مدارات

قلق متزايد من الطابع الطائفي للتفجيرات / خضر الياس ناهض

تزايدت العمليات الإرهابية في الآونة الأخيرة، بل وأخذت طابعاً طائفياً، ما أثار القلق لدى العراقيين من احتمال عودة العنف الطائفي، الذي عاشته مدن البلاد عامي 2006 و2007، بهذا الشكل أو ذاك. التفجيران اللذان استهدفا مجلسي عزاء في مدينتي الصدر والدورة، كانا مؤشراً صريحاً على الطابع الطائفي للجهات المجرمة التي تقف وراء تلك العمليات.
رئيس الوزراء نوري المالكي وصف، أمس، هذه الأعمال الإجرامية بأنها "مخطط" لها من قبل دول تسعى لـ"إشعال فتيل الطائفية" في البلاد، داعياً المواطنين الى التعاون مع الأجهزة الأمنية لإحباط ذلك المخطط.
وقال المالكي في بيان له إنه "أثبتت الأعمال الإجرامية الجبانة التي قامت بها المجموعات الإرهابية التكفيرية خصوصا التفجيرات الارهابية التي استهدفت مجالس العزاء في مدينة الصدر والدورة وغيرهما من المناطق بأسلوب واحد عبر الانتحاريين والأحزمة الناسفة، إنها تقع ضمن مخطط واحد لهؤلاء القتلة وأسيادهم في الدول التي تسعى من خلال امكاناتها المالية وأجهزتها المخابراتية الى إشعال فتيل الفتنة الطائفية مجددا وتقسيم العراق وتمزيق نسيجه الاجتماعي".
وأضاف ان "التمسك بالوحدة الوطنية ورصّ الصفوف هما السبيل لإلحاق الهزيمة بهذا المخطط الإجرامي الخطير".
ودعا المالكي الى "المزيد من التعاون بين المواطنين والأجهزة الأمنية والتحلي بأعلى درجات اليقظة من أجل تفويت الفرصة على العصابات التكفيرية الجبانة ومن يقف وراءها، وإفشال مخططاتهم التي تستهدف وحدة العراق وزعزعة أمنه واستقراره".
وكان 275 شخصاً سقطوا بين قتيل وجريح في تفجيرين انتحاريين استهدفا سرادق عزاء في مدينة الصدر شرقي العاصمة، السبت الماضي، بحسب بيان صادر عن قيادة عمليات بغداد.
وشهدت منطقة الدورة جنوبي بغداد، أمس الأول، تفجيراً مماثلاً على مجلس عزاء، قتل وأصيب على أثره العشرات من الأشخاص.
وتصاعدت أعمال العنف في العراق منذ مطلع العام الحالي لتسجل أعلى مستوياتها في خمسة أعوام.
ويطالب عدد من المسؤولين والسياسيين بإقالة القادة الأمنيين الذين فشلوا في محاصرة التدهور الأمني.
وفيما بيّن عضو في لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب أن المشكلة ليست في القادة الأمنيين الذين يقومون برسم السياسات الأمنية، وإنما في رسم خطط الأمن والدفاع، رأى خبير أمني أن القيادات الأمنية لا تستطيع صد الهجمات الإرهابية ما لم يتم سد جميع الثغرات.
وفي اتصال مع "طريق الشعب"، أمس الأحد، قال غالب الزاملي إن "ما حصل من تفجيرات في مدينة الصدر يعتبر فاجعة، كونها هجمة شرسة بربرية راح ضحيتها أكثر من 73 شهيدا و 199 جريحا في مجلس عزاء واحد".
وأضاف أن "مدينة الصدر هي مدينة فقيرة تتميز بتضخم سكاني كبير، لذلك ارتفع عدد الضحايا في هذا التفجير ليطال معظم بيوت هذه المنطقة".
وطالب بـ"محاسبة جميع القيادات الأمنية والتحقيق معهم، وكشف نتائج التحقيق واستبدال القيادات بقيادة أخرى أكثر كفاءة، كونهم عاجزين عن حماية هكذا أماكن".
وبيّن أنه "من سكان مدينة الصدر، وأطالب بحقوقهم، وسنخرج بمؤتمر في مجلس محافظة بغداد للمطالبة بمحاسبة القادة الأمنيين"، داعيا ذوي الضحايا إلى "رفع دعوى قضائية على القوات الأمنية التي يقع على عاتقها حماية المدينة، لأن الاستمرار في هذه العمليات يعتبر إبادة جماعية".
وأكد ضرورة "وضع الحلول اللازمة لهكذا أحداث وما شابهها من عمليات وقعت داخل محيط بغداد وخارجه".
من جهته، رأى شوان محمد طه، عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب، أن "ما يحصل هو ليس فقط خروقات أمنية، بل إخفاق في إدارة الملف الأمني".
وبيّن شوان في تصريح لـ"طريق الشعب"، يوم أمس، أن "البلاد بحاجة إلى تغيير رؤيتها فيما يخص الملفين الأمني والدفاعي"، لافتا إلى أن "المشكلة ليست في القادة الأمنيين الذين يقومون برسم السياسات الأمنية، وإنما في رسم خطط الأمن والدفاع".
بدوره، ذكر المحلل السياسي احمد الشريفي أن "قضية الأمن تنقسم إلى قسمين الأول اشراف ومتابعة وتقع مسؤوليته على عاتق لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب، إما الجانب الثاني فهو الإدارة وتتكفل القوات الأمنية مسؤولية هذه المهمة".
وأوضح الشريفي في تصريح لـ"طريق الشعب"، يوم أمس، أن "القيادات الأمنية في ظل الأوضاع الحالية لا تستطيع صد الهجمات الأمنية ما لم يتم سد جميع الثغرات من خلال الارتقاء بالجانب التسليحي، واستيراد أجهزة متطورة لكشف المتفجرات".
ورأى أنه في حين "استمرت الخروقات الأمنية مع توفر جميع مقومات عمل القوات الأمنية، بإمكان السلطات الأخرى محاسبتهم"، مشيرا إلى أن "القوات الأمنية لا تزال تقاتل في حرب حديثة بجهد جسدي فقط".
وتساءل الخبير الأمني: "هل أوفت الحكومة الحالية بالتزاماتها تجاه توفير أجهزة كشف المتفجرات؟ ولماذا لا تتجه لتجهيز القوات الأمنية بأجهزة حديثة خصوصا وأن أغلب الجماعات الإرهابية تتمتع بأجهزة متطورة؟!".
ولفت إلى أن "عدم المتابعة أدى إلى اخفاق القيادات الأمنية في عملها، لذلك فإذا ما أردنا محاسبة أحد فعلينا أن نحاسب السلطتين التشريعية والتنفيذية معا".