مدارات

نشوء ملكية الارض الزراعية في العراق ومراحل تطورها (1-2) / اعداد : حمدي فؤاد العاني

لكي نفهم ملكية الارض في العراق ونظام التصرف الحالي فيها يجب ان نلقي نظرة خاطفة على تاريخ البلاد قبل وبعد تأسيس العراق الحديث لمعرفة التطورات التي مر بها.
ذلك ان اختلاف طرق ملكية الارض وتعقدها، هي حاصل اسباب تاريخية ونتيجة ظروف محلية مختلفة.

- ترجع بعض اصول نظام ملكية الارض الى العصر الاسلامي الاول.
- فقد كان من رأي بعض الصحابة، أن الارض المحتلة يجب ان تقسم على الفاتحين كباقي غنائم الحرب.
- الا ان الخليفة عمر (رض) مؤيدا من الامام علي (ع)عارض هذا الرأي مستندا الى سببين:
- الاول: ان الفاتحين اذا ما تملكوا الارض واستقروا بها، فلن يكون بامكانهم مواصلة الجهاد والفتح.
- إن الارض اذا ما قسمت على الفاتحين، فلن يبقى شيء لمن يأتي من المسلمين فيما بعد.
وكانت الغالبية للرأي الثاني، فاعتبرت الارض في العراق، ملكا للمسلمين، أي ملكا للدولة.- واعطي ملاك الارض السابقون الحق في استغلال اراضيهم، شرط ان يدفعوا الخراج للدولة (وهو الضريبة التي تستوفى من غير المسلمين).
- أما الاراضي التي لم يكن لها مالك.. وتلك التي كانت عائدة الى العائلة المالكة الفارسية المغلوبة او رجال الجيش الفارسي، او الأشخاص الذين كانوا قد غادروا البلاد، فقد تم الاحتفاظ بها تحت تصرف الدولة، التي سمحت للفاتحين بزراعتها، شرط ان يدفعوا لها "العشر" وهي الضريبة التي تؤخذ من المسلمين على حاصل الارض.
- وقد تطور نظام التصرف وملكية الارض في العهد الأموي (القرن السابع عشر) والعهد العباسي (القرن الثامن الى القرن الثالث عشر الميلادي).
- فقد منحت الارض الى اقارب الحاكمين وكبار الموظفين.
- كذلك فإن مبدأ ملكية الارض الخراجية لم يدم طويلا، حيث اعلنت الارض ملكا خاصا من قبل بعض الفقهاء من القرن الثامن عشر.
- وفي نهاية العهد العباسي وبداية الاحتلال المغولي (1258 ميلادية) كانت ملكية الارض كما يلي:
1- الارض المملوكة للخلفاء والامراء.
2- اراض ممنوحة الى ضباط الجيش وكبار الموظفين لغرض استغلالها فقط دون الحصول على ملكيتها.
3- الاراضي الموقوفة والمخصصة لأغراض دينية.
4- اما الاراضي الباقية فكانت ملكا للدولة.
- وقد دمر المغول القنوات وكل نظام الري الذي انشأ في العهد السابق.
الاحتلال التركي
1- وبعد الاحتلال التركي، اعتبرت الحكومة العثمانية العراق مقاطعة محتلة، وحسب النظرية التركية، فان كل الاراضي التي لم يحتفظ بها بصورة محددة ملكية خاصة "تعتبر ملكا للفاتح" وبذلك "اتبعوا النظرية الاسلامية القديمة".
2- وقد اخذ السلاطين والولاة الاتراك المتعاقبون، يمنحون الارض الى ضباط الجيش العثماني وكبار الموظفين الاتراك، وانكروا ادعاء القبائل بملكية الارض التي كانت تشغلها تلك القبائل.
