مدارات

الدور التعسفي لمسجل الشركات في وزارة التجارة / رياض عبيد سعودي

يبدو ان وزارة التجارة ومسجل الشركات فيها تحديداً، مصرة على ان تكون احد عوامل الضعف المعرقلة لعمل الشركات بشكل عام، فهي وان كان عملها مهماً في تثبيت قانونية اجراءات الشركات فانها في نفس الوقت تمارس نوعاً مبالغاً فيه من القسرية في اداء وظيفتها وهي محط شكوى من جميع المتعاملين معها.
فهل يعقل أن العديد من مجالس إدارات الشركات، تعمل الآن دون غطاء قانوني لعدم تصديق العدد الاكبر من محاضر هيئاتها العامة؟ ولو لم نكن نعرف نزاهة أكثر موظفي مسجل الشركات لقلنا ان الفساد يعصف بهذه الدائرة. فكيف نفسر التأخير المتعمد لعدة اشهر الذي اطال من عمر اي معاملة تلجأ اليها الشركات الى المسجل لتصديقها؟
هذا امر في غاية السلبية بالنسبة عمل الشركات عموماً. وكلما حاولنا ان نجد تفسيراً لهذه المشاكل فاننا لا نجد غير الجهل بالقانون او الخوف من اتخاذ القرار المناسب والجرىء في معالجتها او الاستخاف بقرارات الدولة في تشجيع وتنمية دور القطاع الخاص وتطوير امكانياته. بل ان تصرفات دائرة مسجل الشركات عملياً تذهب بالضد من منهجية اقتصاد السوق وهي الفلسفة الاقتصادية التي تعتمدها الدولة. هل هذه التعقيدات جزء من شروط المنافسة الواجب توفرها لنجاح القطاع الخاص في اداء دوره؟
ويمكن ان نشير في هذا السياقة، وفي اطار التعقيدات التي تمارسها دائرة مسجل الشركات في وزارة التجارة، فقد اجتهد احد موظفي الدائرة بان تتم دعوة ممثلي القطاع العام لحضور اجتماعات الهيئات العامة لانتخاب ممثلي القطاع الخاص والمشاركة في الانتخابات تنفيذاً لقرار مجلس شورى الدولة غير الصحيح وغير الملزم.
وحيث ان هذا القرار يتضمن تفسيراً خاطئاً للقانون ويعد تجاوزاً على حقوق المساهمين من القطاع الخاص، فالمادة ( 103/ 1) من قانون الشركات النافذ رقم (21) لسنة 1997 وتعديلاته قد كفلت وحفظت للدولة تمثيلاً، ابتداء من مجلس ادارة الشركة. حيث نصت على تعيين عضوين في مجلس ادارة الشركة يمثلان قطاع الدولة يرشحهما الوزير او وكيل الوزارة المختص للقاطع الذي تعود اليه الشركة، وان حصة قطاع الدولة يمثلون حاملي الاسهم (اي من القطاع الخاص) وينتخبون من قبل الجمعية العمومية للشركة. وترتب على هذا ان الاعضاء الخمسة يتم انتخابهم من الهيئة العامة، وهذا يعني ان حضور ممثلي الدولة في الشركة لغرض اكمال النصاب القانوني للاجتماع فقط، اذ يكون التصويت لممثلي القطاع الخاص ومن مالكي الاسهم حصراً ولا يحق لممثلي قطاع الدولة التصويت.
وبدأت التظلمات والشكاوى تقدم منذ عام 2011 وحتى وقتنا هذا، لتمر في قنوات عديدة منها محكمة القضاء الاداري ومجلس شورى الدولة واخيراً المحكمة الاتحادية التي نقضت قرار شورى الدولة. ولم يكتف هذا الموظف في دائرة مسجل الشركات بصدور قرار المحكمة الاتحادية، وهي اعلى سلطة قضائية، وانما بالغ في التأخير بعرض القرار على وزير التجارة لتختفي المطالعة بين بريد الوزير ستة اشهر كاملة. وبعد مرور كل هذه المدة اعاد الوزير المطالعة الى الموظف المختص ليكمل مسلسل التأخير بإعادتها إلى مجلس شورى الدولة التي نقضت المحكمة الاتحادية قراره، ولا يوجد مبرر لهذا الاجراء لتأخير تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية والشركات تنتظر كل هذا الوقت لتسلم مجلس ادارتها المنتخبة مهامها في ادارة عمل شركاتها.
ألا يدخل هذا الاصرار على عدم تطبيق القرار في باب الفساد الاداري؟ وليس له جانباًُ يمكن ان يفسر به سوى تخريباً اقتصادياً. اهكذا هو التعاون لتشجيع القطاع الخاص؟ الا ينبغي على مسجل الشركات ان يستبعد الموظف المسؤول عن هذه القضية من ادارته لعدم قدرته على تحمل المسؤولية واصراره على تعطيل عمل مجالس ادارات الشركات؟.. اهكذا هي التسهيلات الموضوعية لعمل ممثلي شركات القطاع الخاص؟
ان الاجراء المنصف والواجب اتخاذه هو فتح تحقيق سريع في هذه القضية، التي لا نعتقد انها ستنتهي قريباً ما دام النفس المعرقل يسود مواقع المسؤولية التي تجاهر بالسلبية في الادارة. وهنا لا بد من التذكير بطروحات رئيس مجلس الوزراء في تذليل كل الصعوبات التي تواجه القطاع الخاص.