مدارات

منتدى اليسار في الولايات المتحدة يطالب بحد أدنى للأجور

رشيد غويلب
انتهت مساء الاحد الفائت اعمال الدورة السنوية لمنتدى اليسار في نيويورك، ويشارك في اعماله قوى اليسار المتعدد التي تقف على يسار الحزب الديمقراطي الحاكم، وهو بهذا المعنى تجمع متنوع يضم طيفا واسعا من مدارس اليسار الفكرية.

واحتشد اكثر من 1000 ناشط يساري في قاعة المحاضرات في كلية جون جاي في مانهاتن بنيويورك للمشاركة في فعالية المنتدى الختامية، وليستمعوا لمشاهير اليسار الامريكي.
ادار الاعلامي التلفزيوني والاذاعي المعروف ايمي غودمان طاولة حوار بعنوان "الحوار والاستراتيجيات والأمل والثقة" التي تناولت الكيفية التي يستطيع فيها اليسار الامريكي توسيع دائرة انتشاره. وكانت طاولة الحوار هذه خاتمة لاكثر من 300 فعالية شهدها المنتدى على مدار يومين. ولم تشهد الفعاليات سوى مقترحات متواضعة لعل ابرزها المطالبة بحد ادنى للاجور، وهو المطلب الذي حقق المنتدى اجماعا حوله، في حين لم تحض فكرة تأسيس حزب متعدد التيارات لليسار الامريكي بتأييد اكثرية المشاركين لرفض مجاميع اليسار المتطرف لهذه الفكرة. يذكر ان زعيم حزب اليسار اليوناني اكسيس نسبراس، وزعيم حزب اليسار الالماني بيرند ريكسنغر، اللذان حضرا اعمال المنتدى، حاولا التأثير باتجاه تحقيق اجماع على هذا المطلب لضرورته. وعكست الكلمة التي القتها كاشما سوانت ممثلة "البديل الاشتراكي" (مجموعة تروتسكية)، والفائزة اخيرا بمقعد في بلدية مدينة سياتل في الساحل الغربي للولايات المتحدة، عكست حقيقة ان فكرة توحيد اليسار الامريكي تحتاج لمزيد من الجهد والوقت. ومن المعروف ان الحملة الانتخابية لهذه الناشطة اليسارية كانت قد ركزت على المطالبة بحد ادنى للاجور مقداره 15 دولار في الساعة، واستطاعت بهذا كسب النقابات في المدينة الى جانبها. ولكن الكلمة الحماسية التي القتها، والتي اختتمتها بالمطالبة بدعم التنظيم الذي تمثله، اعادت الى الاذهان، في اوساط مجاميع يسارية اخرى، مخاوف فكرة "الحزب الطليعي".
وفي ختام اعمال المنتدى اكد بروفسور الاقتصاد و أحد ابرز منظمي منتدى اليسار ريتشارد وولف لوسائل اعلام يسارية " ان المنتدى السنوي اصبح تقليدا مستقرا، ويمكن ضمان تمويله، واشار الى امكانية تنظيم المنتدى في مدينة سان فرانسيسكو في الساحل الغربي الامريكي .
وشارك في اعمال المنتدى التي اشتملت على طاولات حوار، ومجاميع عمل، وفعاليات اخرى، 4 آلاف من المهتمين بالقضايا المطروحة، وكانت المشاركات في العامين الفائتين قد حققت مشاركات قياسية وصلت الى 5 آلاف مشاركة، وقد ارتبط ذلك بصعود حركة "لنحتل الوول ستريت" في حينها.
وفي مساء يوم السبت، شارك كل من أنجيلا ديفيز، هاري بيلافونت، وديفيد هارفي في حوار حماسي بشان مسألة إصلاح / أو الثورة. وفي ضوء وعود الاصلاح المخيبة للآمال التي اطلقتها ولم تنفذها إدارة أوباما، اتفق المشاركون على عدم المراهنة بتحقيق خطوات تقدمية في اطار السياسة الداخلية والخارجية لواشنطن.
وتمتد تقاليد المنتدى الى نهاية ستينيات القرن المنصرم، حيث بدأ مسيرته كمؤتمر خاص بالاكاديميين، و عرف حينها بـ "مؤتمر علماء الاشتراكية"، وتغير طابعه قبل اكثر من اثني عشر عاما ليشمل غير الأكاديميين أيضا ، ومنذ ذلك الوقت وملتقى الربيع لليسار في نمو مضطرد، وتساهم فيه مؤسسات ووفود من بلدان اخرى، ومنذ بضع سنوات دأبت مؤسسة روزا لوكسمبورغ التابعة لحزب اليسار الالماني على المشاركة في اعماله.
وانتعش المنتدى في السنوات الاخيرة بتنوع موضوعاته، وحدثت تغييرات في طرق ادارته، اذ اخلت الخطب والكلمات الطويلة مساحة واسعة من مكانها لورش العمل الصغيرة، التي تتيح مساهمة مباشرة واسعة للمشاركين فيها. ولكن العدد الكبير من هذه الورش، التي تتوزع في غرف وقاعات الجامعة، يجعل من الصعب على المتابع الالمام الشامل بالمناقشات الجارية فيها.