3- وكانت ملكية الارض ما تزال غير مبنية على اسس قانونية او قواعد معينة، واستمر بيع اراضي الدولة (الاراضي الاميرية) بدون معرفة الحكومة او بدون اعتراضها، وكل هذا أدى بعدئذ الى حالة غير مستقرة في البلاد. ومن الجدبر بالذكر: ان الاراضي ضمن الامبراطورية العثمانية كانت تقسم الى ثلاثة اقسام هي: تيمار، وزعامة، وخاص.
1- فالتيمار: هو ما كانت حاصلاته اقل من عشرين الف اقيجة ويمنح الى كبار العسكريين.
2- الزعامة: هو ما كانت حاصلاته بين العشرين الفاً وأقل من مائة الف اقيجة. ويمنح الى كبار مأموري الولايات ومحافظي القلاع.
3- الخاص: هو ما كانت حاصلاته مائة الف اقيجة فاكثر ويمنح الى السلطان وكبار رجال الحاشية والوزراء ومن شابههم.
- وقد توسع في مدلول التيمار، فيطلق على الانواع الثلاثة جميعا.
- ويمكن تعريف التيمار بانه منح الارض نظير خدمة حربية او انه نوع من الاقطاع التركي، يلزم صاحبه ان يذهب الى الحرب راكبا، وان يقدم للدولة في زمن الحرب نوعا من الجند او الملاحين مناسبا لدخل الاقطاع".
- ويذكر بعض الكتاب، بان التيمار بمعناه الادل، لم يكن معروفا في بعض الاقاليم العثمانية ومنها العراق (دائرة المعارف الاسلامية).
- وفي القرن التاسع عشر، استعاضت الدولة العثمانية عن طريق (الاقطاع العسكري) هذه بأخرى وهي اعطاء الاراضي الأميرية، الالتزام، الى ملتزمين يؤجرونها بدورهم الى آخرين.
- وقد حاولت الحكومة العثمانية ان توجد نوعا من الاستقرار في ملكية الارض، وتهدئة الحالة، باصدار قانون الاراضي العثماني 1858 الذي عالج موضوع الاراضي الاميرية تاركا الاراضي المملوكة والوقف لاحكام الشريعة الاسلامية.
- وكان الغرض الرئيس للقانون المذكور اعطاء صيغة قانونية للحقوق الفعلية التي كان يتمتع بها الزراع، ومنح الحكومة حق بيع الاراضي الأميرية لاي مشتر فقبل.
- ولكن هذا القانون لم يطبق في العراق ما عدا بعض المناطق القليلة، بسبب ضعف الادارة وقسم القانون المذكور الاراضي الى خمسة اصناف وهي:
1- الاراضي المملوكة.
2- الاراضي الاميرية التي يمنح حق التصرف فيها وفق الشروط المذكورة في الكتاب الاول من القانون المذكور.
3- الاراضي الموقوفة على اغراض دينية واشخاص معينين.
4- الاراضي المتروكة وهي الاراضي المخصصة لبعض الاغراض العامة بضمنها الطرق والمراعي.
5- الاراضي الموات وهي الاراضي غير القابلة للزراعة. وقد جرت محاولة أخرى لاصلاح موضوع الاراضي من قبل مدحت باشا الوالي التركي (1869- 1872) الذي حاول تطبيق قانون الاراضي العثماني المذكور وذلك ببيع ومنح الاراضي الأميرية الى القبائل وسكان القرى ومصادرة الاراضي المملوكة التي كان مالكوها غير قادرين على زراعتها واعطائها الى الذين كانوا قادرين على زراعتهاعلى شرط ان يعطوا مالك الارض السابق نسبة معينة من الحاصل بالاضافة الى ضريبة خاصة تدفع للحكومة.
- ولكن هذا المصلح الكبير لم يستطع مواصلة اصلاحاته بسبب نقله من قبل الحكومة العثمانية.
