مدارات

رئيس منتدى اليسار الامريكي يتحدث عن طبيعة الحركة الاحتجاجية المتصاعدة في الولايات المتحدة

رشيد غويلب
أجرت جريدة "نيوز دويجلاند" (ألمانيا الجديدة) حوارا مع ماركوس غريج الرئيس المناوب لـمنتدى اليسار في الولايات المتحدة الأمريكية. حول طبيعة وأهداف الحركة الاحتجاجية التي رافقت انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة. وقبل إن نقدم عرضا موجزا لأهم ما دار في الحوار، لابد من تعريف موجز بمنتدى اليسار، وهو مؤتمر سنوي عالمي تضيّفه مدينة نيويورك، ويشارك فيه العديد من قوى اليسار والحركات الاجتماعية في الولايات المتحدة وبلدان العالم الأخرى. واسهم في أعمال دورته الأخيرة (2016) 4 آلاف يمثلون أطياف اليسار بمعناه الواسع.
حركة الاحتجاج مشروعة
وفي بداية الحوار يدافع غريج عن شرعية الحركة الاحتجاجية ضد ترامب، إذ لم يحصل ترامب على العدد الأكبر من أصوات الناخبين، ولكنه أصبح رئيسا بفضل آليات النظام الانتخابي، الذي سبب إحباطا كبيرا لدى الناخبين، وقد كان ذلك واضحا أثناء التصويت وخصوصا في بعض أحياء السكان السود. وكذلك فان تصريحات ترامب العنصرية والمعادية للنساء سلبت منه الشرعية. ومن هنا جاءت انطلاقة "مسيرة النساء" التي بادرت إلى تأسيسها سيدتان أحداهما من هاواي، والثانية من بروكلين، عبر فعالية في الفيسبوك، والتي انتشرت بسرعة فائقة، ومن هنا ولدت اكبر تظاهرة شهدتها البلاد في السنين العشرة الأخيرة. ومعلوم إن الفيسبوك ومنتديات التواصل الاجتماعي الأخرى تحولت إلى أداة تعبئة قوية، فالكثير من الناشطين لديهم ألفا صديق أو أكثر، وحتى المسنين الذي تجاوزوا عقدهم الثامن لديهم حسابات وأصدقاء افتراضيين. وعملت العديد من المنظمات المدنية وغير الحكومية على تمويل الفعاليات الاحتجاجية، وخصوصا المنظمات ذات التاريخ الطويل، والتي تهتم بالنساء المحتاجات والحوامل، والمصابات بالسرطان.
حركة شعبية سياسية
وشارك في الحركة الاحتجاجية الكثير من المهاجرين، انطلاقا من أن جميع مواطني البلاد ينحدرون من عائلات مهاجرة. وعلى الرغم من أن منع السفر ركز على بلدان إسلامية، إلا انه شمل الكثيرين غيرهم. إن الاحتجاجات الحالية حركة شعبية تجاوزت الأجيال، ولون البشرة، والجنس، وهي حركة سياسية بامتياز ، فكل ثالث اثنين يحمل لافتة ورقية كتبها بيده. وأعادت إلى الذاكرة الكثير من إشكال الاحتجاج التي عرفت بها حركة "لنحتل الوول ستريت" في عام 2011، وربما سيكون هناك قريبا مخيم يحاصر واشنطن. وامتازت الاحتجاجات بسرعة تنظيمها، فحال إعلان قرار منع السفر نظمت تظاهرة كبيرة في مطار نيويورك خلال ساعتين، وهنا لعب أيضا الفيسبوك أيضا دورا قياديا، واجتاحت التظاهرات جميع أنحاء البلاد.لقد كان المجتمع المدني يقظا ومستعدا للمشاركة. والتناقض الرئيس الذي قامت عليه الحركة الاحتجاجية هو تهديد ترامب للحياة، والقضية مسالة حياة او موت، وهذه ليست مبالغة، فالرئيس الأمريكي يهدد حياة النساء بسياسته العنصرية الجنسوية، وموقفه من حق الإجهاض يعود إلى القرون الوسطى. ويهدد حياة السكان الأصليين، من خلال مد أنابيب داكوتا لنقل الطاقة، والذي يمر بعدة ولايات أمريكية . وسياسته ضد الحركة المضادة للتغيرات المناخية، والأخطار التي تهدد المواطنين السود وناشطي حركة "حياة السود مهمة"، فضلا عن الخطر الذي يسببه منع السفر بالنسبة لعوائل الذين عملوا مع الجيش الأمريكي كمترجمين في العراق وأفغانستان ويشارك الكثير من البلديات اليهودية في الحركة الاحتجاجية، واصفين دونالد ترامب بـ "غوبلز" في اشارة إلى الشخصية الثانية في النظام النازي الألماني. وعبر غريج عن شكوكه في إمكانية نجاح بيرني ساندرز في كسر سلطة النخبة السائدة في الحزب الديمقراطي.
ساندرز والشبيبة المحبطة
فقد عاد ساندرز إلى النشاط من جديد ويحاول جذب المزيد من الشبيبة في إطار المنظمات القريبة من الحزب الديمقراطي. ولكن أوساط الشبيبة محبطة من نظام الحزبين، وفكرة تأسيس حزب جديد صعبة التحقيق، ولقد استغرق الخضر وقتا طويلا ليصبحوا من الأحزاب التي يدرج اسمها على ورقة الاقتراع. لقد وعد ترامب بالعمل ضد المؤسسات السائدة، ولكن هذه المؤسسات توظفه للسيطرة على الحكومة. في حكومته يجلس المليارديرات بينهم ريكس تيليرسون وزير الخارجية والمدير التنفيذي السابق للشركة اكسون موبيل. وبخصوص أنصار ترامب يشير غريج إلى حوار شهده في احدى المقاهي حيث يقول رجل ابيض من أنصار الرئيس لمواطنه اللاتيني: هذا وطن ترامب، وعليك العودة إلى بلادك. إن أنصار ترامب يعتقدون ان البلد أصبح ملكهم. ولكن المجموعات السكانية من المهاجرين قوية ، وتجيد الدفاع عن حقوقها. إن الصراع في الولايات المتحدة يدور حول الحفاظ على الحقوق وسريان القانون، وأثار ترامب بمراسيمه، وبإقالته وزيرة العدل أزمة دستورية شبيهة بتلك التي نعرفها عن عهد نيكسون. لقد استقال نيكسون بعد فضيحة الووترغيت ، وضمن اسباب اخرى لأنه تدخل في شؤون القضاء. وهذا ما يحاوله ترامب الآن. هناك أزمة دستورية. والدولة متعثرة، والأسواق غير مستقرة، والوضع العالمي هش. وفي الوقت نفسه، فإن الحركات الاجتماعية والشعبية في الولايات المتحدة نشطة جدا. وبالتالي من الممكن إن نسير باتجاه وضع ثوري.