مدارات

الدستور...خنقته أصابع حكامنا / ئاشتي

أقيس المسافة بين حزني وحزن الوطن، فينفلت القلب من هدوئه ويهرب بعيدا في نبضه المتسارع، لعله يلحق ولو مرة بتسارع نبض الحزن الذي يمتص ضوء عيون الوطن ويمضي بها إلى عالم من الخبل اليومي، خبل جهنمي يأكل أبناءه كل صباح، وكأن القتل أصبح وضوء الشمس في الصباحات، كي يؤدي الوطن الصلاة على الموتى، فلم تعد له من صلاة غير صلاة الموتى، ولم تعد له من صباحات غير صباحات القتل، فكيف لي أن اقيس المسافة بين حزني وحزنه، هو الغارق حد التخمة بجدائل النساء المبتورة حزنا من الرؤوس، وهو المتهالك في البحث عن أطراف قتلى التفجيرات اليومية، وطن ينتمي إلى أمسه كيف له أن يعانق حاضره بكل هذه المرارة، ويزرع بين عيون نخيله وردة رازقي توحي له بمستقبل وضاء، كيف يكون ذلك وحكامه في كل لحظة يخنقون دستوره الذي هم صاغوا بنوده، يخنقونه بأصابعهم كي لا ترتبك كراسيهم باحتجاجات من يفجرون روح الوطن كل لحظة، أما عن احلام الفقراء فليس هناك من شمعة تضئ لهم ظلمة قبورهم، لأن (أحزانهم قبر أحلام، وحيرته غيم على قبرها، والشاهد القمر
أقيس المسافة بين حزني وحزن الوطن، فينفلت القلب من هدوئه ويهرب بعيدا في نبضه المتسارع، لعله بلحق ولو مرة بتسارع نبض الحزن الذي يمتص ضوء عيون الوطن، فكل أحزان الكون تقف حزنا على حزن وطننا، وترمي بقفازها في وجوه حكامنا الذين أباحوا لأنفسهم أن يسخروا من كل ضجر وآلام الوطن، كيف لا وهم يحفرون بكل همجية أبجديتهم في البحث عن منقذ لديمومتهم في كرسي الحكم، كيف لا وهم يموتون حزنا على فقد كرسي من كراسي تواجدهم، كيف لا وهم مستعدون للتضحية حتى بأقرب من ينتمون اليهم من أجل يبقى كرسي حكمهم حكرا لهم ، أي سر بهذا القائم على أربع؟ أية مأساة يخلقها التمسك به؟ هل يدري حكامنا أن ما يجري من انتهاك للدستور وخنق لصلاحياته يتم على أيديهم؟ وهل يدري حكامنا أن الدستور الذي يزعمون أنهم على بنوده سائرين إنما هم يسقونه أخر جرعات الموت، وإلا كيف يفسرون تهاونهم مع من يقتلون الناس دون أن يرف لهم جفن، كيف يفسرون عدم تطبيقهم لبنوده، ألا يعني ذلك خنقه بأصابعهم دون أن يأخذوا بعين الاعتبار الشعب الذي صوت في الاستفتاء عليه؟
أقيس المسافة بين حزني وحزن الوطن، واعرف أن هذا القلب الهارب من هدوئه، لابد أن يلتقي الشمس حتى وأن كحلت الشمس رموشها بالسواد، لأنها شمسنا وهي شمس هذا الوطن.
(تـُكحل الشمس ،أجفانها بالسواد
كي تـُحسَّ بما حولها، وتـُحسنُ
إصغاءها
لأنين الرماد)