مدارات

البطالة المقنعة تتزايد في المؤسسات الحكومية!

اسعد عبد الله عبد علي

البطالة المقنعة: مصطلح يعبر عن مجموعة من العمال الذين يحصلون على أجور أو رواتب دون مقابل من العمل أو الجهد الذي تتطلبه الوظيفة، وهي نسبة إذا تم سحبها من مجال العمل لا يترتب على خروجها أي نقص في إجمالي إنتاج الشركة أو المؤسسة التي هم موظفون فيها وربما زاد الإنتاج عما لو ظلوا في وظائفهم.
فالبطالة المقنعة تحدث في الدول النامية نتيجة تكدس العاملين في الجهاز الحكومي بما يفوق احتياجات تلك الأجهزة وذلك نتيجة التزام الدول بتعيين الخريجين، دون أن يكون هناك احتياج حقيقي للعمل إليهم.
وبعبارة أخرى يمكن تعريفها بأنها تتمثل بحالة من يؤدي عملا ثانويا لا يوفر له كفايته من سبل العيش، أو إن بضعة أفراد يعملون سوية في عمل يمكن أن يؤديه فرد واحد أو اثنان منهم. وفي كلا الحالتين لا يؤدي العامل عملا يتناسب مع ما لديه من قدرات وطاقة للعمل.

أقطاب شبح البطالة

البطالة المقنعة ليست ظاهرة للعيان، لذلك يصعب متابعتها وعلاجها من قبل المهتمين والمصلحين، خصوصا إذا عرفنا أن الكثير من الذين يعانون من البطالة المقنّعة يستحون من الإعلان عن أنفسهم، بل قد يتكلم أحدهم عن عمله وعن إنتاجه بينما يعلم في قرارة نفسه أنه من أقطاب شبح البطالة المقنعة في عمله. أما البطالة الظاهرة فهي مرض يمكن تشخيصه بسهولة ما يؤدي إلى إمكان علاجه مهما كان العلاج صعبا.
والبطالة المقنعة سبب من أسباب البطالة الظاهرة وليس العكس، وهذه النقطة المهمة لا يلتفت إليها الناس، فالموارد والأموال العامة التي تنفق من دون إنتاج كان من الممكن الاستفادة منها في توظيف العاطلين في مواقع عمل منتجة يتقوى بها الاقتصاد الوطني وبالتالي تتوافر بها وظائف جديدة للعاطلين.
كما ان البطالة المقنّعة عادة ما تقتل الكفاءات والمواهب، لأن أكثر الناس يعملون لكي يعتاشوا، فإذا كانت معيشتهم قد تم حسمها من خلال البطالة المقنّعة فسيرون عدم أهمية استخدام كفاءاتهم ومواهبهم. بينما في حال البطالة الظاهرة فإن الأكثرية لا تستسلم لقدر ليس فيه لقمة عيش، بل تعمل هذه الأكثرية على اكتساب المزيد من الكفاءات وشحذ المواهب بغية استثمارها لليوم الذي توظفها فيه لاكتساب العيش.
وعادة ما تكون البطالة المقنّعة بسبب تخطيط خاطئ لتوزيع الموارد يتسبب في تصميم خاطئ للعمل، وهذا يتطلب إصلاحه جهدا أكبر من إيجاد وظائف جديدة لأنه أكثر تعقيدا.

طرق خاطئة عادة ما يطبقها المسؤولون للقضاء على البطالة المقنعة، منها:

- إعطاء المبتلي بالبطالة المقنعة أعمالا غير منتجة، على سبيل المثال إذا اشتكى أحد الموظفين لدى المسؤول قلة الأعمال لديه لكي ينقله إلى مكان آخر، يقوم هذا المسؤول بالطلب من الموظف المزيد من الأعمال الكتابية والتقارير التي لا طائل من ورائها سوى إهدار مزيد من حبر الكمبيوتر والأوراق والوقت.
- يقوم المسؤول بابتعاث الموظف لدورات تدريبية خاطئة من ناحية مناسبتها لوضع الموظف سواء في عمله أو في عمل منتج قد ينتقل إليه مستقبلا.
- يترك المسؤول الحبل على الغارب، لا يعالج الأمر ولا يرفع أي تقرير عنه الى المسؤول الأعلى أو المصلحين في المجتمع.

