مدارات

هل ستشهد ايطاليا تأسيس حزب يساري جديد؟

رشيد غويلب
شهد الحزب الديمقراطي الإيطالي الحاكم (وسط) في الإسابيع الأخيرة موجات من الإستقالات الجماعية في صفوفه، وبحسب متابعين شملت الظاهرة الآلاف من انصار الجناح اليساري للحزب، وفي الإسبوع الفائت توصل المستقيلون الى قرار تاسيس حزب يساري جديد يقف على يسار قوى الوسط في ايطاليا.
وافتتح الإجتماع ستيفانو فاسينا القيادي االسابق في اليسار الديمقراطي، الذي انبثق بعد حل الحزب الشيوعي الإيطالي في عام 1990 ، بالقول: "نحن هنا من اجل المساهمة في ولادة حزب سياسي جديد"، وشغل فاسينا في التسعينيات عدة مناصب وزارية، في حكومة تحالف يسار الوسط، بزعامة رومانو برودي، التي كان حزب اعادة التاسيس الشيوعي احد اطرافها. وعاد لاحقا لينظم الى الحزب الديمقراطي الحاكم، وفي كانون الثاني 2014 استقال من منصب نائب وزير المالية احتجاجا على السياسات اليمينية لرئيس الوزراء الإيطالي الحالي.
وشارك في الإجتماع الإستشاري لتأسيس المشروع اليساري الجديد كذلك شخصيات يسارية بضمنها عضو البرلمان الأوربي، والرئيس السابق لإتحاد النقابات العمالية القريب من الحزب الديمقراطي (5,8 مليون عضو) سيرجيو كوفراتي، وممثلين عن حزب البيئة اليساي (SEL)، وحزب اعادة التاسيس الشيوعي. وفي حالة اندماج المنشقين من الحزب الديمقراطي والأحزاب اليسارية الأخرى المشاركة في الإجتماع يتوقع المتابعون ان يحظى الحزب الجديد بتأثير ووزن سياسي اكثر من حزب البيئة اليساري، في حين يرى المتبقون في الجناح اليسار في الحزب الديمقراطي ان المحاولة ليست اكثر من "تشض جديد"
ويعد الإنشقاق الجديد اعلان عن فشل محاولة ايجاد حزب وسط قوي في عام 2007 ، بعد اندماج اليسار الديمقراطي مع المركز الكاثوليكي، التي نتج عنها الحزب الديمقراطي الحاكم. ويذكر ان آمالا كثيرة انعقدت على هذا الحزب بعد حصوله في انتخابات البرلمان الأوربي على 40,8 في المائة، مقابل حصول حزب اليمين المتشدد بزعامة سلفيو بيرلسكوني على 16,8 في المائة فقط، وخسارته 60 في المائة من ناخبيه. ان قواعد اليسار الديمقراطي، الذين ينحدر الكثير منهم من الحزب الشيوعي الإيطالي، كانوا يرون في تأسيس الحزب الديمقراطي حزبا اجتماعيا ديمقراطيا، في حين راى فيه الديمقراطي المسيحي السابق، ورئيس حكومة الحزب الديمقراطي الحالية ماتيو رينزي عكس ذلك، وعمل على: انهاء التقاليد الإجتماعية الديمقراطية في الحزب، واضعاف تأثير القيادات اليسارية السابقة داخله. اضف الى ذلك تبنيه مطالب الإتحادات الصناعية، المضادة لنهج الحركة النقابية. والغاء الحقوق الأساسية للعمال نتيجة للعمل بما يسمى بـ"إصلاح سوق العمل" واخيرا تصريحه، ان الوقت " الذي تستطيع فيه تظاهرة نقابية ايقاف اعمال رئيس الوزراء، قد مضى "، والذي ادى الى اندلاع حركة احتجاجية واسعة، كانت وراء الإستقالات الجماعية من الحزب، والتي شكلت النواة الأساسية لمشروع تأسيس حزب يساري جديد. وكانت القشة التي كسرت ظهر البعير، محاولة رينزي، ومن وراء ظهر حزبه، دفع رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيراس، الذي يتمتع بشعبية كبيرة في اوساط الجناح اليساري للحزب الديمقراطي الإيطالي، الى التراجع عن تنظيم الإستقتاء في اليونان.
وترى صحف ايطالية ان ممارسة رينزي "الدكتاتورية" في الحزب ادت الى الخسارة في الإنتخابات البلدية. ويقول فاسينا في تصريح لجريدة " لا ريبوبليكا" (الجمهورية) الإيطالية: "نمضي قدما على طريق تأسيس الحزب الجديد". وتقول الجريدة ان الإجتماع التحضيري لتأسيس الحزب يحمل آفاق دراسة امكانية المشاركة في التحالفات الحكومية القادمة، ويقول مراقبون سياسيون في روما ان المحاولة تسعى الى إيجاد نظير يساري للحزب الحاكم، قادر على المشاركة في التحالف مع الحزب الديمقراطي، ولكن بدون رئيس الوزراء الإيطالي.
وياتي مشروع تأسيس حزب يساري جديد في سياق محاولة اليسار الإيطالي، بمختلف مدارسه الخروج من ألأزمة التي يعيشها منذ عام 2008 ، وخصوصا بعد نجاح تحالف قوى اليسار الجذري، بمشاركة حزب اعادة التاسيس الشيوعي، وحزب الشيوعيين ألإيطاليين، في العودة الى البرلمان الأوربي بعد حصوله على 4,5 في المائة في انتخابات البرلمان الأوربي في نهاية ايار 2014 . ويذكر ان ايطاليا شهدت قبل عام نقريبا اجتماعا تشاوريا حضره 150 من اليسار الماركسي لمناقشة فكرة مماثلة.