مدارات

القطاع السياحي في العراق والعامل الأمني / اسعد عبدالله عبدعلي

يعد العامل الأمني من بين أهم عناصر النجاح لأي قطاع سياحي في أي بلد كان.. فلو توافرت في بلد ما كل العناصر التي تجعل من السياحة قطاعا مدرارا للايرادات من مزارات ومتاحف وسحر الطبيعة الى مقومات البنية التحية ممثلة بأماكن الاقامة والاستجمام ووسائل النقل الجيدة مع المطارات والموانئ، لما أمكن لهذا القطاع أن يكون جاذبا للسائحين في أجواء من التوتر وعدم الاستقرار الأمني ، بمعنى ان فقدان الاستقرار الامني يعني وبالضرورة عدم وجود سياحة ناجحة .
وقد لاحظ المهتمون كيف اهتزت صناعة السياحة في مصر بعد سقوط نظام حسني مبارك بسبب الوضع الامني مع انها كانت مصدر دخل مهم لمصر العربية, فالتظاهرات والفوضى وغياب الامن وانتشار البلطجة وتفشي افكار التكفير كلها عوامل قوضت السياحة في مصر ! ان السياحة في مصر تعرضت لخسائر فادحة لم تشهدها طيلة الفترة السابقة . ونفس الامر حصل لتونس والتي كانت تعتمد كثيرا على السياحة . اما العراق فانه مازال مقيداً بعامل استقراراً الامني , فلازالت مجاميع الارهاب تفجر وتقتل الناس ,وهي تعطل الكثير في العراق . فيمكن للعراق لو يستغل عنصر السياحة ليصبح قبلة العالم لما يملكه من ارث لا مثيل له , وطبيعته الخلابة , ويمكن ان تنشط السياحة في العراق عبر محاور :
المحور الاول: السياحة الدينية : العراق بلد المزارات الدينية , حيث كان العراق عاصمة للعالم في فترات مختلفة لذا تجد شخصيات كانت محوراً للعالم قد عاشت ها هنا ودفنت ها هنا , لذلك يمكن لمحافظات بغداد والنجف وكربلاء وبابل والموصل ان تشهد نجاح اكبر لو توفر العنصر الامني بالاضافة للتخطيط السليم للنجاح , والان فرص النجاحاً ممكنة مع وجود مطار بغداد والنجف واربيل , وافتتاح فنادق كثيرة في محافظتي كربلاء والنجف وتواجد قنوات فضائية تبث من الاماكن الدينية مما يعني عناصر السياحة الدينية متكاملة وارقام الوافدين للعراق للسياحة الدينية في تزايد كبير . واعتقد لو تم تحقيق امان دائم لتضاعفت اعداد الوافدين للعراق .
المحور الثاني : الاثار: في العراق توجد اقدم اثار انسانية على الارض , فاول دولة انشئت كانت عراقية , واليوم توجد اثار السومريين والبابليين والآشوريين والاكديين في مختلف محافظات العراق مثل بغداد والعمارة وبابل والناصرية والنجف والموصل وكركوك , بالاضافة لاثار الحضارة العباسية , وتفتقد هذه المحافظات لعنصر استقرار الأمن مما افقدها القدرة على النجاح واستقبال الزائرين , وهذه الاماكن يمكن ان تجذب الاف السواح شهريا لو استقر البلد ووضعت خطة للترويج والاعلان , فهل تعلم ان الكثير من الغربيين لا يربطون بين بلد النهرين والعراق ! بسبب ترجمة الاسم القديم للعراق فبلد النهرين يترجم الى ميسوبوتاميا , وعندما يقرؤن كلمة عراق لا يربطون بها , وهذا يخص جانب الاعلام ! فنحتاج للنجاح بالاضافة للامان مكاتب سياحة وفنادق وخطوط نقل ومطارات وشبكة قطارات حديثة عندها سيصبح العراق قبلة للعالم .. وتشير دلائل الاثار الى وجود نحو عشرة الآف موقع اثري في العراق ، تخفي معالم حضارية تغطي حقبا زمنية متصلة منذ العصور الحجرية ، الامر الذي اوجد منها بؤرة مشعة صدرت عنها مقومات علمية وفنية وإنسانية ودينية .
كما عرف البابليون المعادلات الجبرية ووضعوا اسس (اللوغاريتمات) ولعل ابرز ما يفخر به العراق القوانين ذات النزعة الإنسانية وفي مقدمتها شريعة حمورابي (1792-1750 ق.م ) اضافة الى ما أضافته الحضارة السومرية والآشورية من اسباب العلم والحكمة والمعرفة والفن الى الإنسانية ككل .
المحور الثالث : الطبيعة : يقع العراق بين خطي عرض 25/37-5/29 وخطي طول 45-48 ، 45-38 وفي القسم الدافئ من المنطقة المعتدلة الشمالية ، ويعتبر جسرا أرضيا بين ثلاث قارات كبرى اسيا , اوربا وأفريقيا وممرا موصلا بين المحيط الهندي والبحر المتوسط.. والعراق من أغزر بقاع الأرض مياها ومن اكثرها خصبا ينحدر نهران عظيمان (دجلة والفرات) من ذرى الشمال ، ويتحاوران وهما يقطعانه قربا وابتعادا ناشرين روافدهما ومكونين شبكات من الأراضي الخصبة المروية ليلتقيا متعانقين في محافظة البصرة في الجنوب مشكلين شط العرب .. والعراق بلد متنوع في طبيعته فمن صحراء الغربية الواسعة الى شمال العراق الساحر الى اهوار الجنوب , وهذه يمكن ان تجذب السواح .
وهذه المحاور لو نشطت لأمكن ان تحقق ايرادات كبيرة وتغير شكل اقتصادنا الاحادي المعتمد على النفط , بالاضافة للقضاء على البطالة عبر تشغيل الآلآف ضمن حقل السياحة , وتحقق ايضا تلاقح ثقافي فكر مع البلدان الاخرى , فتتغير حياتنا نحو الافضل فقط لو استغلينا ما نملك .
اذاَ العراق بلد خلق ليكون بلدا لاستقبال الوافدين لما يملكه من تنوع سياحي , فقط نحتاج الى تحقيق عنصر الامان وايجاد استراتيجية عراقية للاستفادة من السياحة بكل انواعها .