ما هو الحل؟

هناك عدة نقاط مساعدة في التشخيص:
أولا: تصميم العمل ومناسبته للمتطلبات الحقيقية للعمل، قد يكون سببا للبطالة المقنّعة، مثلا: قد تكون متطلبات الوظيفة هي كاتب طباع، ولكن سوء التصميم جعل من المسمى الوظيفي مدققا.
ثانيا: قد يكون تصميم الهيكل أو التنظيم الوظيفي هو السبب، مثال: تكون الوظيفة هي وظيفة مشرف مع وجود مشرف أول ويكون وضع العمل بحيث لا يحتاج إلى هذا المشرف بالمرة مع وجود المشرف الأول، هنا لا توجد بالأصل متطلبات لهذه الوظيفة لعدم وجود الحاجة إليها وأكثر أنواع البطالة المقنّعة لدينا من هذا النوع الثاني.
ثالثا: يكون طول عمر الهيكل أو التنظيم الوظيفي تسبب في هرم هذا الهيكل إذ أصبح هناك عدم حاجة إلى بعض الوظائف ما يتسبب في البطالة المقنّعة لأصحابها.
التشخيص السابق طبعا ليس كافيا، فقد تكون لبعض الحالات خصوصياتها، ولكن التشخيص الصحيح هو نصف العلاج.
بعض الوزارات الحكومية قامت بتدوير المسؤولين وبوضع هيكل جديد، وواضح أن التدوير بما هو تدوير لا ينفع ولا يضر في القضاء على البطالة المقنّعة لعدم تعامله مع الهيكل الوظيفي وتصميم العمل، أما وضع هيكل جديد، فلنا عليه عدة نقاط:
المسألة ليست مسألة وضع هيكل جديد فقط، بل بالإضافة لذلك سرعة تنفيذ هذا الهيكل. الهيكل السابق طال عهده إلى ما يزيد على الأربعين سنة. المفروض أن يكون تم تعديل هيكلي شامل لأربع مرات على الأقل في هذه الفترة الزمنية الطويلة.
ان المتسببين في البطالة المقنعة ليسوا في منأى عن المسؤولية، لذلك من أهداف الهيكل الجديد إذا كان للإصلاح يجب أن يشمل على الأقل الحد من صلاحياتهم وليس ترقيتهم!
كما أن وضع "هيكل جديد" يختلف عن النسف الكامل للهيكل السابق وإعادة الهيكلة، ويجب ألا يتم الخلط بينهما، لأن الثاني هو المطلوب لإصلاح يكون جذريا وليس الأول الذي يعطي إصلاحا محدودا وغير جذري.

راتب مجاني!

أبو مشتاق موظف في احد الوزارة الحكومية, كل اسبوع يداوم يوم واحد، ويستلم الراتب في آخر الشهر من دون ان يقدم شي!، والمفارقة أنه فرح جدا، وغالبا ما يردد مدافعا عن فرحه: من لا يحب الراحة والحصول على راتب مجاني!
ومثل أبو مشتاق الكثير من الموظفين "العاطلين" في العديد من مؤسسات الدولة بسبب ارتفاع عدد الموظفين وتوزيعهم بطريقة خاطئة، وعدم فتح دوائر حكومية منتجة جديدة لاستيعاب العاطلين الحقيقيين والمقنعين معا،. وكذلك بسبب الفساد المنتشر والضعف الرقابي، كل ذلك وغيره ساعد على استمرارية هذه الحالة, فما هي الحكمة من صرف الملايين شهريا كرواتب لأشخاص لا يقدمون أي جهد، مع ان من الممكن ان يكون لهذه الطاقات فعل على أرض الواقع؟ وهذا يتطلب وجود رؤية اقتصادية من شأنها أن تضع خططا لمعالجة هذه الظاهرة, والحد من انعكاساتها على الخدمات التي غالبا ما تكون متعثرة وكسولة وتضر كثيرا بالمواطنين وتستنزف وقتهم.
الحلول ليست صعبة، بل ممكنة جدا ومتيسرة, وهذا ما وجدناه عندما أجرينا مع موظفين حوارات بشأن هذه الظاهرة.
موظفون لا يفعلون شيئا

يقول محمد فارس "موظف حكومي": في دائرتنا العشرات من الموظفين الذين لا يعملون شيئا، فقط يستلمون رواتب شهرية ويتم ترفيعهم سنويا!، وهذا ما نلمسه ونراه بأم أعيننا في دوائرنا الحكومية، وهذه البطالة تتسبب بضياع أموال البلد من دون نتائج, بالإضافة لخلق أجيال تعتاش على الكسل، لا تفكر، ولا تعمل، فقط تقبض المال من دون مقابل!، وهذا مظهر واضح من مظاهر الفساد وسوء التخطيط، لذلك نحتاج الى إعادة النظر في آليات التعيين, بالإضافة لطرق تقييم حديثة لاستيعاب العاطلين عن العمل.