- وقام الولاة العثمانيون المتعاقبون بمنح اراض واسعة للسلطان عبدالحميد (الاراضي السنية كاراضي العمارة) ولكبار الموظفين والاشخاص المتنفذين من سكان المدن (كاراضي الحلة وديالى) والشيوخ الموالين (كشيوخ السعدون في المنتفكك) والاغوات الاكراد في الشمال.
- ومن الوجهة القانونية اصبحت ملكية الاراضي على نوعين:
الاول غير رسمية، عندما كانت القبال تحتل الارض بالقوة، وكان شاغلو هذه الاراضي من افراد القبائل معتبرين قانونا مستأجرين يمكن اخراجهم منها بدون انذار.
والثانية بصورة رسمية بموجب سندات طابو حكومية ذلك النظام الذي، وان كانت له بعض الحسنات فانه كان ككل الاشياء التركية، مجرد نظرية اكثر منها حقيقة.
- وفي الواقع كان قسم كبير من عمليات تحويل وانتقال الملكية، اما غير مسجلة بدون تدقيق كاف في الحقائق او مستحصلة بواسطة رشوة موظفي الطابو، وبدون الأخذ بنظر الاعتبار حقوق الذين كانوا مرتبطين بالارض.
- ومن جهة أخرى فان حدود المقاطعات كانت غامضة ومبهمة بصورة لا تصدق.

كيفية تثبيت حدود المقاطعات

- فالهور والصحراء كانت غالبا ما تذكر كحدود في السندات وقد اظهر تحقيق قامت به الادارة البريطانية في السندات حالات وصفت فيها الحدود من الجهات الاربعة بأنها الهور وهو حد كان عرضة للتغيرات الفصلية والدائمة تبعا لاختلاف مستوى الفيضان.. او ان بستانا قرب البصرة وصف بأنه محدد بالقبلة، وهو اصطلاح يشير الى اتجاه مكة وبيت المقدس، او شرقا، غربا، شمالا، جنوبا، بستان "حجي حسن بك".
ولسوء الحظ كما يقول تقرير لموظف تسوية كبير اثناء الاحتلال البريطاني، لا يعرف احد اين كان بستان حجي حسن بك المذكور! وعلاوة على ذلك فان مساحة الارض لم تكن مذكورة في بعض سندات الطابو او ان القياسات المذكورة فيها لم تكن مطابقة للمساحة.
- ويمكن تلخيص الحالة بانها كانت فوضى، واتجهت ادعاءات متضاربة في طول البلاد وعرضها، جلبت صعوبات كبيرة وسخط الناس، وفي بعض المناطق وقعت اضطرابات واعمال عنف وثورات.

الحالة بعد الاحتلال

- لم تجر محاولات لاصلاحات اساسية فيما يتعلق بالاراضي خلال الاحتلال البريطاني ما عدا البيان رقم 24 لسنة 1920 الذي الذي لم يطبق، بل ان السلطة "أخذت تعمل على تقوية مركز الشيخ الاقتصادي والسياسي، فخفضت بدلات الأرض والماء والضريبة من 52 في المئة الى 30 في المئة في الاراضي السيحية، ولكن الشيخ بقي يستوفي النسبة القديمة من الفلاح- محتفظا بالفرق لنفسه.
- واستمرت الحكومة تطبق القوانين العثمانية بمقتضى القانون الاساسي السابق حتى 1929، عندما دعي الخبير البريطاني (السير ارنست داوسن) لدراسة مشاكل ملكية الاراضي واعطاء توصيات بشأنها.
- وقد اجرى الخبير المذكور دراسة مستفيضة للوضعية التي كانت عليها الاراضي وقدم تقريره النهائي في سنة 1931 وكانت التوصية الرئيسية له: هي ان السياسة العامة فيما يخص الاراضي يجب ان تكون لتثبيت وتأكيد الاشغال الحاضر للارض عند عدم وجود احتمال بحصول ضرر للآخرين.
- واذا كانت الارض الاميرية معتنى بها، فقد اقترح أن تعطى بالايجار.
