مدارات

الأزمة السورية هيمنت على أجواء قمة العشرين / رشيد غويلب

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الولايات المتحدة وروسيا لم تنجحا في ردم الهوة بين موقفيهما ازاء التدخل العسكري المحتمل في سوريا
وأكد الرئيس الروسي في مؤتمر صحفي عقده في اليوم الاخير من قمة العشرين في مدينة سان بطرسبرغ (لينينغراد سابقا)، بعد لقائه بالرئيس الامريكي:" ان زعزعة استقرار منطقة الشرق الاوسط بعمل عسكري ستكون لها نتائج عكسية". وفي الوقت الذي تتبنى فيه الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وتركيا توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري تصر روسيا والصين واكثر البلدان الصاعدة المشاركة في القمة على رفض الحرب كوسيلة لحل النزاع، وفي المنتصف بين الفريقين تقف رسميا المانيا، التي يحاول التحالف اليميني الحاكم، ولأسباب تكتيكية، تجنب الدعم العلني لفكرة شن الحرب، قبل اسبوعين فقط من اجراء الانتخابات العامة فيها.
وكان الرئيس الامريكي باراك اوباما قد حاول الحصول على تأييد زعماء مجموعة العشرين لضربة امريكية لسوريا "لمعاقبتها" على استخدامها المزعوم للأسلحة الكيمياوية. وجاءت نتائج القمة بهذا الشان لتزيد من عزلة الولايات المتحدة الامريكية.
ورغم ان جدول اعمال القمة، التي افتتحت الخميس الفائت واستمرت يومين، كان خاليا من الاشارة للازمة السورية، الا ان الخلاف بشأنها قد هيمن على اجواء القمة وانعكس على نتائجها، ومنذ البداية بات واضحا عدم تخصيص جلسة خاصة لمناقشة الازمة السورية. ولم تجدي نفعا مشاركة الاخضر الابراهيمي المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا، والذي حاول جاهدا تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، بهدف اغلاق ملف الضربة العسكرية، والتوجه لعقد مؤتمر جنيف 2 ، الذي يفقد معناه، فيما اذا نفذت الولايات المتحدة تهديداتها بضرب سوريا.
وانتقدت مندوبة المتحدة للولايات المتحدة الأمريكية سامانثا باور، في تصريحات لها الخميس الفائت في نيويورك، الموقف الروسي بشدة واتهمت الرئيس الروسي فلادمير بوتين بالتعامل مع مجلس الامن كرهينة بين يديه. ويشير خبراء في الشؤون الروسية ان الولايات المتحدة لا ترغب في تصعيد التوتر مع روسيا، لاسيما ان العلاقات بين البلدين وصلت الآن الى مستوى سيئ يذكر بسنوات الحرب الباردة. وقال المتحدث باسم الرئيس الروسي ديمتري بيسكوف ان العلاقات بين البلدين بحاجة الى اعادة نظر، ورغم تاكيده على ان بلاده تتمنى علاقات طيبة مع الولابات المتحدة، الا انه اشار الى ان العلاقات بين البلدين "لا تمر بأفضل اوقاتها".
ويضم ملف الخلافات الامريكية الروسية عدة قضايا منها: المخاوف الروسية من نظام الدفاع الصاروخي الامريكي، او حق اللجوء السياسي الذي منحته روسيا لادوارد سنودن، ويأتي الخلاف بشان اسلوب التعامل مع الازمة السورية ليعمق شقة الخلاف بين البلدين، ما يعني نهاية المحادثات الثنائية بينهما بشان الرقابة على عمليات التسلح، ونزع الاسلحة.
ويذكر ان قمة العشرين انبثقت في عام 2009 في ذروة اندلاع الازمة الاقتصادية - المالية العالمية. وتبلغ حصة بلدان المجموعة 90 بالمائة من الناتج الاقتصادي العالمي، ولكنها مختلفة في توجهاتها السياسية، لذلك تحتاج الكثير من التوافق للوصول الى قرارات مشتركة، وتكون الاخيرة عادة محدودة. ولهذا تتمتع اللقاءت الثنائية بين وفود البلدان المشاركة بأهمية خاصة، فكان هناك لقاء بين الرئيس الروسي والمستشارة الالمانية ميركل، وكذلك لقاء بين الاخيرة وكرستينا لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي، السكرتير العام للامم المتحدة، الذي حذر الولايات المتحدة بشدة من خطر ضربة عسكرية: " ان عملا عسكريا متهور قد يكون له عواقب خطيرة ومأساوية، ويؤدي الى حدوث مزيد من العنف الطائفي" وقال كيمون على هامش قمة مجموعة العشرين يوم الجمعة "ان ثلث الشعب السوري هو الآن في حالة فرار من العنف، ويجب منع تصاعد العسكرة، والبحث عن حل سياسي بدلا عن ذلك ".
وافضل ما حققته القمة لدى مناقشتها القضايا الاقتصادية هو الاتفاق على ضرورة فرض رقابة وتبادل المعلومات بشان التعاملات المالية للحد من التهرب الضريبي الذي تمارسه الشركات الكبيرة.