نظام التعيين

سعدون عبد، "موظف حكومي آخر" يضيف: نعم يوجد موظفين فائضون عن الحاجة في كل قسم, لا يعملون شيئا، لكن نظام التعيين العشوائي المبني على الوساطات والمحسوبية والرشاوي استقبلهم، وهذه بطالة من نوع آخر وتحتاج لحلول رحيمة بحيث لا يسرح هؤلاء لأنهم أصحاب أسر, ويفترض أن نجد لهم المكان المناسب، في اماكن تحتاج لشهاداتهم وكفاءاتهم، وبهذا يكون خلاص من حالة البطالة مع ديمومة رواتب هؤلاء.

سلبيات الموظفين الفائضين

ويضيف خالد جلال "موظف": الخلل فاضح في مؤسسات الدولة، ونحتاج لثورة إصلاح كبيرة, فأموال البلد تهدر سنويا وبأرقام فلكية وتذهب مع الريح من دون تحقيق شيء ملموس. وهنا نتكلم على البطالة المقنعة في مؤسسات الدولة فهي كبيرة جدا, حيث يتواجد أعداد من الموظفين الذين لا يعملون شيئا، واعتقد أن السبب يكمن في نظام التعيين الذي لا يتم حسب الحاجة، بل تكون التعيينات بالاهواء والميول و"حصص الأحزاب والفئات"!، مما اوجد حالة البطالة المقنعة في مؤسسات الدولة. كما أضيف حالة اخرى للبطالة , مع تواجد حالة تدعى بالموظفين الفضائيين, تتمثل بتواجد اسماء يقبضون رواتب من دون دوام مع إعطاء نسبة من الراتب للمدراء، وهذه سرقة واضحة للمال، يشترك بها المدير والموظف العاطل، لذا نحتاج اليوم لمعالجة هذه القضية كي نحمي البلاد من سلبيات هذه الظاهرة، وأعتقد أن الإصلاح يكمن في إصلاح نظام التعيين وتفعيل النظام الرقابي.

أسماء لا نراها إلا في شريط الراتب

شاكر كريم "موظف" يقول : معنا في دائرتنا اسماء لا نراها الا في "شريط الراتب"!، فهم غير موجودين على مدار السنة, وهذا الفساد ينخر جسد دوائر الدولة، واعتقد أن السبب يكمن في غياب القانون، فلو كانت هناك محاسبة لمن يخالف ويسرق المال لما توسعت الحالة، اليوم مؤسساتنا تفتقد للنظام الرقابي الدقيق الذي يصل لكل مفصل .

لا بطالة في القطاع الخاص

ميثم الغرباوي، "يعمل في القطاع الخاص" يقول: ليس دفاعا عن القطاع الخاص أو التقول على القطاع الحكومي، ولكن القطاع الخاص لا تتواجد فيه حالة البطالة المقنعة, والسبب أن القطاع الخاص نظام التعيين فيه على أساس الحاجة الفعلية للموظفين وليس الأمر حصة وواجب وتخصيصات حكومية , ومن هنا يمكن ان نشخص الخلل الذي يكمن في نظام التعيين الفاقد لشروط او موجبات التعيين.

في القطاع الخاص لا يوجد تبذير

سعد السوداني "موظف في مصرف أهلي"، يقول: هناك فرق كبير بين القطاع الخاص والعام , واهم نقاط الفرق طريقة التعيين , ففي تعيينات القطاع الخاص هناك طرق معروفة، منها اجراء مقابلة واشتراط الكفاءة وامتلاك الشهادة مع اهمية الحاجة الفعلية للكيان الاقتصادي حتى تمنح الفرصة. وكل شي يمنح بحساب ولا مكان للتبذير, بخلاف القطاع الحكومي التي من اهم صفاته التبذير وعدم اهتمام بالخصائص المطلوبة للتعيين، وهذا ليس اتهاما وانما حقيقة رغم حاجة البلد الماسة للقطاع الحكومي المنتج.

لم أمنح وظيفة تناسب تخصصي

يضيف مجيد .ع: انا موظف في قسم الحسابات في احدى المؤسسات الحكومية، مع ان تخصصي بعيد جدا هو اختصاص إعلام، وانا لي كتابات ومنشورات تخص الأدب والفن، لكن وظيفتي الحالية بعيدة عن تخصصي، فانا اعيش بطالة من نوع آخر، حيث لم امنح وظيفة تناسب قدراتي وشهادتي، فنظام التعيين فيه ثغرات كبيرة تسبب في ضياع المواهب والقدرات، ولكن ماذا أعمل وقد عثرت على فرصة وظيفة "بطلعان الروح"!.

