مدارات

العراق ينتفض ضد الفساد من قلب التحرير في بغداد الى ثغره في البصرة

تظاهرات تميزت بحضور كبير للشباب وبشعارات مدنية واعية
طريق الشعب
على الرغم من أن تظاهرات الجمعة والسبت، في بغداد وعدد من المحافظات، لم يجر التحشيد لها مبكرا، إلا قبل أيام قليلة فقط، وعلى الرغم من ارتفاع درجات الحرارة، فإن العراقيين، ولأنهم يعلمون أن للصبر حدودا، قرروا النزول إلى الشارع، ومعهم المئات من الناشطين والمثقفين والأحرار، وكأن يومي الجمعة والسبت، عيدا شعبيا يذكر بالأيام المشرقة في تاريخ العراق المعاصر، بوثبة كانون 48 وانتفاضة تشرين 52 وإضراب الزيوت 68 واحتجاجات شباط 2011 وآب 2013.
العراق يتظاهر في التحرير
عصر الجمعة 31 تموز 2015، بدأت جموع الناس تتوافد الى ساحة التحرير، ولكن المفاجأة أن القوات الأمنية قطعت الطرق، ومنعت مرور السيارات، فأجبر المواطنون على المشي، زرافات ووحدانا.
وكان القطع بحسب مراسل "طريق الشعب"، في بغداد، من ساحتي كهرمانة والأندلس من جهة، ومن علاوي الحلة من جهة أخرى، ومن مدخل مدينة الصدر "الثورة" من جهة ثالثة، ومن الشورجة من جهة رابعة، كما أُغلق طريق المرور السريع أيضا، ومنعت المفارز الأمنية الكثيرين من الوصول , حتى ان مجاميع تعدّ بالعشرات تجمعت وأعلنت تظاهرتها الخاصة بها عند مدخل "كراج" العلاوي.
وبعد السادسة عصرا بدقائق كان حجم الحضور كبيراً، وبعد السابعة بلغت الحشود ذروتها فامتلأت ساحة التحرير، بالأهالي وكان السواد الأعظم من الشباب، ومعهم الكثير من الفتيات والنساء، الى جانب حضور كبير للأدباء والفنانين والإعلاميين والأكاديميين، فيما خلت الساحة تماما من السياسيين نوابا ووزراء وقادة باستثناء الشيوعيين.
شعارات ساخرة لاذعة
كانت الكهرباء سيدة الساحة، والهتافات كانت تطالب بها وتتندر من وضعها، حتى أن أحد الشباب حمل "كيزراً" في اشارة الى تصريح وزير الكهرباء، حول مطالبته المواطنين بإطفاء السخانات لإبقاء التيار الكهربائي مستمرا.
وكانت هناك لافتات كثيرة، كتب اصحابها عليها شعارات لاذعة، من بينها، أن المتظاهرين لم يدبروا أمرهم بليل، بل هاهم قد حضروا جهارا نهارا، وأحدهم كتب لافتة رومانسية: حبيبتي، انت جميلة كساعة اضافية من الكهرباء.
حضور مدني وثقافي كبير
وعلى الرغم من الجو اللاهب، وارتفاع درجات الحرارة، لكن الجميع كانوا يشعرون بانهم في جنة باذخة، لاسيما الذين كانوا يحملون علما عراقيا كبيرا، فالعراق وحده كان في الساحة، كبيرا، شجاعا، مناديا بأعلى صوته ضد الحرامية.
كان الحضور يحمل طابعا مدنيا وينطق ويهتف ويشعر بالحسّ الوطني، وكان ممثلا لشرائح المجتمع وطبقاته وفئاته وقومياته كلها، وكأنهم يؤسسون لرأي عام جديد هو التعبير بالتظاهر السلمي الذي كفله الدستور، والآن على أصحاب القرار السياسي أن يستفيدوا من هذا الزخم في كشف الفساد والفاسدين الكبار ومحاكمتهم وفي انجاز الاصلاح السياسي والاداري والاقتصادي المنشود.
القوات الامنية تتعاون ولكن..
على الرغم من قيام القوات الامنية بقطع الطرق المؤدية الى ساحة التحرير، ومن مسافات بعيدة، ومنع بعض عناصرها المواطنين من الوصول الى التحرير، واعتقالها شابين، افرجت عنهما لاحقا بتعهد، مع انه لا الاعتقال ولا التعهد كانا مبرر لهما.
فانه بشكل عام كانت القوات الامنية متعاونة ومتفهمة ومتجاوبة مع المتظاهرين.
البصرة تهتف: باسمك يا ابو الأحرار باكونه الحرامية
نظم المئات من مواطني البصرة، يتصدرهم العديد من الشخصيات المستقلة وناشطو المجتمع المدني، صباح السبت، تظاهرات حاشدة أمام مقر ديوان محافظة البصرة، رافعين لافتات، تطالب بتحسين الخدمات وتوفير الفرص، وتشكيل اقليم البصرة ومحاربة الفساد في مفاصل الدولة كافة.
وهتف المتظاهرون بهتافات متعددة، من بينها (باسمك يا ابو الاحرار باكونه الحرامية)، و(اليوم نتظاهر وغدا نعتصم وبعدها نثور).