- ويمكن تلخيص المشكلة الرئيسة لملكية الارض بانها الحاجة الى تأسيس ضمان للملكية و توضيحها اينما كانت بواسطة تحديد عام وتسوية مبنية على قواعد قانونية واضحة للحقوق القانونية والعادلة في الارض.
وان الغاية الرئيسة يجب ان تثبت وتاييد الاشغال النافعة للارض مع معاملة الاشخاص الثالثة والمصالح المشروعة للعامة معاملة عادلة.
- ومن الجدير بالذكر انه في نهاية العهد العثماني وبعد تصفية املاك السلطان عبدالحميد سنة 1909، كانت الدولة تملك حوالي اربعة اخماس الاراضي القابلة للزراعة في العراق، وما وصل الى بداية الحكم الوطني من الاراضي المفوضة بالطابو والممنوحة باللزمة لا تزيد عن (2.750) مليون دونم عام 1922.
وقد قبلت الحكومة توصيات الخبير ، وشرعت قانون تسوية حقوق الاراضي رقم 55 لسنة 1932 الذي اعطى الحكومة الحق لتسوية صنف الاراضي وبين طرق التسجيل، وبموجب هذا القانون صنفت الاراضي الى أربعة اصناف:
1- الاراضي المملوكة
2- الاراضي الموقوفة
3- الاراضي الأميرية وهي اما ان تكون:
أ- مفوضة بالطابو، وهي التي كانت اما مسجلة رسميا في دائرة الطابو او مزروعة باربعين شجرة على الأقل في المشارة الواحدة لمدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ التسوية.
ب- ممنوحة باللزمة وهي التي يجب ان تكون قد تصرف فيها خلال خمس عشرة سنة سابقة لتاريخ التسوية وقد حددت المادة الخامسة من تعديل سنة 1952 مدة التصرف وذلك بزراعتها او غرسها بالاشجار حسب التعامل المحلي (أن معنى اللزمة الأصلي، هو حق السكن والزراعة في الاراضي الأميرية، الذي كان للقبائل التي اقامت فيها ردحا من الزمن. وقد عرفت المادة الاولى من قانون اللزمة على انه "يقصد بها الحقوق الممنوحة في الاراضي الأميرية غير المفوضة".
ج أميرية صرفة
4- متروكة ، وهي الاراضي غير القابلة للزراعة. ان الاراضي المملوكة والمفوضة بالطابو او الممنوحة باللزمة قابلة للإرث والانتقال. ولكن الفرق بين الملك الصرف وبين الأميرية المفوضة بالطابو او الممنوحة باللزمة، هو أن مالك الصنف الاول، يملك حق الرقبة وحق التصرف معا (الملكية المطلقة بينما يملك مالك الصنفين الآخرين، حق التصرف فقط، وتبقى الرقبة للدولة.
اما الفرق بين الصنفين الثاني والثالث، فهو أن التصرف في اللزمة تابع لموافقة مديرية الطابو العامة في وزارة العدلية التي لها حق رفض الانتقال، اذا اعتقدت المديرية المذكورة (بناء على توصية من وزارة الداخلية) ان الأنتقال يحتمل ان ينقص الملكية الزراعية الى حجم غير اقتصادي، او انه يحتمل ان يسبب اخلالا بالأمن. (أن الغرض من هذا الشرط كان منع بيع الاراضي المذكورة الى اشخاص من خارج العشيرة وبالتالي حماية افراد العشائر من انتزاع اراضيهم.. ولكن النتيجة كانت عكس ذلك كما سنرى في الصفحات القادمة).
وكذلك توجد فروق أخرى منها، ان الاراضي المفوضة بالطابو تحول الى ملك صرف بدفع بدل المثل، بينما الممنوحة باللزمة تحول الى ملك صرف بدفع نصف البدل.