أنا لا أعمل ما تعلمته

وتضيف المواطنة دموع .ك : التعيين، مع عدم توفير عمل يتناسب مع المؤهلات، هو عملية قتل للمواهب، فانا درست لسنوات في الجامعة، "علوم فيزياء"، ثم تم تعييني في عمل بعيد عنه تماما، في المخزن!، فهل هناك ربط بين التخصص والتعيين؟، أليست هذه بطالة مقنعة؟، فانا لا أعمل ما تعلمته في دراستي، أي لا أمارس اختصاصي بالمرة، اذن هناك ثغرة كبيرة في التعيينات وعلى الدولة علاجها.

نظام العمل في الخارج متطور

امجد علي، "تاجر" يقول: في بعض الدول الخليجية يقوم نظام العمل على متابعة العاملين ومطالبتهم بالإبداع وتقديم الأفكار الجديدة والاقتراحات لتطوير العمل، وإلا فان العامل لا يمكن ان يستمر في وظيفته، فيندفع الموظف للبحث والقراءة لتطوير نفسه. وهذا الامر ضروري لتطوير العمل والعامل, لكن في بلدنا لا يفكر الساسة والمسؤولون في طريقة لتطوير العمل، مع تزايد استمرار أعداد العاطلين عن العمل.

البعض يحضر فقط لتسجيل الحضور

ويقول مازن طارق، "إعلامي": في الكثير من دول العالم المتقدمة توضع آليات للرقي بالعمل الوظيفي وتحفيز المواهب لتحقيق النفع الأكبر من دفع الرواتب, وفي ذات الوقت بناء اقتصاد وطني متكامل ومنتج، لكن بلدنا يعيش في فوضى، ولذلك نحتاج الى آليات فعالة للقضاء على بطالة الموظفين كي تكون الرواتب ذات جدوى، فالكثير من الموظفين يؤدي عمل غير منتج . والبعض يحضر للدوام ويجلس بملل ورتابة منتظرا انتهاء الدوام من دون ان يفعل شيئا، فقط يستلم راتب.

إلغاء بعض الوزارات هو السبب

يضيف المواطن عبد الحكيم الموسوي: اعتقد أن سبب انتشار البطالة المقنعة في دوائر الدولة هو توقف غالبية مؤسسات وزارة الصناعة عن العمل، بالإضافة الى الغاء وزارة الاعلام، وكذلك توقف الكثير من المصانع والمعامل والدوائر الخدمية عن العمل منذ عام 2003، فتحولت جحافل من الموظفين الى باقي الوزارات بقرار حكومي , وعندها ظهرت قضية البطالة المقنعة بصورة كبيرة!، بالإضافة لبقاء أعداد كبيرة على وظائفهم في الورش ومعامل وزارة الصناعة والتصنيع العسكري لكن من دون أي عمل، فقط يستلمون رواتب شهرية، فهم يحضرون لتسجيل الحضور من دون عمل، فانظر الى حجم المأساة التي وقع فيها البلد، وتخيل الرقم الفلكي للمال المهدور من دون مقابل!، بينما كانوا بالأمس منتجين واليوم عاطلين عن العمل. وكان من المفترض استثمار هذه الطاقات وليس اهدارها، انظر الى حجم الكارثة التي حصلت في العراق بفعل القرارات غير المدروسة.

الصراع السياسي هو السبب

ويضيف الباحث الاقتصادي صادق الحسيني : بسبب حدة الصراع السياسي بين الكتل المتصارعة على كرسي الحكم، بالإضافة لارتفاع النفس الطائفي والقومي والفئوي ولأغراض انتخابية بحتة تسبب هذا الأمر في تعيين جيش من الموظفين غير مؤهلين للعمل، فقط يستلمون رواتب شهرية.
وأضاف" اننا امام مشاكل لم يعمل البرلمان او السلطة التنفيذية على حلها وتتلخص في تخلف آلية التعيين مما ادخل أعداداً هائلة من البطالة المقنعة، موظفون غير مؤهلين, او لا يعملون شيئا، وهذا يتسبب سنويا في ارهاق الموازنة وتحميلها نفقات غير ذات نفع.