وقال المتظاهر عبد المجيد هاشم: إن "ارتفاع درجات الحرارة لم يمنعنا من التظاهر للمطالبة بحقوقنا، إذ لدينا إصرار تام على المطالبة بالحقوق، ولم يعد بالإمكان السكوت عن المزيد من الظلم والإهمال"، موضحاً أن "أكثر ما يدعونا الى الإمتعاض والغضب هو إنشغال الكثير من المسؤولين السياسيين بإدارة شركاتهم ومشاريعهم التجارية دون أن يكترثوا بمعاناة المواطنين، ولذلك هتفنا كثيراً خلال التظاهرة ضد الفساد الإداري والمحاصصة الحزبية وتغييب الكفاءات".
وقطعت القوات الامنية، الطرق كافة المؤدية الى التظاهرة. كما لم يخرج اي مسؤول حكومي للقاء المتظاهرين.
وكانت ادارة المتظاهرين، وتنسيقهم، من قبل ناشطين مدنيين، يؤكدون انهم غير مرتبطين باية جهة سياسية او دينية.
نجفيون يسلمون السيستاني مطالبهم
تظاهر العشرات من ابناء محافظة النجف، السبت الماضي، لليوم الثاني على التوالي احتجاجا على تردي الخدمات، فيما وزعت الشرطة الماء البارد على المتظاهرين.
وطوقت قوات الشرطة مكان التظاهر تحسبا لأي خرق، وقامت بتوزيع الماء البارد على المتظاهرين.
وكان العشرات من الناشطين المدنيين والمواطنين قد نظموا، مساء الجمعة، تظاهرة وسط محافظة النجف احتجاجا على سوء الخدمات، فيما عمدت القوات الأمنية الى قطع الطرق المؤدية الى مكان التظاهرة.
وفي خطوة لافتة تقدم متظاهرو محافظة النجف ليلة الجمعة، بمطالبهم الى المرجع الديني السيد علي السيستاني. وتعد هذه الخطوة اشارة واضحة إلى عدم ثقة المواطنين بحكومتهم المحلية ووعودها.
كربلاء تشهد اكبر تظاهرة منذ 2003
خرجت صباح السبت الماضي، في محافظة كربلاء، تظاهرة حاشدة لم تعرفها المدينة من قبل، ساهمت فيها القوى المدنية بمشاركة فاعلة من قبل الشيوعيين،و التيار الديمقراطي ومنظمات المجتمع المدني واتحاد اﻻدباء والفنانين وطافت شوارع الجمهورية والعباس وصوﻻ الى مجلس المحافظة. وساهمت قوات اﻻمن في حماية التظاهرة دون ان تتدخل، ورددت شعارات ضد الفساد والفاسدين.
المثنى تطالب بمحاسبة الفاسدين
انطلقت في مدينة السماوة، مركز محافظة المثنى، الساعة السابعة من مساء السبت، تظاهرة كبيرة ضد الفساد، حيث شارك فيها المئات من اهالي محافظة المثنى ليعلنوا رفضهم استمرار الفساد ومطالبتهم بالإصلاح.
وتجمع المتظاهرون، بالقرب من المستشفى اﻻهلي في كورنيش السماوة، ثم طافوا شوارع المدينة وهم يرددون شعارات ضد الفساد. وتوجه المتظاهرون الى بيت المحافظ، الا ان القوات الامنية اغلقت الشارع المؤدي الى بيت المحافظ، ومنعت المتظاهرين من الوصول اليه.
بعدها توجه المتظاهرون الى دائرة الكهرباء ومقر ممثلية مجلس النواب وهم يرددون هتافات (باسم الدين باكونه الحراميه) ويطالبون باستقالة وزير الكهرباء ومحاسبته.
احد قيادي التظاهرة، قال لمراسلنا في المثنى، عبد الحسين السماوي: ان "التظاهرة صرخة بوجه دواعش السياسة من الفاسدين والسراق"، مضيفا: "في السماوة الفساد ينخر كل مرافق الخدمات بسبب عدم اهلية القائمين على تلك المرافق وباﻻخص مجلس المحافظة والمحافظ ونطالب من خلال التظاهرة بتفعيل دور القضاء واحالة المفسدين الى المحاكم وتحسين الخدمات وﻻسيما الكهرباء وحل مجلس المحافظة واقالة المحافظ لعدم اهليته لقيادة المحافظة".
اما المواطن ابو احمد فقد اكد "ان واقع الكهرباء مترد، ولم يطرأ عليه اي تحسن وهذا ما نلمسه في فصل الصيف، فتزداد ساعات القطع، في حين يصرح مسؤولون في وزارة الكهرباء بتصدير الكهرباء وتحسينها وهي مجرد وعود واكاذيب على الشعب المسكين"، مطالبا عبر "طريق الشعب" بـ"محاسبة الفاسدين في وزارة الكهرباء من الوزراء المتعاقبين على الوزارة الى اصغر مسؤول فاسد فيها وتحسين الكهرباء باستقدام شركات عالمية معروفة في هذا المجال وليست شركات وهمية كما فعلها بعض المسؤولين في وزارة الكهرباء".