مدارات

بريطانيا .. الصراع على زعامة حزب العمال يتصاعد

رشيد غويلب
منذ الرابع عشر من الشهر الحالي يستمر التصويت لاختيار زعيم جديد لحزب العمال البريطاني، بعد الهزيمة الإنتخابية التي مني بها الحزب في الانتخابات البرلمانية العامة، ويشارك في التصويت 600 الف، يدفعون لقاء تسجيلهم في قائمة المصوتين 3 باوند. واذا ما اعتمدنا نتائج استطلاعات الرأي، فان المرشح الجناح اليساري في الحزب جيريمي كوربين يتقدم بقية المرشحين، وحسب استطلاع اجرته مؤسسة يوغوف في الحادي عشر من آب، فان كوربين سيحسم الصراع في جولة الإنتخابات الأولى وسيحصل على 53 في المائة.
على اية حال فان حملته الأنتخابية في عموم المملكة المتحدة تحقق نجاحا غير مسبوق، وتضيق قاعات فعالياته الإنتخابية بزوارها. ولا ينحصر الحضور بقدامى انصار الحزب واعضائه، وانما تمتاز هذه الفعاليات بحضور طاغ للشبيبة الذين يريدون سماع ما يقول.
وكروبين ينتمي الى مجموعة صغيرة من كتلة الحزب البرلمانية ، عرفت بتمردها على سياسات قيادات الحزب اليمنية. فقبل اندلاع الأزمة المالية في عام 2008 ، دعا البرلماني اليساري الى تنظيم ورقابة قوية على نشاط الأسواق المالية. وصوت ضد الحرب الأمريكية على العراق، وما زال ناشطا في حركة السلام البريطانية. وكان في شبابه كادر نقابيا اثناء عمله في احد المستشفيات، وتلمس حينذاك بشكل مباشر التاثيرات القاسية لسياسة الليبرالية الجديدة.
ويسعى في حالة فوزه لتحقيق برنامجا يساريا للحزب، يتضمن المطالبة بالغاء الملاذات الضريبة، وايقاف عمليات الإحتيال الضريبي. وتاميم السكك الجديدية، وايقاف خصخصة القطاع الصحي. ويطالب بانهاء سياسات التقشف، والغاء البرنامج النووي البريطاني.
وعبر كوربين مرارا عن تعاطفه مع الأفكار الإشتراكية، ولهذا احدث ترشحه هيستيريا في صفوف يمين حزب العمال، والقوى المحافظة في المجتمع البريطاني. واصبح اليوم شعار "اوقفوا كوربين" مهمة يومية للصحافة اليمينية في البلاد. ويتزعم حملة يمين حزب العمال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بليير، والذي يلقب من قبل صحفيون يساريون ب"مجرم الحرب"، في اشارة منهم لدعمه القوي للاحتلال الأمريكي للعراق، وفي هذا السياق يدعو بلير لإنقاذ حزب العمال، الذي سينحدر للهاوية، كما يرى اذا ما فاز كوربين بزعامته، ويلوم بلير النقابات البريطانية الكبيره لدعمها للزعيم اليساري، بعد ان كانت في الثمانينات تمثل "صوت العقل"، ، ولكنها "سقطت في ايدي اليسار المتطرف"، على حد زعمه.
ويجري داخل حزب العمال العمل من اجل منع كوربين من الوصول الى زعامة الحزب، ويدعي اليمين ان قوى يسارية تتسلل الى داخل حزب العمال لتدعمه. وقد فندت قوى يسارية البريطاني هذا الإدعاء بالقول، ان هذه القوى حريصة على عدم توفير سلاح دعائي يخدم اليمين في حملته ضد كوربين.
وسيجد كوربين بعد فوزه صعوبة في التعامل مع الجهاز الحزبي التقليدي، وفي تحديد طبيعة المساومات والحلول الوسطية التي عليه اعتمادها، وما هو الدور الذي سيلعبه الحراك الذي ارتبط بمعركته الإنتخابية؟. ولكن هذه الأسئلة لا تلغي الفرصة التاريخية لظهور قوة سياسية يسارية جديدة في بريطانيا. وسيبدأ التحدي الحقيقي بعد اعلان نتائج الإنتخابات الحزبية في الثاني عشر من ايلول المقبل.