غياب الرؤية الحكومية هي السبب

ويقول المواطن علاء حسين: البطالة المقنعة في مؤسسات الدولة نحن صنعناها بسبب غياب الرؤية والتخطيط, فقضية المفصولين السياسيين وعودتهم للدوائر مع احتساب المدد السابقة، رفع من معدل البطالة المقنعة وخلق نوعاً من الشحن الوظيفي على اساس الموظف المستمر في الخدمة لم يحصل على ما حصلت عليه هذه الفئة مع انه لم يقدم ما قدمته من جهد، فميزان العدل اختفى في دوائر الدولة بفعل القرارات غير المدروسة .
ندعو الوزارات
لوضع آلية لعلاج البطالة

اما نوري المبرقع، "موظف حكومي" فيقول: مع حصول التغيير في عام 2003 كان الاهم عند سلطة الاحتلال في الأشهر الأولى هو دفع الرواتب من دون مطالبة العاملين بالالتزام بالعمل مع قيامها بالغاء بعض الوزارات والكيانات مما إربك الوضع، بينما هي لا تهتم لأنها تصرف من اموال العراق وترغب بتحقيق قبول شعبي وتم لها ما أراد وأسست لوضع جديد وهو البطالة المقنعة. واستمر الحال بنفس الكيفية التي كانت مع الاشهر الاولى للتغيير. لذا نحن اليوم ندعو لوضع آليات في كيفية علاج البطالة المقنعة المتفشية في الوزارات.

السياسة أثرت سلبا

وتضيف منال البياتي، "اعلامية": السياسة أثرت كثيرا على البلد، وقد صدرت عدة قرارات تدعم توجهات معينة من دون النظر لتأثيرها اقتصاديا، خصوصا مع ارتفاع معدل إنتاج النفط وارتفاع سعر البرميل. فيتم صرف الرواتب من دون النظر للانتاج، بل تم رفع سقف الرواتب كي يتحقق قبول شعبي للحكومات من دون النظر للنتائج، وهكذا نمت وكبرت فئة الموظفين في البطالة المقنعة.
وأضافت: الحل يكمن في ان تهتم الدولة بالزراعة فتحول كل الفائض من موظفي الدولة لقطاع الزراعة للنهوض به وهذا حل مهم للقضاء على البطالة المقنعة وتحويل الموظف الى فرد منتج.

يجب دعم القطاع الخاص

واخر لقاءاتنا كانت مع الدكتور منعم الموسوي فقال: بسبب غياب الرؤية البعيدة حصلت قضية البطالة المقنعة, فالحلول ممكنة، أولها الاهتمام بالقطاع الخاص عبر آليات حماية وتمويل حكومي, والحماية عبر وضع محددات للبضائع المستوردة كي نحمي المنتج المحلي من الفشل ثم الموت وهو ما حصل لقطاع كبير من المهن بعد ان فتح الباب على مصراعيه لاستيراد أي شيء!، والأمر الآخر هو ان تفتح الدولة باب دعم التمويل للمشاريع الصناعية والتجارية في العراق كي تزدهر الحياة الاقتصادية بواسطة الدعم الحكومي وهو لم يحصل طيلة الثمان سنوات الأخيرة، مما جعل القطاع الخاص ينزوي ويصبح حجمه غير ذي تأثير على الحياة الاقتصادية. وثانيا عبر وضع ضوابط للتعيين يجب الالتزام بها ومن اهمها ضابط الحاجة للكوادر كي لا تصرف رواتب من دون انتاج مقابل. هاتان الخطوتان يمكن ان تصححا الواقع السلبي الذي نعيشه اليوم.
في الختام: مشكلة البطالة المقنعة وعلى مدار العشر سنوات لم تتوفر لها ارادة حكومية حقيقية للقضاء عليها او تقليل معدلاتها مما تسبب باستمرارها على ارض الواقع. وما زالت المشكلة تتفاقم ونحس بحجم الاموال المصروفه عبثا. بينما يمكن لهذا المال ان يستثمر بفتح مشاريع جديدة واستيعاب العاطلين. لذا نحتاج لحلول مناسبة كي نكسب الطاقات العاطلة ويتم تفعيلها، بالإضافة الى ان يكون للمال المصروف كرواتب ناتج واقعي، واهم الحلول الممكنة هي أولا: آلية تعيين الموظفين في الوزارات، ووضع خطط لها، للنهوض والبناء الاقتصادي للبلد وتنميته.
ثانيا: وضع آلية صارمة للتعيينات بحيث يكون التعيين حسب الحاجة وبما يتناسب مع التخصص.
ثالثا: الاهتمام بالقطاع الخاص ورفده بكل ما يحتاجه فهو عامل مهم للقضاء على البطالة.