مدارات

حدث في 14 تموز1958 *

(مؤامرة نفذتها حفنة من الضباط في ساعة واحدة فقط، فسقط العراق المعروف منذ عهد بعيد بأنه أمنع قلعة للغرب في الشرق الأوسط).
هكذا وصفت مجلة (التايم) الأمريكية ثورة 14 تموز 1958 في أول عدد لها يصدر بعد الثورة، لكنها أعترفت أن أغلبية الشعب العراقي قد رحبت ب (المؤامرة) ووافقت عليها.
أما مجلة (الأيكونوميست)، لسان دوائر المال والأعمال البريطانية الكبرى، فقد إعتبرت الثورة العراقية (أسوأ لحظة) في التاريخ، أدت الى (تدهور مركز الغرب) الى أبعد حد. ومع أن هذه المجلة حريصة على الظهور بمظهر الرصانة والإتزان فوقفت، مثلا، بقوة ضد العدوان الثلاثي (البريطاني- الفرنسي - الإسرائيلي) على مصر في عام 1956 بإعتباره مغامرة، إلا أنها أصيبت بالهيستيريا في تموز 1958، فدعت إلى التدخل العسكري لقمع ثورة العراق: (وإذا وازنا بين التدخل العسكري وعدم التدخل فأن نتائج عدم التدخل تعد أكثر ضررا لمصالحنا الإقتصادية وا?سياسية والإستراتيجية من نتائج التدخل)... لقد (فتحت الجياد باب الإسطبل المغلق وهرب أثمنها، ولا أن يحال بأي ثمن دون هروب جواد آخر، بل لابد من إسترداد الهارب الكبير).
وفي غضون ساعات كان سلاح الجو الملكي البريطاني والأسطول السادس الأمريكي ينزلان فيالقهما في الأردن ولبنان للوثوب من هناك الى بغداد وإعادة (الحصان) الجامح.. (الهارب الكبير) إلى الإسطبل الإستعماري، بيد أن الإمبراطوريتين (العظيمتين) لم تستطيعا فعل أي شيء، ذلك أن شعبنا بأكمله وليست (حفنة من الضباط) كان في غضون (ساعة واحدة فقط قد نزل الى ساحة الثورة التي إمتدت رقعتها على مساحة 444 ألف كيلو متر مربع من زاخو حتى الفاو).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* رسالة العراق العدد 91 /تموز (يوليو) 1988