مدارات

البرازيل.. أكثر من 35 مليونا يشاركون في الاضراب العام

رشيد غويلب
لقد كان الثامن والعشرون من نيسان الفائت جمعة سوداء لرئيس حكومة الانقلاب في البرازيل: النقابات، احزاب المعارضة، والحركات الاجتماعية ينفذون ما وعدوا به، تعطيل الحياة في عموم البلاد على مدى 24 ساعة.
لقد عاشت البرازيل الاضراب العام الأكبر في تاريخها منذ 21 عاما. وشارك في الإضراب، وفق معطيات النقابات العمالية، 35 - 40 مليونا شاركوا في الغضب الجماعي ضد اصلاحات الليبرالية الجديدة التي تريد حكومة اليمين بواسطتها تمزيق قانون العمل، وتخفيض المعاشات التقاعدية. لقد عطل العمل في قطاع النقل، والتعليم،والصحة، والمال، والمؤسسات الحكومية، والقطاع الصناعي ايضا، وكانت المشاركة الأوسع في قطاع الصناعات النفطية،والتعدين، وصناعة السيارات في ساو باولو. وشمل الاضراب 128 مدينة برازيلية.
وقال رئيس اتحاد العمال المركزي الموحد فاغنر فريتاس:"لقد كان اكبر اضراب عام". ويأتي المشروع الحكومي لـ"اصلاح" قوانين العمل والتقاعد ليوحد الاتحادات النقابية التي عاشت حالة من التباعد على خلفية الموقف السياسي من عملية عزل رئيسة الجمهورية المنتخبة ديمقراطيا. وشهدت ساو باولو التعبة الأكبر، في المدينة الصناعية وفي مدن الاطراف في منطقة ساو باولو الكبرى، حيث عمال المعادن المنظمون تنظيما جيدا، وحيث العاملون في صناعة النفطية، وكانت استجابة العاملين في قطاع الخدمات والمعلمين كبيرة لنداء الاضراب الشامل. ووصف دوغلاس ازو احد القادة النقابيين في ساو باولو مسارالاضراب بـ"النجاح الكامل". وتوقع ان يضع الاضراب النواب تحت ضغط كبير كاف لسحب مشاريع القوانين في مجلس الشيوخ، وعدم الاستمرار في مهزلة الاصلاح. وبهذا الإضراب قال الشعب بوضوح انه لا يريد مشاريع الاصلاح. والبرلمان انتخب بأصوات الشعب. ولا يمكن قول الشيء نفسه عن الرئيس لأنه انقلابي ولم ينتخبه أحد.
وكان حضور الحركات الاجتماعية قويا الى جانب النقابات في ساو باولو، وخصوص حركة العمال المعدمين. وقامت الشرطة باعتقال ستة اعضاء من الحركة ساهموا في قطع شوارع رئيسية، وبررت الشرطة عملية الاعتقال بتوجيه تهمة الانتماء الى منظمة ارهابية للمحتجين الستة. وصف غويلهيرم بولس، منسق حركة العمال المعدمين، المعتقلين بـ " اول سجناء الاضراب السياسيين ". وطالب برلمانيون ومحامون وممثلو الحركات الاجتماعية الشرطة بالإفراج عنهم فورا.
وعندما حاول المتظاهرون الاحتجاج امام المنزل الشخصي لرئيس الانقلاب ثامر، ضد سياسته،استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.
و من جانبه اكد رئيس الانقلاب على التوسع في مناقشة مشاريع القوانين في البرلمان، ولكنه رفض سحبها. وعبر بيان رسمي عن أسفه لقيام مجموعات صغيرة باعاقة وصول المواطنين الى اماكن عملهم، ثم عاد ليؤكد حق التظاهر.
وتبنت مؤسسات الاعلام الكبيرة الخطاب الحكومي، واصفة المشاركين بالاضراب بمجاميع صغيرة من انصار رئيس الجمهورية السابق "سلفيا دي لولا" تسعى الى تحقيق أهداف سياسية. ولم تتناول وسائل الاعلام المذكورة التحضيرات التي سبقت الاضراب في تقاريرها.
و الإضراب العام موجه ضد الإصلاحات الليبرالية الجديدة للحكومة، التي تشمل، ضمن أمور أخرى التقليل من أهمية اتفاقات تحديد الأجور الجماعية وإضعاف دور النقابات، وتوسيع دائرة الأعمال المؤقتة والاستفادة من الشركات الخارجية الضخمة.ويمكن بموجبها تمديد ساعات العمل لتصل الى 12 ساعة يوميا. ورفع الحد الأدنى لسن التقاعد. ودفع الراتب التقاعدي بالكامل بعد اتمام 49 سنة عمل. وهذا يعني أن الفقر في سن الشيخوخة سيكون لا مفر منه بالنسبة للكثيرين.
والاحتجاج موجه ايضا ضد التعديل الدستوري الذي ينص على تجميد نفقات الدولة، في الحد الأعلى لمدة 20 عاما، في الحد الأدنى لمدة 9 اعوام. و يمكن أن يؤدي هذا إلى تخفيض النفقات الاجتماعية والتعليمية والصحية بنسبة تصل الى 40 في المائة، فضلا عن خفض الحد الأدنى للأجور.