مدارات

أبو سكينة آيدل ! / يوسف أبو الفوز

وصلت متأخرا الى بيت صديقي الصدوق، ابو سكينة، ووجدت ان الحديث ساخنا بين زوجتي وسكينة وزوجة جليل، حول برنامج " Arab Idol "، البرنامج الغنائي الاستعراضي الذي سمّر كثيراً من الناس امام شاشات التلفزيون، بين معجب ورافض لصوت هذا المشترك المغني أو ذاك، وبين موافق ومعترض لاقوال وتصرفات من لجنة الحكام . لم يحضر ابو جليل بعد، فكان ابو سكينة مجبرا على سماع النقاش الحماسي، ونبرات الفرح لفوز هذا المتسابق بالتصويت أو الاحباط لخسارة متسابقة لم يحالفها الحظ بتصويت الجمهور. اعرف ان ابو سكينة ليس من المتابعين لمثل هذه البرامج، فهو عادة ينام مبكرا، وايضا هو من محبي الطرب القديم فلا تستهويه البرامج الاستعراضية الصاخبة بالاضواء والموسيقى والمصممة اساسا للدعاية لبعض المنتجات، لكنه يبدو قد اعجب بما سمع عن طريقة الفوز والخسارة في البرنامج. وبما ان الشغل الشاغل لابي سكينة هو الاوضاع السياسية في العراق، فقد راح يقيس الامور وفق منطقه الخاص : "أتعرفون ان فكرة هذا البرنامج أعجبتني جدا؟ صار سنين واحنا نطالب بحلول جذرية للمشاكل في العراق، وتروح انتخابات وتجي انتخابات ونفس الوجوه تتكرر علينا. ليش ما نسوي مثل هذا البرنامج الآيدل ؟".
دخل جليل يسند أباه، وبعد السلام والترحيب، واصل ابو سكينة حديثه : "هاي صار شكد من تمت المصادقة النهائية على نتائج انتخابات مجالس المحافظات، وصار كل شيء واضح، وكل الفائزين عندهم وقت كافي حتى يرتبون امورهم وتحالفاتهم، ولكن الجر والعر لاختيار المحافظين استمر وسط مزايدات سياسية وضغوط ومناورات ومناكدات، وتغليب للمصالح الحزبية والفئوية الضيقة على مصلحة المواطن".
قلت لابي سكينة مناكدا: وما علاقة برنامج غنائي استعراضي باختيار المحافظين؟
حدجني بنظرة متفحصة، وسعل بطريقة تقول انه زعل من مقاطعتي له، فالتفت اليه جميع الحاضرين، فحرك يديه وكأنه يصف مكاناً عالياً: "يا وليدي، هيه كلها استعراض ، وبهذا البرنامج الايدل، مثل ما فهمت، المشاركين يغنون ويرقصون ، ويستعرضون تسريحات شعرهم ، ومجوهراتهم وملابسهم، سكينة تقول ان مشتركة بالبرنامج ما تصفق الا وهي واقفة حتى الكل يشوفون ملابسها وجواهرها، فأنا اقول لو تم صف المرشحين لمناصب المحافظين في برنامج آيدل مثل هذا، وخل يتنافسون بالبوزات والصوت العالي والتصريحات والوعود وتسريحات الشعر والبدلات السموكن والمحابس واللحى والسبح وسيكون لهم معجبوهم يصوتون لهم ويرفعون لافتات باسمائهم وصورهم ونختار منهم المحافظ الآيدل!"