مدارات

قوى اليسار تعزز مواقعها في البرلمان الاوربي / رشيد غويلب

شهدت الدول الاعضاء في الاتحاد الاوربي (28 بلدا)، الاحد (25 أيار 2014) انتخابات البرلمان الاوربي. ويبلغ عدد الذين يحق لهم التصويت في بلدان الاتحاد 400 مليون يصوتون لاختيار 751 نائبا. وحافظت نسبة المشاركة على انخفاضها كما في هو الحال في الدورات السابقة، اذ لم تتجاوز 43.11 في المئة.
وعكست نتائج الانتخابات المعلنة لحد اعداد هذا التقرير تقدم احزاب اليمين المتطرف على حساب قوى الوسط واليمين التقليدي، فيما استطاعت قوى اليسار في بلدان الاتحاد تعزيز مواقعها وارتفع عدد مقاعد كتلة اليسار في البرلمان الجديد من 35 الى 47 مقعدا. وعلى صعيد ترتيب الكتل البرلمانية جاءت كتلة الاحزاب المحافظة اولا بحصولها على 28.1 في المئة، مقابل 35.77 في المئة في انتخابات 2009 . وحلت كتلة الاحزاب الاجتماعية الديمقراطية ثانيا بحصولها على 25.7 في المئة، وجاءت الاحزاب الليبرالية في الموقع الثالث بعد حصولها على 9.85 في المئة. وحصلت احزاب اليمين المتطرف واليمين الشعبوي على 18 في المئة تقريبا، ويبقى احتمال تجمع هذه القوى في كتلة جديدة في البرلمان الاوربي مفتوحا بسبب التباينات الكبيرة القائمة بينها. وحصلت كتلة اليسار على 6.3 في المئة.. ونقدم في ما يلي عرضا لاهم النتائج في بلدان الاتحاد الاوربي الرئيسية.

نجاحات هامة لقوى اليسار

احتل حزب اليسار اليوناني بزعامة الكسيس تيسيراس الموقع الاول محققا انتصار تاريخيا غير مسبوق لقوى اليسار في اليونان بحصوله على 26.7 في المئة، مقابل 4.5 في المئة في انتخابات 2009، تاركا الحزب الحاكم خلفه، ووصف رئيس تحرير جريدة الحزب نيكوس فيليس النتائج المتحققة "انه انتصار تاريخي لليسار اليوناني"، فيما حصل الحزب الشيوعي اليوناني على 6 في المئة بخسارة تصل الى 3 في المئة مقارنة بالانتخابات السابقة.
وفي المانيا استطاع حزب اليسار الحفاظ على ما حققه في انتخابات 2009 بحصوله مجددا على 7.5 في المئة، ولكنه فقد احد مقاعده الثمانية بسبب تغيير لوحة الاحزاب الالمانية التي دخلت البرلمان الاوربي بعد رفع العتبة الانتخابية 5 في المئة من قبل المحكمة الدستورية، ودخول احزاب صغيرة حققت حتى اقل من 1 في المئة. وفي فرنسا استطاعت جبهة اليسار ان تحصل على 6.5 في المئة مقابل 6 في المئة في الانتخابات السابقة، في حين مني الحزب الاشتراكي الحاكم بهزيمة ساحقة وحصل على 14 في المئة فقط. وفي هولندا حقق الحزب الاشتراكي الهولندي، الذي يعد اكبر احزاب اليسار في البلاد، انتصارا متميزا بحصوله على 10 في المئة تاركا الحزب الاجتماعي الديمقراطي خلفه، فيما حصل الليبراليون اليساريون على 15 في المئة. وفي النمسا حقق تحالف اليسار، الذي يساهم فيه الحزب الشيوعي النمساوي نتيجة ايجابية بحصوله على 1.8 في المئة مقابل 0.7 في المئة حصل عليها الحزب الشيوعي بمفرده في انتخابات عام 2009 . وفي ايطاليا حصل تحالف اليسار "من اجل اوربا اخرى مع تيبراس"، الذي يساهم فيه الشيوعيون على 4.5 في المئة مقابل 2.5 في المئة حصل عليها تحالف اليسار في الانتخابات البرلمانية الايطالية الاخيرة، وبهذا يعود اليسار الجذري الايطالي الى قبة البرلمان الاوربي من جديد، وفي اسبانيا استطاع اليسار الاسباني المتحد ان يضاعف اصواته ثلاثة مرات بحصوله على 9.9 في المئة، فيما حصل اليسار الديمقراطي على 7.94 في المئة، وهو حزب يساري جديد سينظم الى كتلة اليسار في البرلمان الاوربي. و في البرتغال حصل تحالف اليسار الذي يعد الحزب الشيوعي البرتغالي قوته الرئيسية على 10 - 12 في المئة، وبهذا سيحصل على 3 - 4 مقاعد في البرلمان الجديد، مقابل حصوله على 10.6 في الانتخابات السابقة، وحصل حزب كتلة اليسار البرتغالي المنضوي الى حزب اليسار الاوربي على 5 - 7 في المئة، مقابل 10.7 في المئة في انتخابات 2009 ، وبهذا سيحصل الحزب على 1 -2 مقعد، وبهذا تكون قوى اليسار في البرتغال قد حافظت على نتائجها السابقة في الاطار العام، مع ملاحظة حركة الناخبين بين طرفيها الرئيسين.

