مدارات

شيلي.. رئيسة الجمهورية الفائزة أخيراً تعلن عن خططها للإصلاح / رشيد غويلب

تريد رئيسة الجمهورية في شيلي مشيل باشليه فرض ضرائب كبيرة على الشركات، لتمويل إعادة بناء قطاع التعليم، الذي كان احد أهم وعودها الانتخابية. ويمثل الاصلاح الضريبي معيارا لطبيعة و نهج الحكومة الجديدة.
وباشليه الاشتراكية البالغة من العمر 62 عاما، والتي تتولى الرئاسة للمرة الثانية، بعد حصول تحالف "من اجل اكثرية جديدة"، الذي يشارك الشيوعيون فيه بفعالية، على الاكثرية في انتخابات الرئاسة التي شهدتها شيلي في تشرين الثاني الفائت، تشمر عن ساعديها وتريد السير الى امام، ولا يمكنها المراوحة مكانها، فهي مطالبة بتبرير ثقة 62 في المائة من الناخبين، الذين فوضوها لقيادة التغيير في البلاد. وان صبر الشيليين مربوط بخيط من حرير، وخصوصا الحركة الطلابية التي احتجت لشهور طويلة ضد جمود الشارع السياسي، ومن اجل تحقيق اصلاح القطاع التعليمي، والطلبة مستعدون للنزول الى الشارع ثانية في حال تردد الحكومة الجديدة او تعثرها.
وللتأكيد على عزمها على الإصلاح اكدت باشليه، حتى قبل استلامها مهام منصبها، ان الـ100 يوم الاولى من حكمها ستشهد البدء بحزمة من الإصلاحات العميقة. وفي يوم الاثنين الفائت وبعد ثلاثة أسابيع فقط على بدء الدورة الرئاسية، سلمت باشليه البرلمان المشروع الاول، والمتعلق بالإصلاح الضريبي. وبموجبه ستحصل خزينة الدولة على اكثر من 8 مليارات دولار، اي ما يساوي 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي. وسيجري رفع الضرائب المفروضة على الشركات بشكل تدريجي من 20 الى 25 في المائة. وفي نفس الوقت تريد باشليه الغاء "صندوق الارباح الخاضعة للضريبة". والامر يتعلق بوسيلة تمكن الشركات من تأجيل دفع ضريبة الدخل، شريطة أن يتم إعادة استثمار الأرباح. غير ان الصندوق، الذي تم إنشاؤه في عهد الدكتاتور أوغستو بينوشيه يوفر للشركات العديد من الثغرات للتهرب من دفع الضرائب. وبالغائه تريد باشليه ايصال رسالة سياسية. وينبغي لاصلاحات رئيسة الجمهورية في نهاية المطاف إزالة آثار الدكتاتورية الفاشية.
والاصلاح الضريبي، الذي على البرلمان اقراره بسرعة، لا يمثل الهدف الحقيقي لباشليه، بل يخدم هدفا يحتل الاولوية لدى رئيسة الجمهورية، الا وهو اصلاح قطاع التعليم. وتريد باشليه اصلاح قطاع التعليم المبني على اساس آليات اقتصاد السوق، والذي تكون فيه الدراسة الجامعية باهظة الثمن، والتعليم في مدارس القطاع العام سيئ جدا. وقد وعدت رئيسة الجمهورية في حملتها الانتخابية بتحقيق التعليم المجاني في المدارس مع اطلالة عام 2020. وتحسين نوعية التعليم في مدارس القطاع العام، كما ان المؤسسات التعليمية التي تدعمها الحكومة، يجب ان لا تتبنى اهدافا ربحية. وعلى الاصلاح الضريبي ان يوفر الارضية لتنفيذ هذه الخطط، وتضييق الهوة الاجتماعية في شيلي. ويؤكد اختيار رئيسة الجمهورية لوزير الاقتصاد السابق، واحد العاملين في صندوق النقد الدولي، وزيرا للتعليم يؤكد، العلاقة بين المشروعين. وتواجه خطط باشليه بالشك من قبل رجال الاعمال، الذين يدعون ان زيادة الضرائب ستضر بالاقتصاد، لانها ستضعف الاشتثمار. وهناك سبب آخر لعصبية هؤلاء يتمثل في تباطؤ النمو في البلد الذي يعده الرأسماليون نموذحا في امريكا الجنوبية، نتيجة لانخفاض اسعار النحاس، الذي يمثل ركيزة الاقتصاد الشيلي الرئيسية.
ويقول متابعون ان الاصلاح الضريبي لا يمثل نزهة لرئيسة الجمهورية التي يمتد تحالفها المتنوع الحاكم من الديمقراطيين الى الشيوعيين في بلد معروفة فيه قوة تأثير الاقتصاد على السياسة. ومن هنا فان المهمة الاولى لرئيسة الجمهورية ستكون توحيد قوى التحالف على توجه سياسي واضح، وستبين المناقشات في جناحي السلطة التشريعية ما هي الحظوظ التي تتمتع بها خطط الاصلاح. و في حين لا يتطلب إصلاح النظام الضريبي سوى أغلبية بسيطة، فإن الحكومة تحتاج لإصلاح التعليم الى أغلبية أكثر وضوحا. ولمشروعها الطموح المتمثل في اقرار دستور جديد للبلاد تحتاج رئيسة الجمهورية ايضا دعم اليمين. فهل ستنجح الزعيمة الاشتراكية في ذلك؟ هذا ما ستجيب عنه الاشهر القادمة.