مدارات

الهند .. "جاناتا" القومي يقود التحول نحو اليمين / رشيد غويلب

حقق اليمين ممثلا بحزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي اغلبية مطلقة، وحصل الحزب وحلفائه في "الجبهة الديمقراطية" على 339 مقعداً من اصل 534 في البرلمان الاتحادي الهندي. وخسر حزب المؤتمر الحاكم 179 مقعدا، ولم يحصل على سوى 60 مقعدا، وحصل حلفاؤه الآخرون في "التحالف التقدمي" على 15 مقعدا اخرى، وفي تصريح لوسائل الاعلام اعترف قادة المؤتمر بالخسارة الاكبر في تاريخهم: "نحن نحترم ارادة الناخبين، ونرحب بها، ونعترف بهزيمتنا".
وحصل تحالف اليسار الذي يضم الشيوعيين والاشتراكيين وقوى يسارية صغيرة اخرى على 17 مقعدا، فاقدين بذلك 28 مقعدا مقارنة بالانتخابات العامة، تحمل جزءها الاكبر حزب ساماجوادي الاشتراكي، الذي خسر 17 مقعدا، فيما لم يحصل الحزب المضاد للفساد على سوى 4 مقاعد، على عكس كل التوقعات التي تحدثت عن امكانية تحقيقه نتائج جيدة.
وبهذا يستطيع القوميون الهندوس تشكيل الحكومة، حتى دون العودة الى حلفائهم، وهم مطالبون بتحويل تقدمهم الهائل الى افعال. لقد وعد زعيمهم تيريندا مودي، الذي سيستلم مهامه كرئيس للوزراء في 24 أيار الجاري، بالكثير مثل "التنمية للجميع" من خلال ايقاف عجلة التضخم، وتوفير الملايين من فرص العمل، ومقاومة الفساد المستشري في البلاد. وسكان البلاد ينتظرون تحولا في وقت قصير وليس خلال سنوات.
وفي الوقت الذي احتفل انصار اليمين بانتصارهم في العاصمة دلهي، ارتفعت اسهم البورصة الى مستويات قياسية. ويتوقع رجال الاعمال من تيريندا مودي تحولاً اسرع واعمق نحو الليبرالية الجديدة، لقاء الدعم والتعاطف الهائل الذي قدموه للزعيم الجديد طوال حملته الانتخابية، التي مولوها على غرار النموذج الامريكي، بمليارات الدولارات. وهناك 200 شركة اجنبية تقف على ابواب الهند اعلنت عن استعدادها للاقدام على استثمارات كبيرة.
وبالمقابل عانى التحالف الحاكم بقيادة حزب المؤتمر الهندي من سلسلة فضائح بدأت عام 2009، ادت الى اضعاف ادائه الاقتصادي، وعدم القدرة على كبح ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى. وفشل التحالف في الدفاع عن إنجازاته الاجتماعية، مثل برنامج العمل للسكان في المناطق الريفية أو الحق في التعليم والأمن الغذائي،وظهر مرشحه الاول راهول غاندي، وقيادة الحزب بكاملها ورئيس وزرائهم مانموهان سينغ البالغ من العمر 81 عاما، بعد عشر سنوات من الحكم ، متعبين من ممارسة الحكم، ضجرين، وبلا افكار جديدة.
من جانبها، طالبت احزاب اليسار باعادة فرز الاصوات في ولاية البنغال الغربية، وقالت رسالة ووجها الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي) الى اللجنة المركزية للانتخابات، ان المراحل الاخيرة من الحملة الانتخابية طغت عليها اعمال شغب وعنف. ويرى الحزب وحلفاؤه ان النتائج الانتخابية في الولاية جرى التلاعب فيها.وان النتائج المعلنة جاءت نتيجة "حملة من التخويف والارهاب ضد اليسار".
وتعتبر الانتخابات في الهند أكبر انتخابات ديمقراطية في تاريخ البشرية. شارك فيها أكثر من نصف مليار ناخب، وشهدت نسبة مشاركة مرتفعة جدا بلغت في 66 في المائة، وهي نسبة غير مسبوقة في الهند. و استمر التصويت خمسة أسابيع، وساهمت شركات في المساعدة على تنظيم الانتخابات، وقامت قوات الامن بحراسة مراكز الاقتراع. في الانتخابات التي تنافس فيها 8251 مرشحا بينهم 668 نساء.