- رسمت سياسة الحكومة بمشورة رجال الانتداب البريطاني في اوائل الثلاثينيات لتمليك الاراضي الزراعية الأميرية الى رجال الحكم والى شيوخ العشائر ونعني بهم في الأساس رؤساءها والى رجالات الحكم المتنفذين ومن سار بركابهم، ومن وجهاء المدن واثريائها الذين ينصبون المضخات الزراعية، وتجريد الفلاحين من حقوقهم فيها، مع ارغامهم على البقاء في الارض والقبول بما تمليه الاعراف الزراعية التي صيغت لتضمن مصالح الملاكين اولا، واسباغ الصفة القانونية على عملية نهب الارض هذه وفقا لقوانين التسوية حتى عام 1957.
ان العمل جار منذ سنة 1933 لتسوية حقوق الاراضي من قبل لجان التسوية في مختلف انحاء العراق. وقد شرعت قوانين عديدة تخص الاراضي بضمنها قانون اللزمة رقم (51) لسنة 1932 المعدل بالقانون رقم 33 لسنة 1938 المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1939 قانون بيع الاراضي الاميرية رقم 11 لسنة 1940، قانون اعمار واستثمار اراضي الدجيلة رقم 33 لسنة 1945، قانون بيع الأراضي الاميرية لسنة 1951 وتعديله لسنة 1952، قوانين خاصة لكل من لوائي الناصرية (المنتفك) والعمارة، حيث وضعية الاراضي اكثر تعقيدا، وهي قانون منح اللزمة في اراضي لواء العمارة رقم 42 لسنة 1952 الذي حل محله المرسوم رقم 38 لسنة 1945 وقانون توزيع الاراضي في العمارة رقم 53 لسنة 1955 وقانون حسم النزاع في الاراضي الاميرية المفوضة بالطابو في لواء المنتفك رقم 40 لسنة 1952، وقانون بيع وتصميم صنف الاراضي الأميرية رقم 61 لسنة 1956.

ان الجدول الآتي يبين لنا مساحة الاراضي التي تمت تسويتها حتى نهاية سنة 1955 بالدونم.
اراض مملوكة صرفا : 224.748 دونماً
اراض موقوفة: 796.754 دونماً
أراض اميرية مفوضة بالطابو: 11.971.828 دونماً
اراض أميرية ممنوحة باللزمة: 11.315.824 دونماً
اراض أميرية صرفة: 44.261.504 دونمات
اراض متروكة غير قابلة للزراعة: 4.397.999 دونماً
المجموع: 72.978.657 دونماً
مجموع مساحة البلاد 174.68 دونماً
نسبة الاراضي التي نسبت تسويتها لمجموع مساحتها البلاد: 41.40 في المئة.
(المصدر: مديرية التسوية العامة)

لقد اسيء استعمال الغرض من قانون التسوية والقوانين المتعاقبة بالأراضي اساءة كبيرة،، فان اراضي الدولة (الاراضي الأميرية) التي كانت عرفا وبدون حقوق قانونية، تعود الى العشيرة كمجموع (على اساس نظام الديرة) حتى نهاية العهد العثماني، اصبحت بحكم القانون ملكا للشيوخ والمتنفذين الآخرين من سكان المدن فبواسطة موظفي التسوية عديمي الخبرة وبالنزاهة المشكوك فيها للادارة وكان الاشخاص المتنفذون والشيوخ قادرين على الحصول على مثل هذه المنح بتقديم شهادات واهية، كاثبات لادعاءات بحقوق مكتسبة، وبهذه الطريقة، انتقلت نسبة كبيرة من الاراض الأميرية الى أيدي اولئك المتنفذين، واصبح بعضهم في السنوات الأخيرة يملك حقوقا في اراض ليست مزروعة، كما بدأوا ادعاءات بأراض ستصبح قابلة للزراعة عندما تنجز مشاريع الاعمار الحكومية في المستقبل.
