مدارات

تركيا.. الحكومة تصادر حرية الصحافة

رشيد غويلب
حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ بزعامة اردوغان تواصل حربها على جبهات متعددة، فمع استمرار عملياتها العسكرية المفتوحة، وقمعها الوحشي ضد قوى اليسار وسكان المدن في كردستان تركيا، تصعد أيضا تدخلها متعدد الأشكال في الصراع الدائر في سوريا. والى جانب هذا كله تشن منذ عدة أشهر ، وبلا هوادة، حربا ضد حرية الصحافة المعارضة والناقدة.
وفي هذا السياق قامت قوات الشرطة التركية، الجمعة الفائت باحتلال مكاتب جريدة "الزمان" التركية، بعد ان وضعتها تحت إشراف الحكومة المباشر. وقالت وكالات أنباء عالمية، ان الشرطة استخدمت الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفريق مئات المتظاهرين، تجمعوا امام مقر الجريدة للتعبير عن تضامنهم ضد إعلان الحكومة الإدارة الإجبارية للجريدة.
وكانت محكمة في اسطنبول قد اصدرت الجمعة قرارا بتعيين طاقم جديد لإدارة الجريدة، التي تتصدر توزيع الصحف اليومية في تركيا ، اذ يطبع منها 650 الف نسخة يوميا. والجريدة تعود لحركة رجل الدين فتح الله غول، الذي أصبح من اشد المعادين لسلطة اردوغان، بعد ان كان حليفه المقرب وساعد في تثبيت سلطة الأخير.
وقامت الشرطة بتعطيل عمل كاميرات المراقبة في بناية إدارة الجريدة لتمنع النقل المباشر لعميلة الاحتلال. وأمرت جميع العاملين بمغادرة مواقع عملهم. ورد العاملون على الشرطة بالهتاف: "اخرجوا ايها اللصوص".
وتتعرض حرية الراي في تركيا لتضييق متصاعد، فهناك ألفا دعوة تشهير وضغط على الصحفيين سنويا، وتنقل وسائل الأعلام صورة دراماتيكية لما يحدث.وحسب تقرير "صحفيون بلا حدود" تحتل تركيا التسلسل 149 من مجموع 180 دولة، بقدر تعلق الأمر بحرية الصحافة. وترى منظمة العفو الدولية ان ضربة قاسية توجه لحرية الصحافة، وقال الخبير في المنظمة العالمية اندرو غاردنر في لندن الجمعة الفائت" ضرب الصحف يؤدي إلى موتها، والى خنق الأصوات الناقدة، وان ضربات حكومة الرئيس اوردوغان توالت لحقوق الإنسان".
ويأتي فرض الإدارة الإجبارية على جريدة الزمان في وقت يجري فيه رئيس المفوضية الأوربية دونالد تاسك مع الرئيس التركي مباحثات حول ازمة اللاجئين، والقمة المشتركة، التي ستبدأ اليوم بين الإتحاد الأوربي وتركيا. وبعد فرض الرقابة على الجريدة، عبرت الولايات المتحدة، حليفة اردوغان، عن مخاوفها، وقال المتحدث وزير الخارجية جون كيبربي الجمعة في العاصمة الأمريكية " في الديمقراطية يجب ان لا تصمت الأصوات الناقدة، بل ينبغي تشجيعها"، وان هذه الخطوة هي واحدة من سلسلة إجراءات مثيرة للقلق ضد وسائل الأعلام.
وقال رئيس تحرير النسخة الإنكليزية من الجريدة لوكالة الصحافة الألمانية في اسطنبول: "هذه نهاية حرية الصحافة في تركيا، وهذا يتعارض مع دستورنا. و "لا وجود لدولة القانون في تركيا بعد اليوم، لقد قامت الحكومة بمصادرة جريدتنا".
وكانت المحكمة الدستورية في تركيا قد أطلقت سراح "كان دوندار" رئيس تحرير جريدة "الجمهورية" المستقلة، وزميله ارديم غول مدير مكتب الجريدة في العاصمة التركية، اللذين اعتقلا في تشرين الثاني الفائت للتحقيق معهما، ويواجه الصحفيان عقوبة تصل إلى السجن المؤبد. من جانبه انتقد اوردوغان قرار المحكمة العليا في البلاد بالقول: " اقولها بصراحة ان لا احترم القرار وسوف لن اخضع له". وستبدأ محاكمة كلا الصحفيين، بتهم التجسس، وكشف اسرار الدولة، في الخامس والعشرين من آذار الحالي. وكانت المحكمة الدستورية قد رأت إن حرية الصحفيين وحقوقهما الشخصية قد تعرضت للانتهاك.