مدارات

في أكاديمية بغداد للعلوم الانسانية : د. جاسم الحلفي عن "ماهية الديمقراطية الاجتماعية وخصائصها"

غالي العطواني
قال الناشط المدني د. جاسم الحلفي ان الديمقراطية شغلت الإنسان في الشرق والغرب على مر التاريخ، وانها لم تأت على طبق من ذهب، بل نتيجة التضحيات الكبيرة التي يقدمها الساعون إليها، مشيرا إلى ان الديمقراطية تولد من رحم الاستبداد، والصراع بين المستبد الذي يمارس النفوذ والتسلط، ومن يريد العيش بحرية وكرامة.
جاء ذلك في محاضرة بعنوان "ماهية الديمقراطية الاجتماعية وخصائصها"، ألقاها د. الحلفي عصر الخميس الماضي على قاعة أكاديمية بغداد للعلوم الإنسانية، وأدارها السيد رامي شاؤول سيمون. فيما حضرها النائب عن كتلة الوركاء الديمقراطية جوزيف صليوا وجمع من الناشطين والمثقفين والأكاديميين.
وسلط د. الحلفي في محاضرته الضوء على تاريخ دولة اثينا التي أشار إلى انها دولة مدنية تضم مجموعة مدن، كل مدينة تحكم نفسها بنفسها، مبينا ان في هذه الدولة كان يعقد اجتماع موسع للشيوخ وحكام المدن، ويستثنى من حضوره العبيد والنساء، ما أدى إلى شعور العبيد بالتهميش، فثاروا على الدولة، واضطروها إلى أن تشركهم هم والنساء في الاجتماعات الموسعة.
وتحدث المحاضر عن الثورات التي قامت من أجل الديمقراطية، ثم بيّن ان الديمقراطية لا تنهي الفوارق الطبقية ما لم تتوفر عناصرها المهمة مثل المواطنة والتعاقدية وحكم الاغلبية الذي لا يعني تهميش الأقلية.
بعد ذلك تناول د. الحلفي الفرق بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية، وأشار إلى ان الديمقراطية في العراق اليوم، سياسية وليست اجتماعية "فهناك قوانين كثيرة أقرت لأنها تصب في مصلحة الكتل المتنفذة، مثل قانون الأحزاب الذي لا يتطابق مع المعايير الدولية". ثم عرج على قانون منظمات المجتمع المدني، الذي أقر في الدورة الانتخابية السابقة، واخضع المنظمات إلى رئاسة مجلس الوزراء، "ما يعني انها خاضعة لرقابة الدولة". كما تحدث عن القوانين التي تصب في صالح القوى المتنفذة مثل قانون الانتخابات والمفوضية، وعن الكثير من القوانين التي لم تقر وهي تصب في مصلحة الشعب، "ما يعني ان الديمقراطية في العراق سياسية وليست اجتماعية".
وقدم د. الحلفي نبذة عن الديمقراطية الاجتماعية، وضرب مثلا عنها في الدول الاسكندينافية، مشيرا إلى ان الناخب في هذه الدول يوصل المُنتخَب إلى السلطة، لكي يوفر له الخدمات ويشرع القوانين التي تخدم الشعب، وتقدم له ضمانا اجتماعيا، وتوفر العيش الكريم والسكن اللائق والتعليم، وغيرها.
واضاف ان الديمقراطية لا تعني المشاركة في الانتخابات فقط، وانها في العراق تتطلب وجود مفكرين يقومون بسن قوانين تخدم المجتمع، وليست قوانين مفصلة على مقاس المتنفذين لتعيد انتاجهم من جديد على كراسي السلطة، مشيرا إلى ان الكثير من المفكرين والفلاسفة اختلفوا حول موضوع سن القوانين الديمقراطية، لكنهم اتفقوا على ان الناخب يريد الأمن والعيش الكريم والمساواة الاجتماعية، والحصول على الضمان الاجتماعي، ولافتا إلى ان المجتمعات التي تعيش في ظل الديمقراطية الاجتماعية تتميز بالتضامن الاجتماعي الذي وصل إلى حد التعاون المجتمعي للحد من التلوث البيئي والمجاعة في بعض الدول، والكثير من الفعاليات التضامنية الأخرى.
وفي الختام قدم النائب جوزيف صليوا باقة ورد إلى د. جاسم الحلفي.