مدارات

شعوب جنوب اوربا تفقد ثقتها بالنظام الرأسمالي

رشيد غويلب
تداعيات الأزمة المالية الإقتصادية المندلعة منذ عام 2008 تنعكس في الوعي العام للأوربيين، هذا ما تضمنته دراسة لمعهد الإقتصاد الألماني القريب من الشركات الكبيرة "خصوصا في بلدان جنوب اوربا، فهناك فقدان ثقة هائل في مؤسسات الدولة تصاعد مع بداية الألفية الثالثة"، وهذا ما نشرته جريدة "العالم" الألمانية في عددها الصادر الأحد الفائت.
ولا بنحصر هذا الفقدان في اليونان وإسبانيا والبرتغال، بل يمتد ليشمل أيضا فرنسا والمملكة المتحدة وايطاليا، فالمواطنون اصبحوا"اقل ايمانا من اي وقت مضى بالنظام الديمقراطي والنظام الاقتصادي الليبرالي". ان الدراسة تشير الى رفض مواطني هذه البلدان، للسياسات السائدة التي لاتلتزم بوعودها، وكذلك للأزمة الراسمالية، التي تفرض سلب سلطة الحكومات المنتخبة ديمقراطيا، وتخضعها لسياسة التقشف الليبرالية الجديدة. ان برامج "التكيف الهيكلي" تؤدي بشكل متواصل الى تقويض حياة الملايين من المواطنيين.
عضو البرلمان الأوربي عن حزب الخضر سيفن غيلود قال في اول رد فعل على الدراسة"انه رد خطير للغاية على سياسة معادية للمجتمع". وصرح رئيس المعهد الألماني ميشائيل هوتر لجريدة العالم " هناك حلقة مفرغة انتجتها الأزمة الاقتصادية وانعدام الثقة في السياسة". وكان باحثون في معهد "الإقتصاد الألماني" قد وضعوا خطا بيانيا للثقة في 20 بلدا اوربيا. وتعتمد الدراسة على دراسات استقصائية دولية مختلفة بشأن الثقة بالنظام الإقتصادي القائم وعلى البيانات الإحصائية للمنظمات الدولية و دراسات استقصائية سنوية معظمها في سنوات 2000 - 2014 .
ولم تثير النتائج التي توصل اليها الباحثون الدهشة، فهناك العديد من الدراسات التي تشير الى ان النظام الراسمالي يفقد المزيد من المؤيدين. "ان العالم يفقد الثقة بالراسمالية"، هذا ما جاء في استطلاع اجراه في عام 2012 مركز دراسات Pew العالمي، وعكست الإجابة على سؤال هل تعتبرون "نظام السوق الإجتماعي" هو ألأفضل؟ تراجعا للثقة بالنظام الإقتصادي منذ عام 2008 حتى الآن في كل من اسبانيا وايطاليا واليونان الى اقل من 50 في المائة. ناهيك عن ما عكسه الحراك الإيجابي الإنتخابي نحو اليسار في بلدان الأزمة خلال السنوات الماضية.