مدارات

فرنسا: حظوظ اليمين الليبرالي هي الأقوى رغم تفوق مرشح اليسار

رشيد غويلب
قرابة أسبوعين تفصلنا عن موعد إجراء جولة انتخابات الرئاسة الفرنسية الأولى في الثالث والعشرين من نيسان الجاري. وإذا ما اعتمدنا آخر استطلاعات للرأي، فيبدو إن الرئيس الفرنسي القادم يمكن إن يكون وزير الاقتصاد السابق واليميني الليبرالي إيمانويل ماكرون. وهذا لا يعني إن باب المفاجآت مغلق، ففي آخر مناظرة تلفزيونية، شارك فيها ابرز المرشحين لخوض السباق الانتخابي حقق المرشح اليساري، والمدعوم من الحزب الشيوعي الفرنسي جان لوك ميلنشون تقدما ملحوظا.
ووفق معايير التقييم المتبعة تقدم ميلينشون المشاركين في المناظرة، اذ رأى 25 في المائة من المشاهدين إن مرشح اليسار كان الأفضل والأكثر إقناعا، وبقدر تعلق الأمر بمشروعه السياسي،استطاع إن يكون بمستوى واحد مع مرشح اليمين الليبرالي ماكرون. وكانت نتائج تقييم المناظرة قد أفرزت الترتيب التالي لأبرز المرشحين: ميلينشون 25 في المائة، ماكرون 21 في المائة، مرشح اليمين المحافظ فرانسو فيون 15 في المائة، اليمينية المتطرفة ماري لوبان 11 في المائة، ومرشح الحزب الاشتراكي الحاكم، اليساري بينوهامون9 في المائة.
فشل الاتفاق على مرشح يساري مشترك
وعلى الرغم من عدم وجود فرصة حقيقية لوصول مرشح يساري إلى جولة الانتخابات الثانية، والتي ستكون حاسمة، فليس هناك ما يؤشر امكانية دمج القائمتين اليساريتين، "فرنسا الأبية" بزعامة جان لوك ميلشيون، وقائمة الحزب الاشتراكي بزعامة المرشح اليساري بينو هامون، ووفق آخر استطلاع للرأي حصل ملينشون على 15 في المائة، متقدما على هامون الحاصل على 10 في المائة فقط.
ولم تنجح مجددا المحاولات المتكررة التي يقوم بها السكرتير الوطني للحزب الشيوعي الفرنسي بيير لوران في عقد لقاء مشترك يضم إلى جانبه مرشحي اليسار، بالإضافة إلى مرشح حزب الخضر جادوت، الذي انسحب من السباق الانتخابي لصالح المرشح الاشتراكي بعد اتفاقه في وقت سابق مع الأخير. ويشدد كل من ميلينشون وهامون على إن وجود وسط واسع من الناخبين المترددين يتيح لكليهما فرصة المضي منفردا في مشواره، على امل تحقيق نتائج افضل مما تعكسه استطلاعات الرأي، وبالتالي الانتقال إلى جولة التنافس الحاسمة.
ولا يعود عدم اتفاق مرشحي اليسار إلى خصومة شخصية بينهما. ومن المرجح إن مسؤولية هذا الافتراق تعود إلى ارتباط هامون بالحزب الاشتراكي، الذي رغم تراجعه وانشقاقه انتخابيا بوضوح، لا يزال يعد نفسه زعيما لمعسكر اليسار بمعناه الواسع. إن العديد من قيادات الجناح اليميني في الحزب الاشتراكي مثل رئيس الوزراء السابق مانويل فالس، ووزير الدفاع دراين، وأغلبية وزراء الحكومة الاشتراكية، اعلنوا، وعلى الضد من وعودهم السابقة، التخلي عن مرشح حزبهم ودعم اليميني الليبرالي ماكرون. ومن جانبه أكد هامون انه لم يتوقع تحول هذا العدد الكبير من قادة الحزب الاشتراكي إلى اليمين. ولا تثق قوى اليسار الجذري ومرشحها ميلنشون بالدعوات المتكررة التي يطلقها هامون لتوحيد جهود اليسار، مستندة في ذلك إلى عدم التزام الرئيس الفرنسي هولاند ورئيس حكومته فالس بالوعود الانتخابية التي أعلناها قبل فوزهم بالانتخابات السابقة، وما تبعها من عودة مكشوفة إلى نهج يميني لا غبار عليه.
وفي ضوء توازن القوى الحالي، فان الحزب الشيوعي وقوى اليسار المتحالفة معه، تعمل على توظيف الحملة الانتخابية لتعزيز رصيد الحزب وحلفائه لتحقيق نتائج أفضل في الانتخابات البرلمانية العامة التي ستشهدها فرنسا خلال العام.
ويبدو إن معركة الحسم في انتخابات الرئاسة الفرنسية ستكون بين ماكرون، وماري لوبان ،اللذين تعطيهما استطلاعات الرأي حتى الآن نسبة متساوية تصل إلى 25 في المائة.و بالتأكيد فإن الأيام القادمة ستحدد هوية السيد الجديد في قصر الأليزيه.