وان الحقوق الجامدة قد خلقت في اغلب الاحيان على حساب الشاغلين الحقيقيين للارض من فلاحين وغيرهم.
وفي هذا تقول الدكتورة وارنر: "ان تسوية حقوق الاراضي في العراق كانت في الواقع طريقة لنزع ملكية ارض من الزراع الشاغلين لها واسباغها على رؤساء العشائر كملاك اراض كبار.
وبعد ان كانت اراضي الشيخ (على العموم متصلة بمنصبه كرئيس للعشيرة لا بشخصه، ويمكن على هذا ان نعتبرها ملكاً مشاعاً للعشيرة) اصبحت ملكه الشخصي القانوني كما ان الفلاح الذي يمكن ان يقال بأنه كان يملك حصة في الارض بالاضافة الى الحاصلات التي كان ينتجها اصبح "مجرد شريك في الغلة بدون أية حقوق او صفة قانونية".
ولغرض اعطاء فكرة عن عدد الذين فقدوا حقوقهم في اراضيهم بمثل هذه السرقات القانونية، نذكر انه استنادا الى الاحصاء الزراعي والحيواني لسنة 1952- 1953 والذي كان الاول من نوعه في العراق، بلغ عدد الاشخاص الذين يشتغلون في الملكيات الزراعية 1.400.852 شخصا، على ان هذا الرقم لا ينبغي ان نفهم منه بانه يمثل مجموع عدد السكان القرويين، ذلك انه لا يتضمن الاشخاص غير المشتركين في العمل من افراد العوائل كالاطفال الصغار وكذلك الاشخاص المشتغلين بشؤون المراعي بمن ليست لهم ملكيات زراعية تختص بهم، كما لا يتضمن ايضا افراد القبائل الرحل والاشخاص الذين يشتغلون بحرف أخرى لا علاقة لهم بالمزارع، كأن يقوموا مثلا باعمال الري وصيانة الطرق. وقد قررت الدكتورة وارنر: مجموع السكان الذين يعتمدون على الزراعة، بضمنهم الاعضاء العاملين للاسر الزراعية بين المليونين والنصف والثلاثة ملايين نسمة.
ان الاحصاء الزراعي لسنة 1952- 1953 المذكور يعطي تصنيفا لعدد الملكيات الزراعية بحسب الحجم والذي ظهر بانه 125.045 ملكية ويشمل مساحة قدرها 25.536.039 مليون دونم. (638.844) كم2 ونؤلف 27من المئة من مجموع مساحة الالوية، ولغرض الاحصاء المذكور، عرف الملكية الزراعية: بانها "مزرعة او مقاطعة زراعية تعمل او تنظم كوحدة مستقلة.. وعلى هذا الاساس يمكن ان تكون "الملكية الزراعية" واسعة جدا قد تبلغ مئات الالاف من الدونمات او صغيرة جدا قد تنزل الى حد 2 اولك (200 م2) وكذلك فان بعض الاشخاص لديهم اكثر من ملكية زراعية واحدة حسب التعريف السالف الذكر قد تكون في اكثر من لواء واحد، ومن جهة أخرى فان بعض الملكيات الزراعية تعود الى اكثر من شخص واحد.
وعلى كل فإن هذا الاحصاء الرسمي كما هو ظاهر من الجدول السابق لايبين عدد الملكيات الزراعية الكبيرة التي تتجاوز العشرين الف دونم، حيث يوجد اشخاص يملكون الى حد المليون دونم واكثر.
ان مديرية التسوية العامة تملك ارقاما تشمل ستة الوية هي (بغداد، كوت، دليم، حلة، اربيل، كركوك)، تبين أنه توجد ملكية تتراوح مساحتها بين الـ50.000 والى 100.000 دونم، 21 ملكية تتراوح مساحتها بين 100.000 والى 200.000 دونمً، وان بين الخمسة الى الستة اشخاص يملك كل واحد منهم نصف مليون دونم، او شخصان يملك كل منهما اكثر من مليون دونم، وقد بلغت ملكية الأسرة المالكة البائدة 177.596 دونما من أحسن الاراضي الزراعية في البلاد.
