مدارات

ايطاليا .. مناقشات على طريق تشكيل تحالف يساري واسع

رشيد غويلب
في الحادي والعشرين من كانون الثاني الفائت، التقى 150 شخصية ماركسية وشيوعية ايطالية يمثلون حزب اعادة التأسيس الشيوعي، وحزب الشيوعيين الايطاليين، بالاضافة الى العديد من المجاميع الماركسية وماركسيون مستقلون، بينهم الفيلسوف الماركسي المعروف عالميا دومنيكو لوساردو رئيس الجمعية العالمية للتفكير الجدلي، ووقع النداء 1100 من الشيوعيين والماركسيين. وجاء اللقاء استجابة لمبادرة جديدة لتجاوز التشتت الذي يعيشه اليسار الماركسي في ايطاليا، منذ تفكك الحزب الشيوعي الايطالي، على اثر انهيار الاتحاد السوفيتي، والبلدان الاشتراكية السابقة.
واحتضنت اللقاء مدينة ليفورنو الساحلية، التي شهدت قبل 94 تأسيس الحزب الشيوعي الايطالي من قبل انطونيو غرامشي، والمجموعة الثورية التي التفت حوله.
وفي الرابع والعشرين من الشهر ذاته جرى لقاء ثان في منطقة بولونيا، التي شهدت قبل 24 عاما تفكك نفس الحزب، وبمشاركة 100 شخصية، اتفقت على مقترح تأسيس جمعية ، تبدأ عملية طويلة المدى لتأسيس حزب شيوعي موحد، ولتفعيل العمل المشترك مع عموم قوى اليسار. وقرروا القيام بحملة وطنية، وتنظيم فعاليات في 20 مدينة كبيرة خلال الأسابيع المقبلة. ووصل عدد الموقعين على النداء، في هذه الاثناء الى 1500 بينهم الكثير من الشخصيات الاجتماعية المعروفة، ينتمون الى التنظيمين الشيوعيين الرئيسيين، والنقابات، والمراكز الاجتماعية، واتحادات الانصار. وبينهم مدراء اقتصاديون، وممثلين عن المؤسسات العلمية، واساتذة جامعات معروفة، وأدباء وفنانين.
ويركز النداء " على جميع الشيوعيين، الذين يستندون، بطرق مختلفة، الى الارث السياسي والفكري والتاريخي للحزب الشيوعي الايطالي، والوعي الطبقي لليسار الايطالي، والحركة الشيوعية العالمية، وعلى افضل التقاليد النظرية الماركسية، ابتداء من مساهمات لينين وغرامشي، ويتمتعون بتصور أممي معادي للامبريالية، ومستعدون للاسهام في النضال المشترك".
وتوقف اللقاءان بالتحليل امام التشتت المريع لحركة اليسار الايطالي بعد حل الحزب الشيوعي الايطالي. وبهذا الخصوص اشار لوساردو الى تحول الحزب الشيوعي الايطالي في عام 1991 الى حزب اجتماعي ديمقراطي، ثم اتفق اكثرية الاخير في عام 2007 مع حزب "مارغريتا" الكاثويكي المركزي، وتشكيل الحزب الديمقراطي الحالي، الذي يشكل اليساريون اليوم اقلية في قواعده.
ومن المعروف ان الحزبين الشيوعيين الرئيسيين اللذين خلفا في الحزب الشيوعي الام في عام 1991، و1998 على التوالي لم يستطيعا ان يمثلا بديلا يساريا جامعا، وتراجعت نسبة الاصوات التي حصلا عليها، الا انه أصبح خارج البرلمان الوطني والأوربي، ولم تنجح تجارب التحالفات الانتخابية، التي دخلاها مجتمعين ومنفردين في تحقيق نجاح هام. وكانت انتخابات البرلمان الاوربي الاخيرة في 25 ايار الفائت مناسبة، نجح فيها اليسار الايطالي في العودة للبرلمان الاوربي بقائمة لدعم مرشح حزب اليسار الاوربي، وزعيم حزب اليسار اليوناني "الكسيس تيسبراس".
واكد النداء على ان الامر يتعلق بعملية طويلة تتضمن عدة مراحل، ولكنها بدأت اليوم"في فتح حوار بناء يسير خطوة فخطوة ليس للوصول الى تطابق في بعض الاحيان، وانما للوصول الى وحدة عمل بناء". ويسعى انصار المبادرة في النهاية الى تحقيق اوسع تحالف يساري واسع، وهو امر مرهون بما سيشهده قادم الايام في نجاح البحث والوصول الى المشتركات. فنحن ازاء عملية مفتوحة الاحتمالات.