التقاعد المدني ووفقاً لقانون رواتب موظفي الدولة رقم (22) لسنة 2008 (المعدل) للمدنيين، وراتب الرتبة الأخيرة للمتقاعدين من العسكريين ومنتسبي قوات الأمن الداخلي بموجب القانونين رقم (3) ورقم و (18) لسنة 2011 .
وتضمنت الفقرة) ثامناً (من المادة (35) منح مخصصات معيشة للمتقاعدين بنسبة 1 بالمئة من الراتب التقاعدي عن كل سنة خدمة، إستثنى منها من يتقاضون رواتبهم التقاعدية على أساس الراتب والمخصصات مما سيساعد في تحسين الراتب التقاعدي .
ومن بين مواد القانون الإيجابية ايضا صرف مخصصات للمتقاعدين عن الشهادة الدراسية، وذلك ضمن الفقرة (تاسعاً) من المادة (35) والتي تبدأ بشهادة الدبلوم بعد الإعدادية وبمقدار (5بالمئة) من الراتب التقاعدي و(10بالمئة) لحملة شهادة البكالوريوس و (15بالمئة) لحملة الدبلوم العالي والماجستير و (20بالمئة) لحملة الدكتوراه .
كما خول القانون مجلس الوزراء زيادة الرواتب التقاعدية كلما زادت نسبة التضخم السنوي، على أن لا تكون الزيادة أكثر من نسبة التضخم وان تتم دون الحاجة الى تشريع ، مما يسهل تنفيذها .
اما أبرز الجوانب السلبية التي كنا نأمل تلافيها في هذا القانون وبما ينصف شريحة المتقاعدين بعد طول إنتظار، فهي:
الإبقاء على النسبة التراكمية عن سنوات الخدمة بمقدار 2.5 بالمئة والتي كنا نأمل تعديلها الى 3 بالمئة خاصة وان الراتب التقاعدي يحتسب على اساس الراتب بدون المخصصات التي تشكل لوحدها نسبة تصل الى 100 بالمئة من الراتب لدى العديد من الموظفين .
إنخفاض النسب المحتسبة كمخصصات للشهادة، وعدم شمول حملة شهادة الدراسة الإعدادية .
جعل الحد الأدنى من الخدمة لأستحقاق الراتب التقاعدي لتاركي الخدمة والمستقيلين (20) سنة كما ورد في المادة (13) في حين ينص القانون على أن إستحقاق الراتب التقاعدي هو لمن لديه خدمة تقاعدية لا تقل عن (15) سنة كما ورد في)المادة 21/أولاً ( من القانون .
اعتمدت الفقرة (ثانياً) من المادة (21) من القانون في معادلة إحتساب الراتب التقاعدي معدل الراتب لآخر 36 شهر وكان من المفروض أعتماد الراتب الأخير الذي يتقاضاه الموظف، خاصة بعد عدم احتساب المخصصات والاقتصار على الراتب، في حين أعتمد في احتساب تقاعد كبار المسؤولين ضمن نفس القانون آخر راتب بضمنه جميع المخصصات التي يتقاضونها رغم ارتفاع رواتبهم ومخصصاتهم، مما يشكل تمييزاً وإجحافاً كبيراً. ومن بين الجوانب السلبية في القانون تحديد تأريخ نفاذه في 1/1/2014 خلافاً للحقوق والوعود بإعتماد تأريخ 1/1/2013 كحد أدنى
ومن بين أبرز نقاط الضعف في القانون التي كان قطاع كبير من المواطنين يتطلعون الى تفاديها، شموله للعاملين في القطاع الخاص بعد شمولهم بالضمان أو تسديد التوقيفات التقاعدية، وكحد أدنى المشمولين بتقاعد الضمان الإجتماعي من العاملين في القطاع الخاص ويستلمون رواتبهم التقاعدية حالياً وفقاً لأسس خاصة بهم، تختلف عن الرواتب التقاعدية للموظفين الذين تم شمولهم بالقانون الموحد. فكان على مجلس النواب وكحد أدنى مساواتهم بالحد الأدنى لتقاعد الموظفين خاصة وانهم كانوا يسددون التوقيفات التقاعدية .
ومن بين الجوانب السلبية في القانون وكما بينا في صدر هذا الموضوع أقحام موضوع تقاعد الرئاسات الثلاث ونوابهم والوزراء واعضاء مجلس الحكم والمجالس المنتخبة ضمن هذا القانون. وتضمنت الأحكام لهذه الشرائح خلافاً لجميع المتقاعدين الآخرين، اعتماد نسبة مقطوعة من الراتب قبل احتساب الأستحقاق، واعتماد الراتب وجميع المخصصات عند الإحتساب، كذلك اعتماد امر سلطة الأئتلاف المرقم 91 لسنة 2004 لصرف رواتب تقاعدية كبديل للخدمة الجهادية. وتشكل هذه الأحكام تعارضاً صارخاً مع المادة (14) من دستور جمهورية العراق التي تحرم التمييز بين العراقيين لأي سبب كان، مما يفتح امكانية الطعن بعدم دستورية هذه النصوص أمام المحكمة الأتحادية العليا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* محامي وناشط مدني