ومن الجدير بالذكر ان الملكية الصغيرة اكثر انتشارا في الشمال (الموصل، السليمانية، كركوك) وكذلك في اقصى الجنوب (البصرة) بينما توجد اوسعها في العمارة. لقد بلغت مساحة الارض التي استغلت للمحاصايل الشتوية او الصيفية حوالي 40 في المئة من مجموع مساحات الملكيات الزراعية كلها، ولكن الاراضي المتروكة دون زراعة خلال السنة زادت مساحتها عن الاراضي المزروعة، اذ بلغت نسبتها 44 في المئة من مجموع الملكيات.
اما مساحة الارض غير القابلة للزراعة في هذه الملكيات فقد بلغت نسبتها 10 في المئة في حين ان الاراضي المستقلة لاستنبات اشجار الفواكه والكروم بلغت نسبتها 2 في المئة، والاراضي المستخدمة كمراع ما يقارب 4من المئة وان الاراضي المغروسة بالاشجار الخشبية فان نسبة مساحتها تزيد قليلا عن 1 في المئة من مجموع مساحة الملكيات الزراعية.

ان الجدول الآتي يبين استغلال الاراضي في الملكيات الزراعية:
* مساحة الاراضي المزروعة خلال السنة 10.108.118 دونما
* مساحة الاراضي المتروكة خلال السنة 11.178.594 دونما
* مساحة الاراضي غير القابلة للزراعة 2.577.077 دونما
* مساحة الاراضي المستخدمة للاستنبات
اشجار الفواكه والكروم 512.651 دونماً
مساحة الاراضي المستخدمة كمراع 923.465 دونماً
مساحة الغابات الخشبية 207.230 دونما
المجموع 25.507.125 دونماً
(المصدر/ وزارة الاقتصاد والاحصاء الزراعي والحيواني

ولقد بلغت مساحة الاراضي التي تسقى ديماً او بوسائط أخرى باستثناء الاراضي غير القابلة للزراعة وبعض الاراضي المستغلة لانتاج الاخشاب (22.657.400) دونم بما في ذلك الاراضي المتروكة ومن بين هذه المساحة كانت نسبة مساحة الاراضي التي تروى ديما (بالامطار) فقط ولم يجر ريها باية واسطة أخرى قد بلغت 49 في المئة في حين ان 3 في المئة منها تروى سيحا و 20 في المئة منها تروى بواسطة المضخات.
اما الاراضي التي كانت تروى بالنواعير وبوسائط الري الأخرى فتقل مساحتها عن 2في المئة.
ان الجدول الآتي يبين مساحات الاراضي بحسب الوسائط المستعملة في الري:

مساحة الاراضي التي تروى ديما (الامطار) 12.008.249 دونما
مساحة الاراضي التي تروى سيحا 6.740.944 دونما
مساحة الاراضي التي تروى بواسطة المضخات 4.478.106 دونمات
مساحة الاراضي التي تروى بالنواعير 224.572 دونما
مساحة الاراضي التي تروى بوسائط اخرى 205.528 دونما
مجموع مساحة الاراضي التي تروى ديما او بواسطة أخرى 22.657.400 دونم
مساحة الاراضي غير القابلة للزراعة 2.234.077 دونما
المجموع 25.234.477 دونماً
(المصدر: وزارة الاقتصاد/ الاحصاء الزراعي والحيواني .
ــــــــــــــــــــــــ
ملحوظة: ان الاختلاف البسيط في المجموع بين هذا الجدول والجداول السابقة مرده الى تقريب الارقام والى الاخطاء الصغيرة في التقدير اثناء الاحصاء.