خطر اليمين المتطرف يتصاعد

يستمر صعود اليمين الشعبوي واليمين المتطرف (الفاشي)، ويتأكد الحديث الذي بدأ مع اندلاع الازمة المالية الاقتصادية 2008 - 2009 عن خطر تحول اوربا نحو اليمين، وفي هذه السياق عكست انتخابات البرلمان الاوربي الاخيرة نتائج تثير مخاوف جميع القوى الديمقراطية في اوربا والعالم نشير الى اهمها:
احتل حزب "الجبهة القومية" الفرنسي بزعامة ماري لوبين الموقع الاول في سابقة لم تشهدها الحياة السياسية الفرنسية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وحصل الحزب 25 في المئة، مقابل 6.3 في عام 2009 تاركا احزاب اليمين والوسط التقليدية خلفه ، ويتبنى الحزب برنامجا قوميا متعصبا معاديا للاتحاد الاوربي والاجانب . وفي اليونان احتل حزب "الفجر الذهبي" الفاشي المرتبة الثالثة بحصوله على 9.3 في المئة. في المانيا حصل حزب "المبادرة من اجل المانيا" اليميني الشعبوي حديث التأسيس على 7 في المئة في اول انتخابات اوربية يشارك فيها، وكان الحزب المذكور قد حصل في الانتخابات البرلمانية الالمانية الاخيرة على 4.6 في المئة، وبهذا لم يتمكن من دخول البرلمان الاتحادي الالماني لعدم تحقيقه العتبة الانتخابية، وحصل الحزب الديمقراطي القومي الالماني (حزب نازي) على 0.8 في المئة، وبهذا سيدخل البرلمان الاوربي مستفيدا من قرار المحكمة الدستورية بالغاء العتبة الانتخابية. وفي الدنمارك تمكن حزب الشعب اليميني الشعبوي من احتلال الموقع الاول بحصوله على 23 في المئة، متجاوزا بذلك الحزب الاجتماعي الديمقراطي الحاكم. وفي فنلندا استطاع حزب "الفنلنديون الحقيقيون" اليميني المتطرف احتلال الموقع الثاني بحصوله على 12.8 في المئة وبهذا سيحصل على مقعدين في البرلمان الاوربي الجديد.
من جانب آخر مني اليمين الايطالي التقليدي والمتطرف بهزيمة انتخابية، فقد حصل حزب رئيس الوزراء الاسبق بيرلسكوني على 18 في المئة فقط، مقابل 35.3 في المئة حصل عليها حزب "حرية ايطاليا"، الذي كان يقوده بيرلسكوني في انتخابات 2009 . وخسر حزب "رابطة الشمال" الفاشي 4 في المئة، بحصوله على 6 في المئة مقارنة بالانتخابات السابقة.